شهد الاقتصاد اليمني خلال الفترة الماضية من انتصار الثورة اليمنية، نموا متسارعا وقفزات نوعية في كافة المجالات الإنتاجية, تمثلت بارتفاع المنشآت الصناعية من الصفر عام 1962م إلى أكثر من 49 ألف منشأة صناعية بنهاية العام الماضي 2003م, وارتفاع المساحات الزراعية المزروعة من أقل من 900 ألف هكتار إلى ما يزيد عن مليون و199 هكتار وتضاعف إنتاجيتها, وكذا تحقيق معدلات نمو كبيرة ومتسارعة في قطاعات الثروة السمكية والسياحة والاستثمار والنفط . وإلى جانب ذلك، تحققت نتائج مدهشة على صعيد الإصلاحات الاقتصادية والمالية, أثمرت عن تراجع عجز الموازنة من 17.1 بالمائة إلى 2 بالمائة، وتوفير تمويلات حقيقية غير تضخمية لتلبية أعباء الإنفاق العام, والسيطرة على التضخم, وتحويل العجز في الميزان التجاري إلى فائض, وتخفيض حجم المديونية الخارجية بما يربو عن 55بالمائة, وارتفاع الأصول الخارجية للبلاد إلى حوالي نصف مليار دولار. وفيما يلي رصد لأبرز النجاحات التي تحققت خلال الفترة الماضية على صعيد القطاعات الإنتاجية والإصلاحات الاقتصادية والمالية: ** الزراعة يساهم قطاع الزراعةالذي يعد من ابرز القطاعات الإنتاجية في اليمن بحوالي 6ر17 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.. كما أن حوالي 74 بالمائة من سكان الريف يعتمدون في معيشتهم على الزراعة أو الأنشطة الأخرى المرتبطة بها, والتي توظف أكثرمن 54 بالمائة من القوى العاملة في البلاد. ومن هنا، فقد أولت الحكومة هذا القطاع خلال الاعوام الماضية أهمية بالغة من خلال تركيزها على زيادة وتوسيع المساحات المزروعة وزيادة الإنتاجية عن طريق تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال, والتوسع في الأبحاث والإرشاد والخدمات البيطرية والتسليف الزراعي, وتوفير مستلزمات الإنتاج واستخدام الأصناف عالية الإنتاجية من البذور المحسنة, وإدخال الأساليب الحديثة في عمليات الإنتاج, إلى جانب إدخال وسائل وتقنيات الري الحديث والتوسع في إنشاء السدود والحواجز المائية, ودعم وتشجيع العمل التعاوني الزراعي وأنشطته المختلفة, وفي مقدمتها دعم النشاط التسويقي والتصديري للمنتجات الزراعية. ونتيجة لذلك، ارتفعت المساحات المزروعة من 975ألف هكتار في عام 1970م إلى 771ر076ر1 هكتار عام 2003م, بمعدل نمو يقدر بنحو 15 بالمائة، حيث ارتفعت المساحات المزروعة بالفواكه خلال نفس الفترة ستة أضعاف ليرتفع إنتاجها من 105آلاف طن إلى 2ر736 ألف طن, واتسعت المساحة المزروعة بالخضروات بشكل مماثل , ليرتفع إنتاجها من 74 ألف طن إلى 7ر833 ألف طن. ففي حين ارتفعت المساحة المزروعة بالمحاصيل النقدية (القطن, البن, السمسم،التبغ) خلال نفس الفترة من 50 ألف هكتار إلى 3ر102 ألف هكتار بمعدل نمو يزيد عن50 بالمائة , وارتفع الإنتاج من 20 ألف طن إلى 289ر71 طن وبنسبة زيادة تقدر بنحو 250 بالمائة . وجاءت الزيادة الأكبر في الإنتاج في محصولي السمسم والقطن, حيث ارتفع إنتاج السمسم من 133ر8 طن إلى 729ر18 طن وبنسبة 120 بالمائة , وتضاعف إنتاج القطن من 036ر13 طن إلى 091ر29 طن.. فيما إرتفع إنتاج البن من 807ر6 طن إلى 608ر11 طن , والتبغ من 394ر4 طن إلى 861ر11 طن. وبالنسبة للحبوب، فعلى الرغم من تراجع انتاجيتها من 873 ألف طن إلى 419ر477 طن في عام 2003م, إلا أن هناك ارتفاعا كبيرا طرأ على إنتاج القمح والذرة الشامية والبقوليات, فقد ارتفع إنتاج القمح من 25 ألف طن إلى 794ر103 طن، والذرة الشامية من 10 آلاف طن إلى 841ر32 طن, وارتفع إنتاج البقوليات من 52 ألف طن إلى 482ر59 طن.. فيما تراجع انتاج