لا تخلو مجالس ومقايل المرابطين في جبهات العزة والشرف، من المساجلات الشعرية الحماسية تارة والساخرة تارة أخرى، والتي تجعل من روح الصمود في الدفاع عن الأرض والعرض ملحمة يسجلها التاريخ بأحرف من نور، ومن فرار جحافل جيش العدو مبعثا للسخرية وعدم الاكتراث بما يمتلكه من عدة وعتاد عسكري. ويتجاذب المرابطين خلال مجالسهم أطراف الحديث حول الملاحم التي يسطرها الجيش واللجان الشعبية في الجبهات والأماكن وأبطالها. وقد أخطأ تحالف العدوان السعودي الأمريكي حين ظن أن بإمكان صواريخه وبوارجه وزحوفاته العسكرية النيل من معنويات المرابطين في الجبهات، وفي المقابل لم تألوا وسائل إعلام العدوان جهدا في التقليل من قدرات الجيش واللجان الشعبية متجاهلة الروح المعنوية العالية التي يتحلون بها وصمودهم الأسطوري وتكتيكهم العسكري الذي أذهل العالم. وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) زارت إحدى جبهات العزة والشرف بمحافظة حجة الحدودية والتقت بعدد من أبطال الجيش واللجان الشعبية الذين تحدثوا عن واقعهم اليومي واستبسالهم في مواجهة العدوان والتصدي له. حيث يقول أبو نسر- كما يحب أن يسمي نفسه- " إن أبطال الجيش واللجان الشعبية في جهوزية تامة على مدار الساعة وفضلا عن ذلك فهم يعيشون حياتهم الطبيعية بلا خوف مما يمتلكه العدو من آليات عسكرية حديثة أو ما يخطط له من عمليات". وأضاف " نحن في ساحات الكرامة نمارس أنشطتنا وعاداتنا كما لو أننا في أحيائنا أو قرانا، وما يمز بداية كل يوم جديد لنا هي حلقات الذكر والإستغفار التي نعقدها فرقا وجماعات متكلين على الله في مواجهة العدو". ويشير إلى أنه بعد الانتهاء من ذلك يبدأ كل فرد في القيام بالمهام الموكلة إليه فالجميع يتحركون وفقا لما صدر اليهم من توجيهات ولا مجال للخلل أو التقاعس فالجميع يعمل كخلية نحل، وبحسب المواعيد المحددة للجميع والتي لا تأخير فيها أو تقديم، يجتمع فريقا من المرابطين حول مائدة واحدة لتناول طعام الغداء، وينتشر في ذات الوقت فريقا آخر. وأضاف أبو نسر" وبعد تناول الغداء نستقطع وقتا للترويح عن أنفسنا حيث نعقد جلسات ومقايل من الأدب والشعر ومن كان ضيف بيننا سيشعر بأنه لا وجود للعدوان، وما إن تنتهي جلسات المقيل نقبل إلى الله طمعا إما في تحقيق نصر أو نيل للشهادة". أما أبو عدنان فقد بدأ حديثه بأبيات شعرية رحب فيها بنا كضيوف، وقال " لو لم نكن متمسكين بالله ونتوكل عليه في كل أمورنا ولو لم تكن قضيتنا التي نقاتل من أجلها عادلة لما كنا هنا نعيش معكم ساعات من الأدب والثقافة". وأضاف "يعتقد العدو الغاشم أن طائراته التجسسية والعسكرية التي تحوم حولنا على مدار الساعة تفزعنا وتجعلنا منزوين، لكننا لا نهاب الموت ولا نهرب من طائراتهم ولا نخاف مدفعيتهم وزحوفاتهم، وقد لقناهم خسائر فادحة لذلك لجأوا إلى سحب جنودهم واستبدالهم بمرتزقة من هنا وهناك حتى تكون الخسارة بالنسبة لهم غير ذات قيمة".. ويؤكد كيفما كان تخطيطهم فإننا بعون لله قادرون على إفشاله. وعن المقايل والمجالس التي يعقدها المرابطين بالجبهات، أشار أبو عدنان إلى أن هذه المقايل والمجالس تتجلى فيها إبداعات المرابطين وتمتزج فيها ثقافاتهم. وقال " ننظم القصائد الشعرية والزوامل المعبرة عما نعيشه، وكثيرة هي الزوامل والقصائد التي نظمها وقالها المرابطين منها ما نستذكر فيها ماضينا ومنها ما نسخر فيها من جيش العدو ومنها ما نجدد فيها العهد لقيادتنا وشعبنا بالوفاء والصمود والإستبسال حتى دحر الغزاة". ويضيف أبو عدنان " أحيانا تمر ساعة أو بضعا من الساعة دون أن نسمع تحليقا للطيران فنستغرب من ذلك الصمت، فيبدأ البعض بإطلاق النكت وسرد بعض الروايات القصيرة والمضحكة. ساعات محددة يرفه فيها أبطال الجيش واللجان الشعبية عن أنفسهم، منطلقين بعدها لمواصلة مهامهم التي يشعرون أنهم خلقوا لأجلها وهي رصد قوات العدوان ومرتزقته واصطيادهم وإقتحام مواقعهم المحصنة، كما يقول أبو عدنان. وأختتم أبو عدنان " تلك بعضا من الأوقات التي نقضيها في جبهات العزة والشرف والكرامة ولسنا غافلين عما يدور من حولنا فهناك من يمدنا بكل ما يحدث ويخطط له العدوان ونحن على جهوزية عالية لمواجهة كل الاحتمالات دفاعا عن الوطن وعزته واستقلاله".