باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    مذكرات صدام حسين.. تفاصيل حلم "البنطلون" وصرة القماش والصحفية العراقية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    قيادات الجنوب تعاملت بسذاجة مع خداع ومكر قادة صنعاء    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    على خطى الاحتلال.. مليشيات الحوثي تهدم عشرات المنازل في ريف صنعاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنس في القصة اليمنية
نشر في الجمهورية يوم 13 - 03 - 2007

حظي الجنس باهتمام الفن القصصي، وربما لاتخلو مجموعة قصصية من توظيف الجنس، بشكل ٍأو بآخر في متن القصة، وقد يقوم بعمليات إثارة القارئ واستهواء رغبته في متابعة مجريات الأمور، أو لتصوير واقعة مأساوية تتعرض لها الشخصيات.
بيدَ أن مسألة الجنس أخذت بُعداً معاصراً في ظل الثقافة العالمية الجديدة التي شهدت تحولاً كبيراً ينطلق من تحول في النظرة لمفهوم الإنسان في بعض الفلسفات المعاصرة .. إذ «ترى أن الإنسان كائن جنسي يعرف في ضوء غرائزه واحتياجاته الجنسية ويرد إلى جهازه التناسلي «1» وفي ذلك غياب أو تغييب للذات الإنسانية السوية.
فإذا كانت المجتمعات التقليدية تمارس نوعاً من التنظيم أو القمع للمسألة الجنسية فإن مجتمع اليوم الذي تروج له الآلة الإعلامية الغربية، تتسم بحركة «الجنس المطلق أو المرسل«2» إذ يشيع بأن حق الإنسان الأساسي بل الوحيد هو الاستهلاك وبأن اشباع اللذة هو أقصى تعبير ممكن عن الحرية الفردية «مما أدى إلى تزايد السعار الجنسي وانفصال الجنس عن القيم الأخلاقية الاجتماعية «3».
وقد جسدت القصة اليمنية لاسيما قصص: الغربي عمران ووجدي الأهدل،وهدى العطاس، هذه النزعة.
وقد تبلورت في عناوين قصص الغربي عمران ،مثل: عنوسة«4» ،«مومس» «5» في مجموعة «حريم أعزكم الله، » رجل واحد لايكفي«6» و«ختان بلقيس» «7» ،وفي مجموعة ختان بلقيس، وقصص «فحولة » «8» ،«مومس» «9» ،«العنين» «10» ،«قبلة» «11» في مجموعة «الظل العاري» ،وقصص «كيف تخلو بها» و«المقعورة» و«قواد» منارة سوداء «12».
وفي قصص وجدي الأهدل : وردت في مجموعة رطانة الزمن المقماق العناوين الآتية:-
«حظر سريع الاشتعال» و«امرأة قصيرة القامة» «أنا في حمالة أثداء» «دعارة بلا حدود» «13».
وتمتلئ قصص هدى العطاس بالقصص التي تنضح جنساً ، إذ نجد شخصيات القصص مسعورة جنسياً، وليس معنى ذلك أن الرواد قد خلت من هذا الموضوع إذ نجده لدى محمد عبدالولي وأحمد محفوظ عمر وغيرهما كما نجده لدى من تلاهم من الكتاب في الجيل الثاني ومن ذلك قصة «مراهقة جداًً» لمحمد صالح حيدرة» حيث أضحت المراهقة مدمنة على الجنس ،تقول :«أما بعد أن بلغت السادسة عشرة، فقد أصبح هذا اللمس يشعل شرارة في جسدي، وأحس بتبلد وهيجان داخلي لاينتهي إلا عندما تطبعه شفتان دافئتان على شفتي حينها يتحول البركان الهائج في داخلي إلى غيبوبة تامة تتيح للأنامل الخشنة أن تتسلل إلى مواقع مثيرة».
