اتجه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي شرقا، نحو جمهورية الصين الشعبية لتعزيز موقعه الرئاسي ومحاولة الاستفادة من إمكانياتها الضخمة في مجال الانشاء والاعمار، بعد أن خذله الغرب إثر تراجع الدعم التنموي لنظام هادي الجديد في اليمن. واستغل هادي علاقته القديمة بالرئيس الصيني شي جين بينغ التي نسجها في العام 2008 عند زيارة بينغ لليمن كنائب للرئيس الصيني حينذاك وكان حينها هادي نائبا للرئيس اليمني ايضا، لتعميق العلاقة الاقتصادية والتجارية بين صنعاء وبكين ومحاولة استعطاف الصين في ضخ بعض استثماراتها لليمن وكذا دعم بعض المشاريع التنموية. وأعلنت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) الرسمية أن هادي قوبل بحرارة بالغة من قبل الصينيين وبعطاء سخي، وذكرت أن الرئيس الصيني أبدى استعداده للدعم الكامل والمساندة لليمن من أجل اعادة البناء والاعمار وتقديم مختلف المساعدات الاقتصادية والفنية. وقالت ان الرئيس الصيني أعلن عن تقديم 100 مليون يوان (حوالي 16.4 مليون دولار) كمنحة مجانية لليمن بمناسبة زيارة هادي للصين وكذا تقديم 50 مليون يوان (حوالي 8.2 مليوم دولار) هدية لوزارة الدفاع وأيضا 200 مليون يوان (حوالي 32.8 مليون دولار) قرضا طويل الاجل بدون فوائد. ونسبت الوكالة الى الرئيس الصيني قوله ‘ستقدم الصين كافة اشكال الدعم لليمن وتبني علاقة تعاون بناءة وتقدم المساعدة في مجال الطاقة الكهربائية والاتصالات والبنى التحتية واعادة تجديد وتأهيل مستشفى الصداقة بعدن واستكمال بناء وتجهيز المكتبة الوطنية بصنعاء وتقديم المنح الدراسية ودعم جوانب التعليم العام والفني والتقني ومنظومة للتحديث والاسهام في البنى التحتية'. ووقع الجانبان اليمني والصيني على العديد من اتفاقيات التعاون المشترك وبالذات في مجال إعادة الاعمار والبناء وتنفيذ المشاريع التنموية في اليمن بواسطة شركات صينية، والتي لها حضور فاعل وكبير منذ عقود طويلة، وكانت من أوائل الشركات الأجنبية التي نفذت مشاريع إنشائية وتنموية في اليمن. وعلمت (القدس العربي) من مصادر وثيقة الاطلاع أن هادي اتجه نحو الصين بعد أن واجهت بلاده الكثير من الأزمات الاقتصادية والمالية المتلاحقة والتي أجبرت وزارة النفط اليمنية مؤخرا الى بيع بعض أصولها للبنوك الاستثمارية لتغطية العجز المالي الكبير الذي تواجه الميزانية اليمنية والتي وصلت حدا لم تتمكن فيه من دفع أجور العسكريين، وبالتالي كان الدعم الصيني النقدي المخصص لوزارة الدفاع لتغطية العجز الكبير الذي تواجه وأيضا لتزويدها بالمتطلبات الأساسية وفي مقدمتها الزي الجديد الموحّد للجيش اليمني. وجاءت زيارة هادي للصين في وقت يعيش فيه اليمن حالة غليان أمني وعسكري وتردي الوضع الاقتصادي والذي يتطلب دعم ومساعدة العديد من الدول الكبرى والمنظمات الدولية لتجاوز محنته الراهنة. وقالت مصادر دبلوماسية ل(القدس العربي) ان العديد من القوى المتضررة من مخرجات الحوار الوطني الشامل في اليمن بدأت بتفجير الوضع في اليمن عسكريا وأمنيا في محاولة لارباك الوضع السياسي عبر محاولة إفشال مؤتمر الحوار الوطني الذي يسعى الى الخروج بقرارات حاسمة لشكل الدولة الجديد ورسم الخطوط العريضة لدولة فيدرالية ودستور جديد يضع قواعد متينة لديمقراطية حقيقية. واشارت الى ان القوى التي تضررت من هذا التوجه الجديد الذي يعارض رغباتها في الاستئثار بالسلطة فجّرت الوضع عسكريا في محافظة صعده ولعبت دورا واضحا في تفجير الوضع الأمني في أكثر من منطقة في الشمال والجنوب، ضمن مخطط مرسوم وتوجه ممنهج للدفع بالبلد الى حافة الانهيار الأمني والعسكري والسياسي والاقتصادي. وعانى اليمن خلال الاسابيع القليلة الماضية من انهيار كبير في الخدمات العامة من خلال الانقطاعات المستمرة لخدمة الكهرباء والنقص الحاد في المواد النفطية وشحة المياه عبر الشبكات العامة والتقطع المؤثر لخدمة الانترنت، والتي ترجعها الحكومة الى مخطط ممنهج لضرب الخدمات العامة من قبل المتضررين من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، في محاولة لإظهار الفشل في إدارة الدولة الجديدة. وكانت حملة اعلامية كبيرة طالت العديد من القوى السياسية التي تقف وراء التغيير الشامل في اليمن، وتحوّلت هذه الحملات الاعلامية مؤخرا لتطال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن جمال بن عمر، الذي تعرض لحملة إعلامية شرسة من قبل القوى السياسية المتضررة من التغيير السياسي في اليمن. ودان مؤتمر الحوار الوطني في اليمن أمس الهجمة الإعلامية الشرسة والمنظمة، التي تعرّض لها المبعوث الأممي لليمن وطالب في بيان رسمي الجهات التي تقف وراء هذه الحملة بوقفها من أجل إنجاح أعمال مؤتمر الحوار الوطني وسلامة تنفيذ التسوية السياسية. وقال البيان ‘يدين مؤتمر الحوار الوطني الشامل الحملة الإعلامية المنظمة عبر وسائل إعلامية حزبية وغير حزبية على مساعد أمين عام الأممالمتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بن عمر الذي يبذل جهوداً كبيرة في التيسير لإنجاح أعمال مؤتمر الحوار وسلامة تنفيذ العملية السياسية المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية'. وأوضح أن أعضاء مؤتمر الحوار طالبوا هذه الجهات ب'التوقف عن مثل هذه الحملة المنظمة، التي من شأنها وضع العراقيل أمام العملية السياسية من خلال هذه الهجمة الإعلامية المستفزة لممثل الأمين العام للأمم المتحدة'. في غضون ذلك كشف مصدر يمني مسؤول في منفذ حرض الحدودي بين اليمن والسعودية ان عدد اليمنيين المُرحّلين من المملكة وصل إلى أكثر من 60 ألف يمني خلال أقل من أسبوعين. ويتوقع العديد من المحللين أن العدد الكبير للمرحلين اليمنيين من السعودية قد يخلق أزمة اقتصادية جديدة لليمن، خاصة وأن وزارة المغتربين اليمنيين تقدر عدد اليمنيين المعرضين للترحيل من السعودية وفقا لقانون العمالة الجديد بنحو نصف مليون يمني.