الحديث عن الأقلام المأجورة التي تتخذ من العروبة والإسلام شعارا ومن الصهيونية فكرا وهدفا ومنارا حديث يطول ، لان مثل هذه الأقلام تعودت الارتزاق من لحم العروبة والارتشاف من دمه ،وأصبحت تدس سمومها صبح مساء ونحن نقرا مواضيعها كل يوم ولا نستوحي الهدف الخفي أو اليد المحركة لها ،والتي تبث وتدعوا للخلافات الطائفية في وقت العرب بأمس الحاجة إلى السمو عن هذه الخلافات والدعوة إلى نبذ الماضي ولملمة الجراح وراب الصدع العربي . وعلاوة على ذلك تطاولت هذه الأقلام في السنوات الأخيرة ،وأفصحت عن خبث السريرة، لتعلن للملاء عن تبنيها الفكر الأمريكوصهيوني بصورة مقنعة ومروجة لأهدافه ومتبنية لخططه . بدا هذا المخطط واضحا ضد سورية والمقاومة منذ الهزيمة التي لحقت بالكيان الصهيوني في حزيران 2006م وما تلاه من انتصارات وصمود في غزة .هذه الأقلام ظهرت مؤخرا واعترف أصحابها بتقاضيهم أجور صهيونية لمهاجمة سورية ومحور المقاومة . ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع هو ما نشر مؤخرا في نشوان نيوز بمقال عنوانه (الغزو الثقافي الفارسي عن طريق سورية العروبة ) للكاتب (أبو إياد الاحوازي ) وان كان الكاتب لا يصنف نفسه ضمن المد جنيين العرب .فان الموضوع بقدر ما هو استفزازي فهو لوحة إعلانية ذات برواز صهيوني بطريقة غير مباشرة ربما لم يدركها حتى الكاتب أو أدركها وتغافل ما تعنيه سطوره . وقد لا أكون طرف رسميا املك الرد ولكن باعتقادي أن كل عربي تجري في دمه العروبة ويعرف سورية وتوجهها القومي وتبنيها للقضايا العربية فهو مخول بحق الرد ، واللوم كذلك موجه للموقع الذي أكن له ولطاقم عمله المودة لدفاعهم عن القضايا الداخلية في الشأن اليمني . وأنا بحكم المعرفة الجيدة بسورية والتلامس عن قرب بأبنائها فان الواجب بحجم ما يحتم عليا الرد فانه يوجب عليا إيضاح الصورة الحقيقة لبلد مزجت فصيلة دمائهم بالقومية العربية يقدسون العروبة ويؤمنون بها نهجا وفكرا وعمل . هذه الصورة المشرقة والناصعة في تاريخ سورية الحديثة جعلت من الكيان الصهيوني يحشد طاقاته لكي يلبد الصورة على بعض ضعفاء النفوس وان يرسلوا لهم أفكار مبلورة كمنتج جاهز يتولى بعض العرب تسويقه عن قصد والبعض الأخر عن جهل . هناك مواضيع لا تقبل النقاش أو المساومة فبقدر ما يعرف العرب أن إيران تحتل أراضي عربية فان الجميع يجمع من أدنى الأرض إلى أقصاها بان سورية ما ساومت ولن تساوم عن القضايا العربية . الموقف الثابت لسورية تجاه القضايا العربية جعل العرب جميعا يؤمنون بصوابيته،وجعل الشعوب العربية تلتف حول سورية وقائدها الرئيس الدكتور بشار الأسد ولعل الاستطلاع الذي أجراه موقع CNNبالعربية واختيار القراء للرئيس بشار الأسد شخصية عام 2009م هو اعتراف بقائد يملك قدرة فائقة على الجمع بين صلابة الموقف ومرونة السياسة ويتميز بحس مدرك لقراءة الواقع واستنباط وسائل التأثير الممكنة فيه وتوجيه الواقع لخدمة الأمة . السياسة الحكيمة لسورية جعلت من يصدرون قرار في 2003م لمعاقبتها يعترفون مؤخرا بأهميتها و صوابية نهجها ولعل تقرير بيكر – هاملتون بضرورة مشاركة الدول المحورية في المنطقة وعلى رأسها سورية بمواصلة الحوار حول قضايا المنطقة هو اعتراف بهزيمة من حاولوا بالأمس عزلها . لذلك فالتشكيك في مواقف سورية العربية والقومية بالطريقة التي انتهجها الكاتب يدفعنا لان نظن به إثما ونصنفه لمحور أخر قد يكون برئ منه . ولعل ما أذهلني إشادة الكاتب بدول عربية تقيم علاقات دبلوماسية وإستراتيجية على أعلى المستويات مع الكيان الصهيوني واتخذ منها رمزا للعروبة . ودعوني اطرح ملاحظات مذيله بسؤال للقارئ والكاتب مفادها - تطرح حاليا عدد من الدول العربية مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني ومن ضمنها الدول التي أشاد بها الكاتب . - وتطرح سورية مشروع دعم المقاومة ومشروع ربط البحار الأربعة ومشروع الربط الاقتصادي . والسؤال هل هناك مجال للمقارنة بين ما طرح واي منها يصب في خدمة العروبة ؟ والغريب أن الكاتب أيضا جعل من الترجمة السورية للأفلام الإيرانية مساومة على القضايا العربية متناسيا أن الكثير من الأعمال الإيرانية ترجمت إلى العربية وان هناك من يجيد العربية في إيران وبإمكانهم الترجمة على غرار المسلسلات السابقة وتناسى الكاتب انه الترجمة بأصوات سورية لن تسمح بتجاوز أي خطوط عريضة لا تتناسب مع النهج القومي الذي خطه الرئيس الأسد . وأنا شخصيا كنت أتمنى أن يتحدث الكاتب عن الذين ساوموا على الأرض الفلسطينية والدم العربي وان يجعل من المساومات على القضايا العربية عنوانا لمادته القادمة دون تحيز أو مداهنه . واستغرب كثيرا من المخطط الطائفي الذي تطرق له الكاتب وتحدث فيه عن مساندة سورية لإيران في تنفيذ مخطط طائفي في الوطن العربي متجاهلا لحقيقة المخطط الذي بلورته أجهزة الإعلام الصهيونية لصرفنا عن القضايا الأساسية ولتضرب الأخ بأخيه وتقتله بخنجره والإعلام العربي جعل من ذلك جوهرا لصراع يصنع من الشقيق عدو ومن العدو صديق . ختاما : تحية العروبة لقلعة العروبة وبوصلة العرب دمشق الشامخة في وجه العدو كشموخ جبل قاسيون والصخرة التي تحطمت عليها كل المخططات الغربية وأوجه دعوه للكاتب لان تصيغ أنامله موضوعا يطالب فيه بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني لكي نسجل لمصر والأردن موقف قومي واحد في تاريخهما الحديث .