وتستطرد بسرد مغامراتها مع أحد الشباب، في غرفتها المفعمة بالعطر الباريسي، والحوض المملوء بالكالونيا، والحركات الراقصة.. وكم هي مغرمة باقتحام تجارب جديدة في الجنس باحثة« عن المتعة المتحررة من القيود قبل كل شيء».
في حين كان أبوها يتغاضى عنها؛ لأنه وهو ذو الجاه والثراء والمركز الاجتماعي المرموق قد أغتصب الخادمة الريفية الجميلة التي تعمل في منزله «وتتحول هذه الفتاة ابنة المليونير المرموق ذات الستة عشر ربيعاً إلى فتاة متمردة ،أو شجرة بلا جذور، على حد تعبير أبيها» تبدأ الليلة بالنسبة لي في ملهى أو كازينو، وتنتهى في حضن دافئ».
ولعل القاص يحاول في هذه التجربة أن يتقمص تجارب عربية لاتنسجم مع الواقع اليمني لاسيما في مرحلة كتابة هذه القصة «1977م» ،وربما كتب القاص مجموعته« مراهقة جداً» أثناء تواجده في القاهرة، ولايبعد أن تكون بطلة القصة مستوحاة من الواقع المصري، وقد ذيل قصته بما يشير إلى أنها كتبت في القاهرة، كما أن القصة لاتشير إلى أن شخصياتها يمنية.
أما في قصة المأفون«14» فنجد الرجل فيها يضاجع النساء العاهرات ببساطة وسهولة مدهشة لايكاد يمر يوم ينقطع فيه عن مضاجعة أنثى، إلى أن انغمس في ممارسة هذه اللعبة، وتكوّن لديه إلمامٌ واسع بتجارة النساء، وبأماكن وجودهن، والتفنّن في الحصول على أجود الأنواع وأفضلها».
وفي قصة «الغوص في الطوفان «15» نجد قصة عاهرة تمارس الجنس أمام الملأ،وقد اعتدى عليها أحدهم وافترشها في عتبة صالون، وينتصر لها القاص «حيدرة» الذي يختم القصة بعبارة «تحرير المرأة واجب».
لكن الجيل الجديد أخذ يغمس شخصياته في الجنس حتى يكاد المجتمع يتحول إلى قطيع شهواني لايعترف بحدود ولاتضبطه قيود.
ففي قصة «العنّين «16» نجد أن أستاذ التاريخ واسمه الدكتور «هارون الرشيد» وهو في الستين من عمره، رجل جنسي شبق، فضل دراسة التاريخ على دراسة الطب وكان مبرره أن دراسته للطب ستفقده إبهام والغاز الجسد، يخشى أن يعرف بعد دراسته للتشريح أن الثدي غدة، والعين كتلة من الاعصاب.. وبذلك يفقد الجسد إثارته وجماله، ولذا يستضيف كل يوم فتاة من فتيات الجامعة، إلى فلته تقطر جنساً، وانغاماً وموسيقى وأكلات منشطة« جمبري سلطة خضراء صحن جراد مشوي شرائح لحم الضب الصحراوي ..».
وفي قصة أخرى نجد أن زوج الأم يتحرش بابنتها «وهو يقول نحن نلعب لعبة الظلام وعندما تزوجت اكتشف زوجها أنها لم تعد عذراء فطلقها واستقبلتها أرصفة الشوارع «17».
والرجل الذماري العجوز «18» يظل يتخيل ابنة جاره، وينشغل باله بها حتى وهو في صلاته، وفي لحظة كانت ذمار تشهد زلزالاً مريعاً.
والشاب المثقف في قصة «عنوسة» «19» يتصفح «الملحق الثقافي لإحدى الصحف» المفعم بالكتابات الجنسية، ويتأمل صور الكاتبات، وبدأ يحس بتحول في جسمه وتمدد في أطرافه فكل شيء ينمو في نفسه ولسانه وعضوه التناسلي، وكل شيء عاد في اليوم التالي عدا انتصاب عضوه التقليدي.