الشعير 160 ألف طن إلى 935ر27 طن, والدخن من 626 ألف طن إلى 416ر51 طن. وانعكاسا لهذا التطور الإنتاجي فقد تركز اهتمام الحكومة خلال الفترة الماضية على تطوير النشاط التسويقي والتصديري , حيث تم خلال الاعوام القليلة الماضية على هذا الصعيد تنفيذ عدد من المشاريع بتكلفة تزيد عن 500 مليون ريال, أبرزها إنشاء ست وحدات لجمع ونشر المعلومات التسويقية الزراعية في عدد من المحافظات, ومركز لإعداد الصادرات في محافظة الحديدة, وثلاثة أسواق لبيع الخضروات والفواكة بالجملة في محافظات مأربوحضرموت وصعدة , وكذا إنشاء سوق تجميعي للخضروات والفواكه في منطقة الحسينية, وإعادة تأهيل وتشغيل سوق القرنعة, والمساهمة في تمويل مركز العريش للصادرات الزراعية والسمكية ومجمع باجل التسويقي التعاوني. وخلال العام الماضي 2003م تم تنفيذ 40 مشروعا لتشجيع المحاصيل النقدية بتكلفة إجمالية بلغت 2 مليار و165 مليون ريال, شملت توفير المستلزمات والمدخلات الزراعية, وإنشاء مراكز للخزن والتسويق وإعداد الصادرات, وإجراء دراسة حول الاحتياجات المائية للمحاصيل الحقلية في مختلف البيئات الزراعية, وإدخال أصناف الذرة الرفيعة عالية الإنتاج ومتوسطة النضج إلى مناطق جديدة, وكذا إنشاء حقل المجمع الوراثي للنخيل في سيئون, وتنفيذ البرنامج الوطني للقطن، وإنشاء محطتين للحجر النباتي في كل من حرض والمكلا, بالاضافة إلى إنشاء مشتلين نموذجيين في مديرية عتمة بمحافظة ذمار, وإنتاج وتوزيع حوالي 500 ألف شتلة فاكهة وبن. وإلى جانب ذلك عمدت الحكومة إلى اعتماد استراتيجية عامة بهدف الحفاظ على الثروة المائية والحد من استنزافها, باعتبار ان الزراعة في اليمن تعتمد بشكل أساسي على مياه الأمطار الموسمية التي تشهد تناقصا ملحوظا كل عام، وذلك من خلال إدخال وسائل وتقنيات الري الحديثة والتوسع في إنشاء السدود والحواجز المائية. وخلال الفترة الماضية تم إنجاز 710 سد وحاجز مائي في مختلف محافظات الجمهورية بتكلفة تزيد عن 15 مليار ريال.. كما تم إدخال شبكات وأنظمة ري حديثة لمساحات تقدر بنحو 17 ألف هكتار شملت العديد من أراضي العمل التعاوني والمزارعين في مختلف المحافظات, إضافة إلى توزيع الأنابيب البلاستيكية والمجلفنة وأنظمة تحسين نقل المياه على مساحات قدرها 2169 هكتار. كما شرعت وزارة الزراعة والري باعداد دراسات لتنفيذ أكثر من 200 سد في مختلف محافظات الجمهورية خلال الفترة المقبلة. وتستهدف الخطة الخمسية الثانية للجمهورية اليمنية, زيادة الناتج الزراعي بمتوسط نمو سنوي 6 بالمائة للوصول إلى مستوى أعلى من الأمن الغذائي, وزيادة حجم وتنويع الصادرات, من خلال رفع مستوى إنتاجية الأرض والعمالة الزراعية، بالإضافة إلى تحسين دخل المزارع والارتقاء بمعيشته للتخفيف من وطأة الفقر وانتشار البطالة المقنعة. ** الثروة السمكية يعتبر قطاع الثروة السمكية, من أبرز القطاعات الانتاجية الواعدة, حيث يحتل مكانة مهمة في مكونات استراتيجية الامن الغذائي في اليمن . وتطل اليمن على سواحل بحرية تمتد لاكثر من 2500كيلو متر ، وتحوي مسطحاتها المائية على اكثر من (400) نوع من الاسماك. ورغم متاخمة السواحل اليمنية لمصائد سمكية ذات وفرة عالية على المحيط الهندي, الا أن الثروة السمكية التي تكتنزها هذه السواحل ظلت لسنوات السيطرة الاستعمارية والعهد الامامي بعيدة عن منهج التخطيط والتنمية والاستغلال الامثل. ومنذ عام 1969م نفذت الدولة العديد من الدراسات العلمية والبحوث والمسوحات السمكية التي كشفت عن امتلاك اليمن مخزون هائل من الاسماك والاحياء البحرية، يزيد عن 500 ألف طن. وفي ضوء