تحتفل ألمانيا اليوم السبت، بذكرى مرور 25 عاما على توحيد شطريها الغربي والشرقي، حيث ستشهد مدنها مراسم احتفالية كبيرة وفعاليات خاصة بهذه المناسبة. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المنحدرة من ألمانيا الشرقية في شريط مصور خاص نشرته بهذه المناسبة إن إجراءات التوحيد جرت بصفة عامة بشكل جيد. وعشية الاحتفالات تظاهر نحو ألف شخص احتجاجا على الاحتفالات بهذه المناسبة، في مسيرة انطلقت من محطة القطارات الرئيسية في المدينة. وجاء إعلان الوحدة بين شطري ألمانيا كخطوة حتمية أعقبت زوال جدار برلين أو جدار الفصل الذي قسم المدينة إلى شطرين غربي وشرقي. فبعد المظاهرات السلمية التي شهدتها مدن ألمانيا الديمقراطية، أي الشرقية تتوجت سلسلة من التنازلات قدمتها حكومة برلين عاصمة الشطر الشرقي بالموافقة في مارس 1990 على إجراء أول انتخابات حرة في خطوة غير مسبوقة منذ 40 عاما انبثقت عنها حكومة ائتلافية ضمت 5 أحزاب. وتم الإتفاق في وقت لاحق بين الحكومة الائتلافية الوليدة وحكومة ألمانيا الغربية التي كانت تتخذ من بون مقرا وعاصمة للشطر الغربي على إعلان وحدة اقتصادية ونقدية واجتماعية اعتبارا من يوليو 1990 بعدما اتضح أن جمهورية ألمانيا الشرقية لم تعد تستند إلى أساس اقتصادي يؤهلها للبقاء كدولة. وفي أغسطس من نفس العام أصدر مجلس الشعب الألماني الشرقي قرارا يدعو الى انضمام ألمانيا الشرقية إلى الغربية وجرى التوقيع في ال30 منه على اتفاقية الوحدة بين حكومتي الدولتين. واحتاجت الدولة الموحدة الوليدة للاعتراف بها كياناً سياسياً استناداً الى العالم الذي كان قائما على أساس ما خلصت إليه الحرب العالمية الثانية، احتاجت موافقة دولية لاسيما من حكومات الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا أي الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية على ألمانيا النازية. وفي صيف 1990 وافق آخر زعيم للاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشوف خلال لقاء جمعه بالمستشار الألماني هيلموت كول على توحيد الألمانيتين شريطة تخلي ألمانيا عن أسلحتها الذرية والكيماوية والبيولوجية كافة وتخفيض عدد أفراد قواتها المسلحة، وأن يتعهد الغرب بعدم امتداد حلف شمال الأطلسي إلى أراضي ألمانيا الشرقية طيلة بقاء القوات السوفييتية هناك. وبهذا الاتفاق أصبح الباب مفتوحا أمام توقيع الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا من جهة، وممثلي الألمانيتين من جهة أخرى على اتفاقية قيام ألمانيا الموحدة. وبالتصديق على الإتفاقية انتهت حقوق ومسؤوليات القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية حيال ألمانيا لتستعيد وقتها السيادة التي فقدتها قبل 45 عاماً على خلفية هزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. ومنذ ذلك الحين توقع العالم مستقبلاً زاهراً لألمانيا بعد توحيد شطريها وهو ما تحقق لها فعلا، حيث أصبحت برلين مركزا هاما لاتخاذ القرارات، وصارت تحظى بوضع متميز في أوروبا بفضل قوة اقتصادها وإسهامها بأكثر من نسبة 27 في المائة من إجمالي الناتج القومي في منطقة اليورو. ورغم التقدم الإقتصادي الذي أحرزته ألمانيا في حقبة ما بعد الوحدة لا يزال شطرها الشرقي يعاني، وإن صح التعبير "عقدة نقص" تتمثل في تذمر شرائح واسعة هناك من تأخر البنى الاقتصادية وتدني الكثير من المؤشرات قياسا بالشطر الغربي للبلاد.