خرج إلى الشارع.. وفي الحافلة جلس جوار فتاة أخذت تقترب منه باكراً مع كل حركة لتجامله وهي بهيئة جميلة..
عاد إلى مسكنه اختفى عدة أيام ينتظر أن يعود كل شيء إلى طبيعته دون فائدة، حاول أن يتخلص من محنته، جرب الكي بالنار والوخز بالإبر الشنق بالسقف، مياه ساخنة.. دون جدوى.
شكا أمره لإحدى الحبشيات في الشوارع «ü وفي هذا إشارة إلى دخول العنصر الحبشي في تكوين المجتمع اليمني»... ولما اتضح له أنها لاتفهم لغته نهض.. سار من رصيف إلى آخر فارداً أجنحة المعطف والمارة تبصق فيه.
فكر بزيارة الطبيب، «وأكد للطبيب أنه مريض فقال له ألا تحمد الله» مؤكداً أنه يتمنى ماهو فيه ولو لليلة واحدة.. واعتذر له عن عدم قدرته على علاجه!
ذهب لزيارة طبيبة وشكا لها حاله، قال لها :إني أتعذب.
قالت له: لاتتعذب ،ثم قالت: البس ملابسك، وأرجو أن تعود غداً سأكون جاهزة لعلاجك.
مر وسط صالة تعج بالنساء ارتفعت الزغاريد والدعاء إلى الله بأن يحفظ له شبابه.
عاد إلى الشارع «عبر أرصفة شارع جمال، قاع اليهود، الدائري، توقف عند سور كلية الآداب وإذا بامرأة سوداء ترضع طفلاً ناولته طفلها، وسارت في صمت تتبعه، أشعل مبخرته الطبية خلع ملابسها وفي عجلة ادخلها وسط ماء الحمام غسل رائحة شعرها رقبتها كان يتأمل صدرها يقلب ثديها الوحيد فتح فمها بدون أسنان بدون لسان تجويف أحمر لاحظ كثافة الشعر على أطرافها، أخذ في إزالته بأصابعه، حملها إلى زاوية غرفته، خلع ملابسه وقف وسط غرفته تمنى أن تغني له أغنية ريفية، وعندها اكتشف أنها بكماء، بدأ يغني أغنيته وهو يرقص رقصته الصامتة، كان تمدده يستمر ليعبر من النافذة.. الزقاق.. الشارع ليتحول إلى أعجوبة من أعاجيب صنعاء».
وفي قصة رجل واحد لايكفي «20» ،تتجلى شخصية عبده شوارب الذي أقنعه طبيب الأمراض التناسلية بأن حيواناته المنوية ميتة، بعد أن مضى على زواجه خمس سنوات « جرب فيها أنواع العوازل استخدم حسابات فترة الاباضة، عرف أنواع حبوب منع الحمل حتى يتأخر الإنجاب قليلاً».
يفكر في بدائل ليكون له طفل «ماذا لو تبنيت طفلاً من أطفال الشوارع، أو طفل من أطفال الأخدام..
يرى زوجته «هاهي تتمدد فوق فراشها تنتظر كالأرض الخصبة للبذور تبتسم، شفتاها كنز للقبلات الدافئة وأنغامها تشعل الشبق المدفون» «21».
يراوده هاجس «ماذا لو وضعت معها خطة هل ستقبل أمي بخطتي، لكنهم سيعرفون سري، هل أترك أخي يقترب منها لن يعرف أحد».
قرر أن يذهب إلى أفغانستان على الرغم أنه لم يغادر صنعاء، وترك زوجته ليتيح لها فرصة الاختلاء بأخيه.
«كانا وحيدين على المائدة.. ألقمته قبلة.. اقتربت.. همست .. سحبته إلى نفس الفراش الذي باشر المهمة التعيسة معه ولم تمض أشهر إلا وزوجه حامل سفاحاً، على الرغم من أن القصة تشير إلى خروجه يحمل طفله بعد عشرة أشهر يودع جثة زوجته متوسلاً أن يجعلوا قبرها ملاصقاً لقبر أخيه.
