إعلام العدو: مرة جديدة إصابة مطار "رامون" بمسيرة أطلقت من اليمن    مادورو يأمر بنشر 25 ألف عسكري على حدود كولومبيا    الإسباني كارلوس ألكاراز يحرز بطولة أمريكا المفتوحة للتنس للمرة الثانية    نقابة الصحفيين تجدد مطالبتها بالإفراج عن 9 صحفيين مختطفين لدى المليشيا منذ سنوات    وفاة طفل في مديرية خور مكسر    طفل يقود مركبة يدهس طفة في مارب    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    طنين الأذن .. متى يستدعي القلق؟    ترحيل 1617 مهاجرا غير شرعيا من صعدة    اكتشاف عجائب أثرية في تركيا    اعتراف مثير من مبابي بشأن باريس    الذهب يستقرقرب أعلى مستوى قياسي    اليمن يجدد الموعد مع الأخضر في نهائي الخليج    خالد العليمي ابن رئيس المجلس الرئاسي يمارس البلطجة ويهدد صحفي(توثيق)    سياسي حضرمي يتلقى تهديد بقطع رأسه ويبلغ النائب العام (توثيق)    إسرائيل تكشف بنود مقترح امريكي لصفقة تبادل أسرى في غزة وحماس ترحب    ناشطة تحذر من توسع ظاهرة اختطاف الأطفال وتدعو الجهات المعنية لتحمل مسؤولياتها    سريع يعلن عن عمليات عسكرية واسعة في فلسطين المحتلة    الجاوي: اليمن لن يُحكم بعقلية الغلبة ومنطق الإقصاء    عدن .. قضاة وموظفون يرفعون الإضراب ويعلنون عن اتفاق يعالج مطالبهم    النعيمي يؤكد أهمية استكمال السياسات الزراعية ويشيد بإسهامات الشهيد الدكتور الرباعي    القائم بأعمال وزير الخارجية يلتقي مدير مكتب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن    الحارس وضاح أنور يستحق الثناء والمديح    رئيس الوزراء يشيد بإنجاز منتخب الشباب ويؤكد: أنتم فخر اليمن وأملها المشرق    الرئيس المشاط يتلّقى برقية عزاء من ممثل حركة حماس في استشهاد الرهوي ورفاقه    العلامة مفتاح يزور وزارات العدل والخارجية والثقافة ويشيد بإسهامات وزرائها الشهداء    دائرة الشباب في الإصلاح تهنئ المنتخب الوطني للشباب بتأهله إلى نهائي كأس الخليج    بحشود ايمانية محمدية غير مسبوقة لم تتسع لها الساحات ..يمن الايمان والحكمة يبهر العالم بمشاهد التعظيم والمحبة والمدد والنصرة    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (12)    بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1447ه .. بريد منطقة الحديدة يكرم عدداً من كوادره المتميزين    وفيكم رسول الله    يوم محمدي    الحوار أساس ومواجهة الاستكبار نهج    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 53)    مرض الفشل الكلوي (20)    محافظ عدن يتفقد مشروع مدينة الشيخ محمد بن زايد الطبية    انتقالي المكلا يتقدم ببلاغ للنائب العام يتهم بن حبريش بالتقطع لوقود الكهرباء (وثيقة)    الرئيس الزُبيدي يفتتح قسم الرقود ويضع حجر الأساس لأقسام طبية متقدمة بمستشفى عبود العسكري    مركز الإنذار المبكر يعلن مواعيد الخسوف الكلّي النادر للقمر في اليمن    بعد جهود استمرت لأكثر من خمس سنوات.. فرنسا تعيد إلى اليمن 16 قطعة أثرية    اجتماع بتعز يقر تنفيذ حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية والصيدليات المخالفة    تدشين مشروع إنارة المدخل الغربي لمدينة عتق    "بيت الموتى" في تركيا.. اكتشاف مذهل لطقوس العصر الحجري الحديث    اكتشاف تأثير خطير لمرض السكري على القلب    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يناقش جملة من الملفات الخدمية والإنسانية في سقطرى    اليمنيون.. سفراء وطن بلا حقائب دبلوماسية.. شبانة محمد شفي.. وجه يمني يرفع راية الوطن في منصات بريكس الدولية    سردية اللعبة المكشوفة.. هبوط وارتفاع العملة المحلية والأسعار    رونالدو يتجاوز ميسي في عدد الأهداف بتصفيات كأس العالم    حرمان جيشنا وأمننا من مرتبات 17 شهرا وأموالنا تذهب للأوغاد    تصفيات اوروبا لمونديال 2026: البوسنة تسحق سان مارينو بسداسية    مركز الأرصاد يتوقع أمطارًا رعدية ورياحًا قوية في عدة محافظات    البروي: الاعلام الرسمي بصنعاء يمر برحلة هبوط إلى القاع    من يومياتي في أمريكا .. فقدان    10 علامات تحذيرية تدل على انسداد الشرايين وتهدد صحتك    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    لماذا قال ابن خلدون العرب إذا جاعوا سرقوا وإذا شبعوا أفسدوا    حلاوة المولد والافتراء على الله    مدينة الحب والسلام (تعز)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعز ليست بخير!!
