وأجمل مافي ليل( الدِيْس ):أنك تنام في( الرَّيْم 2)،وتلتقي هناك بالسماء المفتوحة على بحر شاسع من النجوم !! يَذكر الطفل الذي كنتهُ سماءً، ونجوماً أُخرىٰ! عندما أذهب إلىٰ عدن مع أبي ، ننام في( سَّطْح) دكان أخي( فرج )في (حَافَة القاضي3 ) أنظرُ إلىٰ الشارع من السُّطُوح ،فإذا عشرات قد تمددوا فوق أسِّرَتهم الخشبية (قَعَائِد العَطِيْر4)،أو مثلنا فوق السُّطوح إلتماساً لنسمة هواء في حَرِّ( عدن) اللّهاب خاصة في الصيف!، وأغلب شهور( عدن )صيف أو صيف الصيف !! طمَنْ يذهب إلىٰ (عدن )لايبحثُ عن فندق ، أونُزُل ، بل يَنْزلُ عند قريب له يعمل فيها ، أو يستأجر( قَعَادَة خشبية) مشدودة بالحبال بسعرزهيد ، ويَمدُّها في الشارع، وينام ملء جفنيهِ بأمان ، بدون خوف علىٰ حياته ،أو نقوده!! هذه بلد الأمان ، تَحرِسهُ عناية الله ، والناس يعيشون فيها من كل الأجناس ، والديانات مبتهجين !! إنها مدينة تَسيرُ فيها بأمان ، تنام فيها بأمان ، تعيش فيها بأمان، فقط لاتخالف القانون ! وليست سُّطُّوح( عدن ) مِثْلَ( رِيْوم الدِيْس)! #(رَّيْمُ الدِيْس )محاط بسُّور علىٰ ارتفاع كبير لاتخشىٰ معه خطر السقوط ، ولايَنكشف علىٰ الجيران ، بينما سُّطُوح الدكاكين في (عدن )بدون سُّور، ومكشوفة علىٰ كل العمارات !! ## وعادةً يكون الدكان من دَوْر واحد في ركن( الحَافَة )!! ##يَحكي لي أبي ، أنَّ أخي الأكبر( فرج )رحمهُ الله ، كان يمشي أثناء نومه ، ولم يكن يحلو له الاّ السَّيْر علىٰ حَافَة سَّطْح الدكان ،وهو نائماً ، تاركاً أبي في حال رُّعْب !! والأغرب أنه يعود إلىٰ فِراشهِ دون أنْ يَسْقُط !!، وعندما يُخبرهُ أبي في الصباح بما فعل البارحة يَجدهُ لايتذكر شيئاً !، لكنه أقلعَ عن عادة المشي خلال النوم بعد ذلك دون سبب معروف! ##يقول أبي :إنَّ أخي الأصغر( علي) رحمهُ الله ، كان مصاباً هو الآخَربنفس هذه الحالة/المرض ، وكثيراً ماضبطناهُ وهو يفتح باب شُقتنا في الدور الرابع في الشارع الرئيسي( بالمُعَلا5) وهو نائم ، وكان هذا يُصيبُ أمي بالرُّعب !!، فكانت تخفي عنهُ المفتاح عندما نخلد للنوم ## لكنها تضبطهُ في حالة تلبُّس في (البَلَكُون6)أكثر من مرة ، مِمَا أُضطرَها إلىٰ إغلاق بابهِ أيضاً حتىٰ لايقفز من الشُّرفة خلال نومهِ بدون شعور !! والغريب كان في الصباح يَنفي أنهُ فَعَلَ ذلك !! ## أما أبي فيبدو أنهُ قد اِكتسبَ حصانة من معايشتهِ لحالات أخي( فرج) ! ومثلما أقلعَ أخي الأكبر عن عادة المشي فجأة كذلك أقلعَ أخي الأصغر عن ذلك فجأة ! ويبدو أن هذا مرض، أوسلوك وراثي في عائلتنا ، فأخي (صالح) كان يمشي في نومهِ أيضاً !! ليس هذا فقط بل و(يَشْتَرِحْ 7)!!. ******************* ##الهوامش: *(الدِيْس) هي، بلدة الدِيْس الشَّرْقِيِّة في شرق، محافظة(حضرموت)، وهي حسبَ تصنيف (الناشرهنا) بمثابة البطل المكاني لهذه الحكاية، وقد سبقتِ الإشارة إلى ذلك في حلقات سابقات! *(الرَّيْم2): هو سَّطَحُ المنزل، أوالبناء،وأعلىٰ مافيه.، والمفردةمعروفة عربياً بهذا، المعنىٰ في كل الانحاء. *(حَافَة القاضي3) : (الحَافَة) هي الحَارَة،( وحَارَة القاضي) في (كريتر بمدينة عدن) هي مِنْ أقدم، وأشهر الأحياء السكنية والمتميزة جداًفي المنطقة!!. *(قَعَائِد العَطِيْر4):(القَعَادَة هي السَّريْر المصنوع من الحِبَال وقد، امتازتْ بها مدينة(عدن) ذات زمن جميل مضىٰ!! *(المُعَلا5) : إحدىٰ،أجمل وأشهر، وأقدم المناطق في مدينة (عدن)، وبها يقع الشارع الرئيسي وهو حسب الاجماع التاريخي أول أطول ،وأنظف شارع في الجزيرة والخليج!! *(البَلَكُونة6): هي الشُّرْفَة!! . *(يَشْتَرِح7): يَرْقُص، بالعامية كما في معظم محافظاتجنوب البلاد. ويبدو أنَّ لها جَذْرٌ لُغَويٌّ فصيح، حيثُ الرقص حالة من البهجة والانشراح!!. ************************** (صورة الكاتب :من تصميم الصديق العزيز، الفنان التشكيلي المعروف، د. سامي النقيب) ## شاركها *