فالقصة تصور عمق الاختلال النفسي والاجتماعي، واستسلام عبده شوارب، لمبدأ الغاية تبرر الوسيلة، وتنتصر فيه نوازع الشر على نوازع الخير.
كما تشير إلى انتشار العوازل وحبوب منع الحمل وسعار الجنس لدى الرجل والمرأة على السواء، وتفشي الخيانة بل الاستهتار بكل القيم الاجتماعية والدينية والتناقض الكائن في الواقع الذي يجسده عبده شوارب بلحيته الملونة وهو يلوذ وسط العتمة بالركوع والسجود، وتتردد في ذهنه الهواجس الشيطانية الخبيثة ويستسلم لها.
وكذلك شخصية آية «ثقب البا عورة» «22» ،التي تسافر الليل وحيدة وتخاطب الجدران «ذكريني بما شاهدت طول السنين هنا كنا نلعب، وهنا كنا نداعب بعضنا متى اشتهى أحدنا الآخر وفي تلك الزاوية كنا نمارس لذتنا نجرب أوضاعاً استثنائية نعب من اللذة عبّاً ألا تذكرين؟!
وتتحرر من ملابسها وتلتصق بالجدار فردت ذراعيها ضغطت بصدرها أخذت تقلب جسدها ،همست يالك من بارد، أين دفء السنين؟
.. تمتمت اللهم صل على النبي.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم «وكان صوت الخير ينبض في أعماقها، لكنها انتقلت إل المطبخ.. أشعلت كومة فحم التقطت الجمر بعناية إلى مبخرة منفرجة.. رفعت صوتها.. محمد تفضل على العشاء.. ثم تصمت وكأنها تنتظر الرد!
ثم تحاور، اللاشيء..
ثم خيل لها أن عابر سبيل يطرق الباب، وتمد يدها تغلق الباب لكنها تتفاجأ بانفتاحه، وكلما حاولت إطفاء الضوء لتغطي عريها لم تستجب الأنوار للانطفاء. قررت أن تواجه مايدور، وعادت تبحث عن الغريب وهي تحدث نفسها: امرأة أو رجل، ماذا في الأمر؟ لماذا أخافه؟ يجب أن أواجهه ومم الخوف؟ لاشيء أخافه، امرأة ورجل فقط».
إن آية تكتسح حاجز الخوف وتقرر المواجهة.
ويدور حوار طويل تحاول أن تستفز رجولته بمفاتنها لكنه طلب منها سجادة، فقالت سجادة ! لكن زوجي حمل سجادته معه حين رحل.
إذا مصحف أو مسبحة أو حتى بخور.
لايوجد غير البخور سآتيك به.
وطلب منها الرحيل إلى حيث لاتدري .. وافقت بعد أن طلبت كشف وجهه، وحينما اقتربت منه لم تجد سوى العباءة ولم تجد شيئاً غير خيوط دخان يتصاعد من المبخرة في رتابة، القصة تحاول أن تجسد شهوانية المرأة في غياب زوجها، ولكن القاص يقدم هذا المضمون بأسلوب يعتمد فيه الإثارة ويتكئ على تقنية اللامعقول.
وكذلك قصة أبو طرطور «23» منارة:إذ يتجلى الزوج عاجزاً جنسياً وقرر له الأطباء عملية بتكلفة 000،15 دولار، تحاول أن تبذل كل السبل لتبعث فيه النشوة.
إن محمد الغربي عمران يلجأ إلى تصوير النوازع الجنسية لدى شخصياته ويدلف من هذه الزاوية إلى نقد النقائض الاجتماعية التي تتسلل إلى بنية المجتمع وتهدّ أساسه، ولذلك لا يتورع القاص أن يقدم «طرحه بجرأة في تناول الموضوعات ذات الطابع الحساس في المجتمع «24»كما أنه ينزع نحو اعتماد لغة جديدة ظل يطمح لها منذ المجموعة الأولى له «كان على نافذتنا أن تستوعب لغة جديدة نكسر بها حصار المسافات » فالمسافات تنكسر المسافة بين اللغة والمتكلم وبين الرجل والأنثى وبين القيم والرغبات.