ذلك تم تنفيذ العديد من المشاريع التي استهدفت تعزيز البنية التحتية للقطاع السمكي ورفع القدرة التنافسية للمنتجات السمكية اليمنية في الاسواق الخارجية. وشهد هذا القطاع اهتماما متزايدا منذ مطلع السبعينات في القرن الماضي، حيث جرى خلال الفترة 78 - 2003 استثمار اكثر من (270) مليون دولار في هذا القطاع. ولتعزيز القدرة الانتاجية للصيادين والجمعيات التعاونية السمكية تم في العام1993م انشاء صندوق تشجيع الانتاج الزراعي والسمكي ، كما تم في المقابل اتخاذ عدد من التدابير والاجراءات الاحترازية لحماية الثروة السمكية من الصيد العشوائي غير المشروع ، والاستغلال المفرط للمخزون السمكي. وقد قام الصندوق خلال الاعوام 1996-1998م بشراء (820) قارب فيبرجلاس ومحرك بحري ب(343) مليون ريال وتوزيعها مجانا على الصيادين تعويضا للاضرار التي لحقت بهم جرء تأميم ممتلكاتهم في العام 1972. وساهم الصندوق في تقديم قروض وتسهيلات مالية للصيادين تجاوزت ال(268)مليون ريال استخدمت في ترميم قوارب الاصطياد الساحلي وتوفير مستلزمات الانتاج السمكي . كما ساهم في تقديم اكثر من (70 بالمائة) من تكلفة انشاء مصنعي الثلج في منطقتي بئر علي والحسينية التابعان للمؤسسة العامة لخدمات وتسويق الاسماك والتي بلغت (88) مليون ريال ، الى جانب مساهمته بنسبة مماثلة في تكلفة انشاء ساحة حراج الاسماك بالمزاد العلني في زنجبار والتي بلغت(9) ملايين ريال . وقد انعكس ذلك بشكل ملحوظ على تعزيز القدرة الانتاجية ، حيث ارتفعت الكمية المصطادة من الاسماك والاحياء البحرية من (78)الف طن في العام 1990م الى (148) الف طن في العام 2001م وحوالي (228) الف طن عام 2003م.. فيما ارتفعت قيمة الصادرات خلال نفس الفترة من حوالي 20 مليون دولار الى 150 مليون دولار. ويساهم الصيد التقليدي بنسبة (90بالمائة) من اجمالي الكميات المصطادة من الاسماك والاحياء البحرية، ويوفر هذا النشاط سبل العيش لشريحة واسعة من المجتمع. ويشتغل حاليا نحو(50) الف شخص بالاصطياد السمكي في البلاد، وتنشط في هذا المجال اليوم (120) جمعية تعاونية سمكية ، منها(28) جمعية في الحديدة و(16) في حضرموت و(11) في المهرة و(10) في سقطرى ، فيما تتوزع البقية على محافظات تعز وشبوة وابينوعدنولحج وحجة. ** الصناعة لم تعرف اليمن الصناعة الحديثة إلا عقب قيام الثورة اليمنية المباركة، وبالتحديد في مارس 1966م عندما تم افتتاح أول مصنع انتاجي حديث للاقمشة في صنعاء, هومصنع الغزل والنسيج. وقد توالت الخطوات عقب ذلك, وخاصة خلال العقود الثلاثة الماضية, حيث شهد هذا القطاع نموا متسارعا, تمثل بارتفاع عدد المنشآت الصناعية بنهاية عام 2003م إلى 375ر49 منشأة, تشغل أكثر من 82 ألف عاملا وعاملة, في حين لم يكن يتجاوز عددها عام 1980م 144 منشأة. وتتوزع المنشآت بواقع 494 منشأة صناعية كبيرة , و2962 منشأة متوسطة، و919ر45 منشأة صغيرة. وتسعى الدولة من خلال خططها المستقبلية إلى تنشيط هذا القطاع ومعالجة المشكلات التي تعيق تطوره, عن طريق تعزيز دور القطاع الخاص وزيادة فعاليته، لكي يؤدي دوره المستهدف في تنمية الصناعات الوطنية وتشجيع الصناعات المعتمدة على المواد الخام المحلية . كما تسعى إلى تنمية وتطوير الصادرات الصناعية وتطويرالصناعات الصغيرة لتواكب متطلبات التنمية, وزيادة معدلات استغلال الطاقات الإنتاجية القائمة، وتحسين نوعية الإنتاج, إلى جانب إقامة ثلاث مناطق صناعية في مثلث عدن/ لحج/ابين/ ومنطقة بروم ( ظلومة) بمحافظة حضرموت, وتقاطع طريق حرض/ الصليف بمحافظة الحديدة، وتوفير كافة التسهيلات والخدمات فيها.