نشر في سما يوم 29 - 09 - 2017

القول بان اليمن كمشكلة ،يمكن ان تعبر عنها "تعز" كحالة معمقة، قول فيه الكثير من المعقولية. فالانقسام الافقي اسطع وضوحا فيها، كتمثيل للهتك الاجتماعي والسياسي الذي تتعرض له البلاد شمالا وجنوبا منذ انقلاب سبتمبر 2014، اما المشكلة المناطقية فيها صارت اكثر تعيينا باعتلالها الجغرافي، وكمائنها الطائفية. ثنائية الشمال والجنوب احد تمظهرات الازمة فيها، فلم يزل يُنظر اليها كشمال الجنوب "المنبوذة"، وجنوب الشمال "المغضوب عليها" .
منذ عقود رأى المفكر ابوبكر السقاف في "حُجريتها" ريفا لمدينة عدن التي لا ريف لها، لهذا لاغرابة ان يعمد النظام الى خلق مواز لا مدني في ارياف اخرى، اشد صلابة قبلية واقرب تمثيلا لبنى الشمال، فبدلا عن "الحجرية" كمرموز للريف الساعي للتخلص من علاقات ما قبل الدولة ،بانخراطه في تمثيلات المدنية "تعليم ومهن وتجارة وهجرة"، غدت الارياف الاكثر تماسك في بنيتها القبلية " صبر وشرعب وماوية والوازعية " هي الاعمق حضورا في التأشير الهوياتي للمواطنة، حسب تعيينات المركز، فصار البندق في هذا المفهوم اهم من المهنة، المستحقرة في الوعي الظلامي والطبقي الذي يزدري الاعمال البسيطة المرتبطة بالمعاش اليومي للناس، ويمارسها عشرات الالاف من ابناء تعز في المقاهي والمخابز والورش والدكاكين في كل مدن ومناطق اليمن .وبدلا عن طبقة رجال الاعمال المتراكمة خبراتها منذ اواسط الاربعينيات في عدن ودول افريقيا صار مهربو الممنوعات في السواحل الغربية احد ركائز صناعة القرار والاكثر سطوة ونفوذا فيها، وبقي المال الوطني ،رداء لعمليات الغسل الطويل في جهاز مصرفي بديل انتجته الحرب وطبقتها، ابطاله صرافون كانوا بالأمس القريب مرافقي مشايخ او عسكر فارون. اغراقها الممنهج في الممنوعات وتحويل شبانها الي مدمنين وخارج العملية التعليمية، والحيلولة دون اندماج ابناء مئات الاسر التي وفدت اليها من شمال الشمال منذ ثلاثينيات القرن المنقضي، قادت الى انتاج وعي شائه بالآخر، الذي وجد نفسه متمترسا في صف ،لم يكن ضمن محمودات تعز فيما مضى.
مع تباشير الربيع العربي، وثورة فبراير "المغدورة" ،تحولت تعز الى ساحة للاحتجاج السلمي، وحضر ابناؤها في ساحات كل المدن ،التي يقيمون فيها كمعلمين وعمال وموظفين دولة، لأنهم رأوا ان عملية التغيير يتوجب ان تبدأ من رفض الاستبداد والفساد والعنف، وما لم تجرؤ عليه الاجهزة القامعة في اكثر الساحات ،جرأت عليه في تعز حين قامت بإحراق ساحة الحرية في 30مايو 2011، في محاولة يائسة من النظام لكسر الثورة. وحين اقتسم فرقاء 2011 حكومة التوافق الوطني التي انتجتها المبادرة الخليجية، زحف اواخر ديسمبر من ذات العام شبانها "اناثا وذكورا" في مسيرة الحياة الى صنعاء، للتعبير عن رفضهم للتقاسم الذي جاء لتصفية الثورة.