لكن القاص يمعن في تعرية شخوصه ذكوراً وإناثاً «تمطى عارياً يتحسس الصور الفاضحة «25» أزالت ملابسها قطعة قطعة «صوت أمي » «26» تملكني إحساس قوي بالتعري خلعت طرحتي ، قميصي ، الفوطة، الجوارب الحملات ورقة التوت» «27».
أوقفته وقد خلعت ملابسي « ثقب الباب عورة» .. كما يلجأ إلى تأنيث المكان وتعريته: وتفصح بعض النصوص عن ذلك كقوله :«الظل العاري» و«قرص الشمس المتدلي بدأ يلامس أثداء الأفق» ،والسماء تمطر أثداء» «بل أني كدت أسمع أذان الفجر بصوت أنثوي صاخب وضحكات صاخبة » «28».
ويصور اليمن بأنها شبه جزيرة الذكور» «29» وكأن اليمني لايفكر إلا بالجنس والجنس وحده، فلم تسلم من التحرش حتى المرأة الأوروبية عضوة الوفد البرلماني الفرنسي، يقول في قصة« شبه جزيرة الذكور »:« الجانب اليمني كان عدده يتجاوز المئة ولاتوجد بينهم امرأة، خلعت عضوة الوفد الفرنسي ستارتها، الدرع شفاف ساعد على ظهور تضاريس جسدها، لون بشرتها، تلتقط براعم أغصان القات، وقد تورد خدها بالحمرة، حين نهضت نهض الجانب اليمني احتراماً وحين عرفوا أنها تريد دورة المياه تبرع الجميع بمرافقتها إلى دورة المياه».
ففي المجتمع الجديد لم يعد الجنس مسكوتاً عنه، يدور تحت جنح الليل وبين جدران الغرف المغلقة بل يمتد في فضاءات جديدة، فقصة «مسجد البحر» «30» ترصد معاناة عامل في ملهى «أروى» الليلي بشاطئ أبين خور مكسر، يشرف على تنفيذ البروفات، وإعداد البرنامج الليلي، تدريب الراقصات لضرورة مداعبة الرواد والايحاء لهم بما يثير شبقهم .. لكنها قالت له:
وأنا ؟
.. ماذا ؟ كبيرة ؟ عجوز.
ولما أراد أن يوهمها بأنه مشغول عن أمر النساء أخرجت له رسالة غرامية تكشف عن وله إحدى النساء به لاجادته إمكانيات جنسية فريدة؟ وقالت:
أنت لديك كل هذه الإمكانيات وأنا لديَّ خبرتي..
ولكنه رفض كل العروض والتسهيلات المقدمة له، وعندما رفض طردته بعد أن سلم مفاتيح السيارة والمكتب.
فالجنس أصبح في ملهى، تعد له برامجه وتدرب له كوادره المؤهلة.. إن هناك ما يسمى بصناعة اللذة، والمفارقة العجيبة أن يتم تسمية هذا الملهى باسم «أروى» ،رمز التاريخ والمجد والحضارة، ورمز لحضور المرأة في مضمار الفعل الحضاري، لكن الدلالة هنا عكسية تماما إنها رمز التغييب والسقوط، كما أن إصرار العجوز الحيزبون على ممارسة الجنس مع مدرب المرقص تجسد تفشي هذا السعار حتى لدى هذه العجوز،مثلما رأينا لدى أستاذ التاريخ في قصة سابقة، لكن انسحاب هذا العامل إلى مسجد البحر الذي كاد يتحول إلى ملهى إشارة إلى نوازع الخير التي ظلت تنازعه، ومدى الصراع بين الخير والشر، بين الفضيلة والرذيلة، لكن الجماعة الدينية المتطرفة التي احتلت المسجد تأمره بستر عورته وتطرده إلى البحر، وبذلك تمارس نفياً إضافياً من نوع جديد لهذا العامل الذي ينتهي به الأمر إلى أن يغمره البحر و«هم يقفون يتأملون .. كان يضحك».
