نعم إنه من عجائب دولة (إسرائيل)، فالمعرض الذي سيُفتتح في الكنيست يوم 15/12/2011 ليست معرضا تجاريا أو صناعيا، وليس معرضا للفن التشكيلي، وليس هو أيضا معرضا للتكنلوجيا الرقمية، أو حتى للمصانع العسكرية، وإنما هو أول معرض لجهاز الموساد الإسرائيلي!! سيعرض الموساد فيه أول إنجازاته، وسيكون شعارُ المعرض "أول عمليات الخطف التي نفذها جنود الموساد عام 1960 " عندما اختطفوا أشهر النازيين أدولف أيخمان من الأرجنتين واقتادوه إلى (إسرائيل)، وحاكموه، ونفذوا فيه حكم الإعدام، وكانت عملية الخطف هي أول وأشهر عمليات الموساد! أما عن المعروضات فهي تتراوح بين الأدوات التي استعملها الخاطفون كالأقنعة والعصابات والأربطة التي وضعت على عيني أيخمان، والوثائق التي زيفوها في الأرجنتين، والأمر القضائي بالقبض على أيخمان الصادر من المحكمة المركزية في القدس، وصور القبض على أيخمان....! وسيكون العرضُ الأول لزائري الكنيست الأجانب ولموظفي الكنيست، ثم سيُنقل إلى أماكن أخرى تحت حراسة مشددة كما يقول مدير عام موظفي الكنيست دان لانداو! ساءلتُ نفسي عن دوافع هذا المعرض الغريب، الذي يُقيمه للمرة الأولى في التاريخ البشري جهازُ مخابرات! فالمعارض في كل أنحاء العالم تقيمها وزارات الثقافة والإعلام ووزارات خدمة الجمهور، أما أن يتولى الموساد هذه المهمة، فهذا أمر يحتاج إلى تحليل! وسأجتهد في التحليل محاولا العثور على السبب، أنا أرى أن هذا العرض يجيء وسط جو عالمي من التذمر والامتعاض من جهاز الموساد الإسرائيلي، وبخاصة بعد عملية اغتيال محمود المبحوح في دبي، وتورط الموساد في تزييف وثائق سفر عدة دول، وكفاءة شرطة دبي وعلى رأسها الفريق ضاحي خلفان التميمي، وكان الموسادُ يستهينُ بكفاءة شرطة دبي، وبخاصة حين عرض الفريق ضاحي صور منفذي العملية من أرشيف الشرطة! فكانت تلك الفضيحة بحاجة إلى طمس وإزالة، حتى ولو كان الدواءُ افتتاحَ المعرض الأول لأشهر بطولات الموساد!أما التحليل الثاني، فيعود بالدرجة الأولى إلى الصراع الدائر والمكشوف في حكومة نتنياهو، بين قادة الموساد السابقين، وعلى رأسهم الجزَّار مائير داغان، والرئيس الحالي، الذي لم يحقق حتى الآن إنجازات كبيرة، وهو تامير باردو! كما أن جهاز الموساد الحالي نسي أو تناسي مؤسسي الموساد الأوائل، ممن لفظوا أنفاسهم أو ينتظرون، لذا فإن المعرض أكبر دعاية لبطولات أرسين لوبين الإسرائيلي! اما التحليل الثالث، فهو يعود إلى طبيعة عمل جهاز الموساد في الألفية الثالثة، فلم يعد بإمكان الموساد في هذه الألفية المكشوفة، وفي العالم المكتظ بوسائل التكنلوجيا، أن يضفيَ على (إسرائيل) القوةَ والمنعة والحصانة، وأن يُسدلَ الغموضَ على مصدر قوتها، كما اعتاد في القرن الماضي! ف(إسرائيل) اليوم ليست سوى دولة كباقي الدول، فهي قد تربح وقد تخسر، شأنها شأن الدول الأخرى، وهذا بالتأكيد أشدُّ ما يُزعجها في عالم اليوم!! فهل يمكن لمعرض الموساد المزمع افتتاحُهُ أن يكون بِدعةً جديدة (لإسرائيل) لكي تحافظ على هيبتها ومناعتها وقوة جيشها وأنظمة استخباراتها، لتستعيد مجدها الغابر في القرن الماضي، كدولة يمكنها أن تهزم كل الدول في الشرق الأوسط؟! دنيا الوطن