أنثى أخرى تنبع من دوائر الماء لها باع في القصة القصيرة . هذه المرة تأتي من محافظة ذمارالمدينة الباردة صيفاً وشتاءً . مدينة فاتحة ذراعيها للقادمين من الشمال والجنوب من الشرق والغرب ,وتأتي سلمى الخيواني من بين تلك الصخور الملساء الصلبة لتحول تلك الصخور الى ينابيع يشرب منها العطشان ليصبح المتأمل حيراناً يشرب دون أن يرتوي . من هي سلمى الخيواني هي شابة طموحة تريد أن تحول الماضي الى حاضر تكتب القصة القصيرة بأناملها الرقيقة لتقول للماضي: أنت هنا . وتتأمل الماضي والحاضر لتبني مستقبلا جديدا ينبع من ثناياه الحب والصدق قلب سلمى ابيض كاللبن ليس به شوائب أو حقد لأحد. عندما تجد سلمى تحدثك بأسلوب الريف الخالي من تلك المنغصات والمساحيق المزيفة. مجموعتها التي صدرت عن مكتبة البردوني ( ذمار ) ونشرها مركز عبادي تحتوي على 115 صفحة و22قصة ودوائر صغيرة من الحجم المتوسط .سلمى لا تحتاج الى تعريف. هي خريجة جامعة ذمار لغة انجليزية لعام 2010م فراشة كما هي تحوم حول دوائر الماء رقيقه كنسمة هواء بارد في يوم قائظ . كان الإهداء الأول الى والدتها التي كتبت لها واهدت لها . إنها الأم التي كانت البداية في سرد الكلمات . وكان للناشر كلمة الأستاذ عبده علي الحودي مدير عام مكتبة ذمار . قال في البداية:الأحلام الخيال الهدف الواقع.. أربع كلمات يمكننا استثمارها في دائرة العمل الثقافي المؤسسي حيث قال: إن هذه الكلمات تنطبق على المجموعة القصصية الرائعة المعنونة ( دوائر الماء ) للقاصة والأديبة المدهشة سلمى الخيواني التي نعدها طلعة من طلعات الأحلام والخيال والجمال وسنبلة من سنابل الخير والعطاء والمحبة الوطنية . لقد وضع الأخ عبده الحودي النقاط على الحروف . وشكراً لمكتبة البردوني لما تقوم به من إثراء المكتبات بمجموعات جديدة لشابات قدرت على العطاء . أولى القصص لهذه المجموعة هي: النملة السوداء:تقول سلمى: في أحد أروقة الحرم الجامعي ، كن هنالك ينتظرن تشريف الدكتور أستاذ أحد المقررات الجامعية وقد انقضى من الوقت حوالي ساعة إلا ربع. خرجت من بين تلك الكتل السوداء نملة نشطة أخذت تغذ المسير في ذلك الممر الضيق والمؤدي الى قاعة المحاضرات بدأ تحولها في الممر يثير الضحك بين زميلاتها اللواتي يحاولن كتم ضحكاتهن الخافته خوفا من جرح مشاعرها ومن لسانها السليط . سلمى تصف تلك الكتل من النسوة . كنمل يتسللن أروقة الحرم الجامعي وكأن نملة سليمان قد جاءت لتحذر النمل للدخول الى مساكنهن من جنود سليمان تقول سلمى: ظلت النملة تخطو خطواتها لتصل الى قاعة المحاضرات لكن كل النمل قد سبقتها الى القاعة . انسد عليها الباب ولم تستطع الدخول . انه العلم المتأخر في هذه المدينه حيث الجامعة ومدرسة قالت : أما أنا فنملة سوداء بدينة لا استطيع الدخول حتى من ثقب الباب .هكذا تنهي قصتها وكأن الماضي قد تأخر والطريق طويل وشاق . سلام قصة اخرى هي الواقع بذاته وسلام فتاة افتقرت الى ابسط متطلبات الحياة الزوجية فاستغلت عرس دار الكامل لتخرج من ذلك الكتمان لتكون هي العروس . تظهر سلام لتكون نجمة الحفل . صارت النسوة في الحي والأحياء المجاورة ينتظمن في حضور الجلسات المسائية من اجل سلام التي أمتعت الحاضرات لا من اجل العرس. قصة سلام تعطي واقعاً ملموساً ومحسوساً حيث رماها الزمن الى أن تخرج تتنفس بعد أن باعها أبوها الى رجل ثري وكبير السن من هنا جاءت سلام لتجعل الماضي حاضرا والحاضر باسمها الحاضر . لقد وفقت سلمى لذلك فمجتمعنا يفتقد لكثير من القيم وسلام إحدى الضحايا لهذه القيم. أمي والصيصان . قصة أخرى في مجموعة دوائر الماء وأمي والصيصان قصة متميزة لها طعمها الخاص فالبيئة التي تعيشها أمها تفتقر الى ابسط معاني الحياة .تقول سلمى : اليوم مدت بسطتها امام محل لبيع الأشرطة الصوتية وكما هي عادتها اخذت تزعق بصوت عالٍ (دجاج بيض بلدي شقران )للنفاس ومرض الكحة اختلط صوتها مع إيقاعات الأغاني الشعبية المنبعثة من المحل المجاور . يأتي بعده حوار بين البائعه واحد المشترين لم تبع أمها شيئاً هذا الصباح فحرارة الشمس مسيطرة تتحدى الشهور المنصرمة وقد وثقتها بالجفاف والجوع وفجأة رعدت السماء وحمرت . أغلق الباعة دكاكينهم وتلاشت صوت الأغاني الشعبية وفر المتسوقون الى منازلهم ( وكلمة فر توحي ان هناك شيئاً سيقع ) التقطت أمي اشياءها وقطبت حاجبيها. كان يوماً ممطراً بعد جفاف وجوع.. الأم لم تبع شيئاً، كان المطر غزيراً ملئت الشوارع والأزقة .. تقول في آخر قصتها: سمع الجيران صراخ أمي المستغيث ولم يجيبوا واكتفوا بالنظر من النوافذ تثبتت أمي بالفرخ الصغير ادير قفل الباب وقد تجمعت أسفله بقعه من الدم دفعت أمي بنفسها الى الداخل مترنحة قالت لي بصوت متقطع: خذي الفرخ وحضّري الطعام للصغار . هذه هي سلمى وقصصها الواقعية والخيال فهناك قصص كثيرة تثير بها سلمى الواقع بآلامه وآهاته مثل قصة حلوى بالحليب وغرفة الغسيل والأرجوحة وقمصان النوم ونور ، وغيرها من قصص المجموعة والذي يقرأ المجموعة يستمتع بواقع محسوس وملموس .. واقع سلمى خالٍ من الشوائب ، ولا تخلو سلمى من حلم وواقع وخيال وعلم وهدف .ومن خلال حروف ناقصة نجد أنفسنا أمام عاصفة من التصفيق ترافق صعود المتعثر الى منصة التكريم . وأمام الموت الرحيم نجد أنفسنا أمام خيال واسع، أما آخر المجموعة فكانت دوائر صغيرة جدا كانت مسك الختام للمجموعة فلقد كانت دوائر تشبه تلك النياشين التي على صدور الجنود و المعوقين أو الفائزين لتعلو هاماتهم لما قدموا لمجتمعهم . فقارىء المجموعة سيجد نفسه امام الكثير من التحدي لدى سلمى الخيواني لواقعها المتمرد التي تريد تحويله إلى واقع يتلمسه الإنسان لمافاته من ماضٍ ليصنع مستقبلاً جديداً.