ربما لأنه أحس أن البحر هو وحده ملاذ آمن للإنسان.
ولم تكن صنعاء بمنأى عن وجود مثل تلك الأماكن التي تحتضن وتروج للجنس وإن بصورة أخرى، ففي قصة «صنعاء » «31» يتعرف أحد القادمين من القرية على رجل في الخمسين، إمام مسجد ، اسمه عبدالنور«وأصبح صديقاً له، وعرف أن له علاقة متينة بأحد الأشخاص، فتطلع لمعرفة طبيعة العلاقة، وفوجئ بأن ذلك الشخص قواد، فطلب من عبدالنور أن يعرفه عليه فجاء فقال له:
مالديك؟ قال له:
كل مايسر ! بنات صغيرات، نساء محترفات، وأصناف أخرى ؟
كان يحدثني بسرور وأنا أغرق في رمال تساؤلاتي:« لماذا هو بالذات من يقصده القواد دون الشواذ ومروجي الممنوعات؟
وذهب إلى المكان!!
وظهرت عليه ثلاث نساء، في غرفة، وجلس تحت سجادة رسمت عليها «قبة الصخرة».
قال لهم: «هناك غرف عديدة إذا أراد كل منكم الانفراد،كنت أود أن يكون المعروض عليكم أكثر من ثلاث نساء لكن الوقت لم يسعفني، ولهذا جهزت لكم هذه الليلة وهو متاح، فهذه زوجتي وتلك جارتنا الوحيدة، وإلى جوارها إحدى القريبات، والليالي القادمة ستكون أجمل!
كما وقع «مولانا» «32» إمام المسجد في تلك المرأة التي هربت من قسوة الحياة إلى جوار المسجد، كان أبوها يشرب الخمر مع أصدقائه ويجبرها على معاقرته وعلى خدمة اصدقائه .. يحولها إلى فريسة يطاردها في أرجاء الدار وهو يستمتع فلاتجد غير الشارع.
... وكم هو حجم المفارقة أن يكون إمام المسجد هو القائم بهذا الدور، كما أن تسميته بعبد النور، وصورة السجادة المرسومة على قبة الصخرة تجسد نسق المفارقة الفظيعة التي مايفتأ الغربي تصويرها في كثير من قصص هذه المجموعة.
ويبدو أن القاص وجدي الأهدل قاص مهووس بالجنس، ينزع عن لغته لباسها المحتشم ،ويقتحم أسوار «المسكوت عنه» ،ويستعذب إقحام» «ما استقبح ذكره» عند العرب في ثنايا قصته، يقول :ي«شارع الجمال حقاً .. الجمال الانثوي المتموج، عندما كنت في شارع جمال تطوف كزنبور بين المحلات التجارية لتلسع به مؤخرة الفراشات الجميلة مربكاً حيواتها الرخية بفجاجتك الوقحة« «33».
وتتصاعد مظاهر الجنس في الشوارع والأماكن العامة حتى يقول وجدي الأهدل: «أنا في حمالة أثداء » «34» كما يقول:
«كان يسير في شارع القمر مسرعاً كعادته، وفجأة خرجت امرأة من محل عطورات واصطدمت به اصطداماً مأساوياً» «35».
وأصبحت الحدائق أماكن لاشتعال الرغبات «شاب على مشارف الخيال استقر في حديقة الثورة يمضي جل وقته في اعتراض الفتيات المتنزهات » «36».