وحين اراد الانقلاب "الصالحوثي" اكمال سيطرته على البلاد بابتلاع الجنوب مطلع العام 2015 ،خرج ابناؤها لصد التعزيزات الامنية المرسلة باتجاه عدن بالاعتصام امام بوابة الامن المركزي، فقمعت اعتصاماتهم بعنف. لتبدأ بعدها مأساة حصارها من كل المنافذ لتركيعها. ومنذ مارس 2015 وهي تقاوم الحصار وتستنبت حياتها في صخور القسوة والجحود. اطالة امد الحصار على المدينة ، ونقل الاحتراب الى اريافها، وعلى رأسها الحجرية، يبدو انه مخطط بعناية من اطراف الحرب والمليشيات الملحقة بها لتدمير مرموزاتها المدنية.
في اكثر من مناسبة كانت قريبة من التحرر ،لكنها في كل مرة تعاد الى المربع الاول للفوضى والانفلات والعنف، بتواطؤ طبقة الحرب في كلا المتراسين.
وسط المدينة واطرافها الغربية بمنفذها الوحيد، التي تحررت بفعل تضحيات المقاومين ،صارت بعد عام ونصف عنوانا للانفلات والفوضى، لاسلطة متعينة فيها سوى سلطات الميليشيات، التي تتقاسم احياءها كمورد للجباية ، حتى تمثيل الشرعية فيها اصبح تمثيلا هلامياً ، ويعتاش رموزها من الفوضى والانفلات والجباية في الاسواق والنقاط الامنية مثلهم مثل عناصر الميلشيات. جماعات العنف الديني بمسماياتها المختلفة ،وتدرج فقاعة فعلها العنيف، هي من تدير اكثر الاحياء، وتمارس كل السلطات الفجة، التي تسوقها كنموذج ديني من محاكم وضبط وجباية، وان العشرات ممن يمثلونها من شبان الاحياء، هم من بلاطجة الزمن العفاشي، ومدمني الممنوعات.

تعز تدفع ثمن حضورها الطويل داخل المشروع الوطني الكبير، الذي ما انفكت تنادي به منذ عقود وعمل ابناؤها في كل مكان، وفي كل المهن وفي اقسى الظروف للتعريف به كعنوان للمواطنة والمدنية والتنمية، بعيدا عن عصبوية الصوت الطائفي المستبد في الشمال وجنون الصوت العنصري المأزوم في الجنوب . لهذا هي اليوم ضحية صراع الفرقاء، فهي تحاصر من طرف الانقلاب شرقا وشمالا، وضحية مقاولي الحرب في مناطقها المحررة. يحاول المنقلبون تقديم نموذج مختلف للانضباط الامني والسلطة الموحدة، في الاحياء والمناطق التي يسيطرون عليها، لتبرير افعالهم الوحشية في قصف احيائها، وقتل ابنائها ،وفي المقابل يقدم الطرق "المقاوم" نموذجا سيئا في الادارة . نموذج لم يعد مقبولا بعد عام ونصف من تحرير قلب المدينة واحيائها الحيوية، التي لم تزل غارقة في الفوضى والانفلات والتصفيات ؟؟
شماعة عفاش والحوثيين التي كانت تعلق بها هذه الاعمال، صارت لازمة ممجوجة تبرر لجماعات العنف والفوضى، المحسوبة زورا وبهتانا على المقاومة، لإحكام قبضتها على كل شيء، تركته اجهزة الشرعية، المنشغلة بالجباية وبيع مواد الاغاثة.
تعز ليست بخير ... ولن تكون كذلك في المدى المنظور، مادام نظام الاستبداد التاريخي بأدواته المنشطرة ( شمالا وجنوبا) يريدها متراسا لبنادقه، وعنوانا سيئا لفكرة الرفض والتمرد ، ومادام كل المحسوبين عليها في كلا السلطتين ( الشرعية والانقلاب)، غير منشغلين بآلامها، وجوع ابنائها وموظفيها والعاطلين الذين قذفت بهم الحرب الى ساحات الفاقة, ومنشغلون فقط بتطوير ادوات اتجارهم بدم الضحايا فيها. او امتصاص مقدراتها في المداخل و نقاط التفتيش الي لاتعد ولاتحصى..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.