حتل العامل السياسي دورا رئيسا في منظومة البناء الاجتماعي في مجتمعاتنا العربية، فالبناء السياسي بكل مكوناته التقليدية والحديثة " اعني بذلك سلطة القبلية والدولة والحزب السياسي وغيرها من مظاهر السلطة أو التسلط " كانت ومازالت الفاعل المسيطر على منا شط الحياة العامة في مجتمعاتنا العربية بعامة واليمني بخاصة . فالإصلاحات لا يمكن ان تسير بصورة طبيعية ولم تحقق غايتها المنشودة إلا بإصلاح منظومة البناء السياسي " نظام الحكم" باعتبار السلطة هي القوة الطبيعية التي تمتلك إصدار الأوامر في المجتمع وبالتالي على الجميع تنفيذها أوامرها. وينبغي الإشارة إلى الخلط المتداول في المجتمع بين مفهومي السلطة والتسلط . فمفهوم التسلط يختلف عن مفهوم السلطة ، فينطوي مفهوم التسلط إلى النزعة الاستبدادية والقمعية ؛ أما مفهوم السلطة فينطوي على الواجب التي تقوم به تجاه الآخرين و المسؤولية التي تؤديها تجاه المجتمع وإدارته القادرة على خلق المناخ الجاذب لممارسة الحرية والإبداع والاندماج والإنتاج والمحفزة لقيم العدالة والمصلحة العليا للمجتمع. إننا في مجتمع لسنا بحاجة إلى إصدار القوانين فعندنا ما يكفينا وأكثر؛ بل إننا بحاجة إلى " دولة القانون تعمل لمصلحة المجتمع وتحترم حقوق المواطنة وتعمل على ترسيخ ثقافة جديدة قائمة على احترام القانون تتجاوز الثقافة العنف والغا الأخر والممتدة من صرا عات الماضي وأزمات الحاضر و المستندة على مبدأ احتكار السلطة ، اذ نعيش حالة احتكار السلطة بالتسلط من قبل قلة تحكم قبضتها المسيطرة والمترسخت في مفاصل أجهزة الدولة والقوى الاجتماعية والسياسية ذات التوجهات المعارضة أنها سلطات قائمة على العلاقات القبلية والجهوية والقرابية والمصلحة الذاتية ألبحته، انه واقع مشوه يوصلنا إلى حالة انغلاق وتكلس الحياة السياسية التي تمنع ظهور نخب أو تنظيمات سياسية جديدة قادرة أن تنتقل بهذا المجتمع إلى بر الأمان لتحقق قدرا من الرقي والتقدم والوئام الاجتماعي . حيث نتذكر بهذا الخصوص الاعتراضات السياسية إلى تحول دون ظهور نخب سياسية جديدة فإذا ما تم الإعلان عن مثل ذلك فانه يثير الضجة والاستغراب التي تعبدية بعض القوى السياسية تنزل الشكوك حوله والتقليل من شانه ورميه بتهم التخوين والتآمر من كل حدبا وصوب كما دلت على بعض من هذه التجارب خلال مسيرة العشر السنوات الماضية حين يلتقي أطراف العملية السياسية سلطة ومعارضة في خط واحد للوقوف أمام هذا التكوينات أن وجدة وخصوصا إذا كانت مستقلة عنهما، فيبدى كل طرف تعتبرها من أخراج الأخر ضده ، كما حصل عند تشكيل اللجان الشعبية وغيرها. لقد بات من الضروري والضروري جدا - حسب اعتقادي - العمل على زحزحة الجمود السياسي والتفكير الجدي والعلمي والعملي نحو أجرا تعديلات جوهرية على قواعد النظام السياسي والقانوني والإداري والقضائي والديمقراطي وأولها دعم الدولة للشباب بإعادة تاطيرهم والسماح لهم بتشكيل أحزاب سياسية جديدة خارجة عن الأحزاب الحالية التقليدية بدا في القا قانون الأحزاب الحالي . لقد دلت التجارب السياسية السابقة أن هامش الانفتاح السياسي لم يغير شي في الواقع لصالح المجتمع بل أدى إلى تكلس العملية السياسية في المجتمع وحينها عجزت كل القوى السياسية سلطة ومعارضة من أن تجر المجتمع معها نحو إعادة البناء الاجتماعي الذي يحقق مزيد من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والانتقال نجو التفكير بالمستقبل بدلا من التفكير بالعودة نحو الماضي والتمترس وراء حيطان متهالكة ومهترئة لذا فان أي اهتزاز لها ستتحطم على رؤوس الجميع وتصبح مسألة الإنقاذ من تحت الركام أمرا صعبا . فهناك استحقاقات اجتماعية وتاريخية تفرض نفسها مهما حاولنا إهمالها أو تجاهلها إذ لا بد لها ان تعود وتظهر من جديد مرارا وتكرارا ، إذ ان تعمد إغفالها وتجاهلها لم يودي إلا لمزيد من تعقيدها وتفاقم عواقبها فحينها يصعب معالجتها. وبعيداً عن المزايدة والمكايدة والانتقام التي تشبعت بها ثقافتنا علينا جميعاً التبصر بأمورنا والمراجعة النقدية لها، حتى نستطيع وقف المد السونامي القادم لاكتساحنا . انني اعرف وأتفهم لمرارة هذا الطرح عند أولئك الذين حصلوا على والامتيازات والمنافع الذاتية خارج الأطر القانونية والاستحقاقات الطبيعية، فقد يرون أي دعوات لإصلاح النظام ما هي إلاّ دعوات للتأمر تؤدي إلى الفرقة والتجزئة و... الخ. من تلك العنوت التي اعتدنا على سماعها. ولو تفحصنا هذه الاطروحات لوجدنا أن من يستأثرون بالمال العام والذين تأقلموا مع مبدأ اقتناص الفرص والمكاسب الخاصة وحصلوا عليها بعيداً عن مبدأ الكفاءة والجهد والمنافسة الحقيقية ؛ بل بالتملق والرشوة والخداع والغش هم الذين يمارسون تميزق المجتمع وتجزئته وخلق العداوات بين أبنائه . ان مجتمعنا يمر اليوم بما يمكن أن نطلق عليه (بالمحنة السياسية) التي تعود جذورها إلى النخب السياسية التسلطية القابضة على مفردات العملية السياسية، حيث وقد أقدمت النخب السياسية الحاكمة والتحالفات الاجتماعية المتضامنة معها باستقطاب بعض أعضاء النخب السياسية الحزبية المعارضة تحت ادوار مزعومة لهم برئاسة أحزاب سياسية أو مؤسسات حكومية أو المشاركة في السلطة وبغض النظر عن آرائهم وانتقاداتهم طالما أنها لا تتعدى الخطوط الحمراء المزعومه بالوحدة الوطنية بحسب تصوراتهم. أن الحفاظ على الوحدة الوطنية أمل الجميع وواجبهم تتطلب جهود كل أبناء المجتمع في تحقيق الاستحقاقات المجتمعية من رفع للمظلم ومحاربة ومحاكمة الفاسدين والعابثين بمقدرات المجتمع والمستهترين بالنظام والقانون ومصادرين حقوق الآخرين وزحزحت المقصرين بواجباتهم العملية والوطنية أين ما كانوا في المجتمع ، وفتح المجال أمام الشباب وذوي الكفاءات وأصحاب الخبرة والمتخصصين والمخلصين لوطنهم قولا وعملا .. والله من وراء القصد