في محلات الكوافير:«الكوافير لديه غرفة خلفية ملائمة للزوجات الخائنات والجميع في هذا الحي يعلم بذلك» «37» وأماكن الأفراح: ولذا تقول محاسن الحواتي» ممنوع اصطحاب الأطفال » تجعله عنواناً لمجموعتها لأن الأطفال أصبحوا على قدر كبير من معرفة الأسرار الجنسية، وهو ماتكشف عنه قصة الآلية المناسبة المتناسبة«38»،وكذلك الأسواق العامة في السوق :«تشعر أن هناك من يتعمد الالتصاق بها» «39» ،ولذلك فإن النماذج التي تقدمها القصص تستوعب انشغال الجميع بالجنس، المثقف، الأستاذ الجامعي، الفتاة الجامعية، الشاب الجامعي، رجل الأمن، الطفل، العجوز».
ونلحظ أن ذلك يتم في ظل تحول مفهوم الجنس لدى كتاب القصة:
«ربما فقدت متعة تشمم أثداء النساء، لكن لابأس فالملايين أيضاً لاتزال أنوفهم على قيد الحياة ولكنهم لايتذكرون شيئاً عن ألوهية تلك الرائحة» «40».
وتتوغل القصة في رسم طغيان الجنس، وتعدد صور التعبير عنه التي لم تقتصر على الطرفين «الرجل والمرأة».
بل تتعدى الممارسات الجنسية حدودها وتدخل في متاهات الشذوذ كما تصوره قصة «تمثال في بيتنا» حيث ملاعبة القطة «41» والدكتور: محزون يرى غنمة يحملق في مؤخرتها بشراهة يسيل لعابه.. يحاول إمساكها.... «42».
كما تتحدث القصة عن ألوان أخرى مثل «ممارسة العادة السرية» «43» ،وأشكالاً تبين تحطم بنية الأسرة التقليدية فنجد في قصص الأهدل : تعدد الأزواج ،وبحث المرأة عن« بدل فاقد» وبروز ظاهرة « نقل القدم» الذي يطال الزوجة فقصة «نقل قدم» تبين تفاوض بين الزوج 83 عاما والشاب اللجوج ابن الجيران الذي كانت نافذته تطل على سرير نومنا أخيراً خرج الرجلان وعليهما علامة الرضا .. وممارسة الدعارة كما في قصة« دعارة بلا حدود» «44».
«يقال إن امرأة عاهرة جمعت حولها خمسين رجلاً ينتمون لخمسين دولة مختلفة في صالة الترانزيت بالمطار، وبعد أن وضعها رجال الأمن لمدة تسعة أشهر بالسجن وضعت مخلوقاً عجيباً له ملامح شديدة الصعوبة في كل الاتجاهات.. ولذلك لم تخرج من السجن إلا بعد أن كتبت تعهداً على نفسها أنها إذا كررت هذه الحركة العالمية مرة أخرى فيتوجب عليها عندما تخرج طفلها غير الشرعي إلى الوجود أن ترفق معها كتالوجاً».
بل نجد القاص وجد الاهدل يسقط الجنس حتى على عملية القراءة، كما قي قصة «الألعاب الورقية» «45»، وهي قصة تتوسل باللامعقول عبر «الايغال في الزمن القديم لنقل حكاية على لسان شخصية : هي «معمر خساني» ويعتمد على تقنية افتتاحية «حدثني «فلان» قال« ، أو » روى الشاعر كما في «بكائية الحظ » «46»،وهي تقنية تمكنه من إسناد الحكي إلى شخصية أخرى والبوح على لسانها بكل النوازع والقضايا الجنسية، وغير الجنسية.
وقد وردت هذه التقنية في قصة «أنسنة الكتابة النسائية» «47» ،«حدثتنا الكاتبة القصصية، قالت» .... وقد تواترت في مجموعته «صورة البطال» في جميع قصصها الخمس، وقد اسند القصص في اثنين منهما إلى نفسه «حدثنا وجدي الاهدل ،قال:......
