ماذا تبقى لهذا الإنسان البأس على هذه الأرض المغتصبة من المغول والتتار فالفقر يجثم فوق كل شيئا علي هذه الأرض ، جاثم فوق الأكتاف وفي المعاطف والجيوب والأكمام ، يسكن هذا الإنسان المغبون المسخوط ، الفقر يحمله بين هلاهيله البالية وفي وسط حقائبه المرقعة ، يرضعه لصغاره في قناني الحليب لان إيجاد الحليب شيئا مستحيل . يلعب به الصبية عوضا عن كرة الصوف في الخريف يتقاذفوها في الطرقات وأزقة الحواري وتحت السرير . (( ولد الفقر هنا ويعمر ولا يموت )) عبارة كتبت على الجدران وفوق الأسوار وعلي بيوت الصفيح والخيام وبيوت الطين وزجاج السيارات ، طاعون أسمه الفقر المصطنع المصنوع لنا خصيصا لنا والمدونة علية عناويننا يولد ويتكاثر بسرعة البرق يسكن الطرقات والحارات ويدخل عبر الشقوق يرافق كل ما يتحرك علي قدمين يعشق إنسان السد والفأر . يفرخ من حويصلاته ( الجوع ) القاتل ليرمي بكل الأعراف والمواثيق والأدبيات عرض الحائط يجرد الفتاة من ملابسها الساترة لعورتها قطعه قطعه حتى يصل الي الملابس الداخلية بكل سهولة رغم بكائها ونحيبها وتوسلها والجثوم علي ركبها أمامه ليرحمها ليستر عورتها طاغية أعور كالمسيح الدجال ، يعربد عليها يعريها ليقذف بها بين موائد الشيطان تتلقفها الأيدي والصدور تقهقه في أذنيها الصيحات والمجون وتدور الكؤوس علي صدرها العاري المكسور صعاليك العرب تلهوا بأعذاري الفتيات المنهوبات المسلوبات غنائم الغزوات والغارات الليلية الجوع مربي الرذيلة القاتلة للفضيلة ليعلن للدنيا أنه سيدا فيها بلا منازع .... ويقيد أعناق الرجال بسلاسل محكمة الإغلاق ،أطواق عبودية مكتوب عليها للبيع وليس للاستخدام للرهن وللتأجير المنتهي بالتمليك وبدون قيد أو شرط . يفرخ من حويصلاته الخوف والجبن والخضوع والاستسلام يرعب الشعوب ويبعثر الجموع ويجعلها تتيه في صحراء سناء أربعون عاما . ويغلق الأبواب من أول المساء ويكمم الأفواه ويعقر الرجال كما الجمال عند اللقاء ويجعل الطير ترميهم بحجارة من سجيل فوق رؤوسهم فتجعلهم كعصف مأكول . فماذا بقي لهذا البأس المسكين علي هذه الأرض المحترقة الجرداء فالجثث والرماد يملا المكان فليس أمامه إلا الرحيل أو التسليم أو الانتحار ,,, وهذا ما نصحتنا به العجوزة الشمطاء لكننا لن نستمع للنصيحة بل سنلتف حول يمننا الحبيب ولأن ندعه للذئاب تسرح فيه وتمرح فالوطن للجميع وليس لفئة معينها سنظل نكتب ونكتب ونوقض الضمائر الخامدة ، سنبعث النار من تحت الرماد لنصنع غدا أفضل ومستقبل جديد . ونحن جاهزين لدفع الثمن مهما كان مهر وطننا غالي فنحن جاهزين فلا تكميم الأفواه سيردعنا ولا السجون ستخيفنا ولا عساكر الحادي عشر مساء ستجعلنا نسكت ، لأننا باختصار نحب وطننا ونريد له ألأفضل وهذه رسالة أبعثها أنا وجميع الأقلام الشريفة لكل من يفكر أنه سيخيفنا أو يخرسنا من أجلك يا تراب يمننا الطاهر نحن مستعدون للتعطر به وذرة في عيون من يحاولون سرقة حلمنا من عيون أطفالنا ومن جيلنا القادم ..........