وهي مجموعة موغلة في التجريب توظف الحلم والتداخل بين الأزمنة، ولاسيما استحضار المستقبل كما في قصة « صحف الألف الثالث» «48»،وكذلك أنسنة المحسوس، كما في قصة «حكاية القصص الأربع اللواتي هو من درج المؤلف » «49»،وتداخل الشخصيات واللامعقول ،كما هو في قصة «صورة البطال» «50» واستخدام التقنية البصرية المتمثلة بالحاشية التي تمثل إضافة إلى القصة، كما في قصة صحف الألف الثالث «51».
ومع ذلك فلم تخل هذه القصص من النقد الاجتماعي الساخر واللاذع.
وترصد القصة اليمنية اهتمامات الشباب اليمنيين المغتربين في السعودية بالجنس وهم يكررون قصصهم وانتصاراتهم وكل منهم يرضي غروره وينتصر لفحولته «وتبرز شخصية الحضرمي بوظيفة قواد» يقود الشباب إلى بحر من الرغبات «52»،وهناك من يبرز الشباب القائم على المبغي ويعرض قائمة أسعار تتدرج مابين /5 إلى 000،20 ولكم ممارسة سعرها بدءاً من الرؤية والمصافحة، فتقبيل اليد فالوجه... وينتهي ب رحلة تمتد إلى ثلاثة أيام.. ويدفع كل شاب مالديه مقابل أن يحظى بالمصافحة وتقبيل اليد.
هناك بحث دؤوب، وشهية جامحة لشخصيات القصص ذكوراً وإناثاً،فتياناً وشيوخاً، وأصبح الكل يبحثون عن الحرية التي لايرونها إلا في الجنس، وترى الشخصيات أن « الانعتاق لايكمن في العدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل ... الرغبة التي تحاول النظم الاجتماعية أن تقمعها«53».
وكأن النشاط الجنسي قد أصبح مرجعية ذاته «54».
وليس معنى ذلك أن المجتمع اليمني قد أصبح رهين الجنس وأنه قد حطم كل الحواجز والقيم وأصبح امتداداً للمجتمع الغربي، لكن المتأمل في قصص جيل مابعد التسعينيات يجد أنها تسجل شهودها للحظة صراع عنيف، تتجه محصلته النهائية لانتصار القيم الجديدة في الأغلب مما يعني اتجاه المجتمع في اليمن للانخراط في هذا التيار، فالصراع محتدم بين «هاجس الروح هاجس الجسد».
وربما كانت قصص الجيل الأول تصور انغماس الطبقة الحاكمة باللذة فحسب، لكن قصص الجيل الجديد تفصح عن تزايد استهلاك الجنس والاستسلام للذة، في قطاعات المجتمع المختلفة.
وقد هيأت لذلك عدة عوامل متعددة:
منها مفهوم المرأة ورؤيتها لنفسها، كما رأينا في قصة صنعانية وغيرها.
- الانفتاح على العالم في ظل العولمة والترويج للجنس عبر الفضائيات والمؤسسات الأخرى.
- انحسار مد الروح وفيضان المادة.
- قسوة الحياة فيكون الجنس مهربا للمحبطين والمتشائمين ومخرجاً للفقراء يقتاتون منه لقمة العيش.
فالقصة تجسد احتفالاً كبيراً ولاسيما لدى الجيل الجديد برصد تفاصيل هذا الموضوع لتشير إلى مدى استفحاله وتغييب الإنسان في هذه الزاوية من ناحية وقد يلجأ الكتاب إلى ذلك بغية الإثارة لتحقيق الشهرة الفنية متخذين من نصوصهم جواز مرور للدخول إلى عالم القصة بالتمرد على المألوف الفني والقيمي من ناحية أخرى.
- أستاذ الادب والنقد اليمني في جامعة إب
من دراسة اعدها المؤلف والقاها في مؤسسة السعيد الثقافية وننشرها بتصرف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.