تعارف العاملون في مطار القاهرة الدولي- أمنيين واداريين وفنيين- على تسميتها «طائرة الاسعاف» اما سيارات الاسعاف في مطار القاهرة فيكاد يقترن تحركها لاستقبال ونقل المرضى مع الاعلان عن وصول طائرة الخطوط الجوية اليمنية «طيارة الاسعاف» وهي من اكتسبت هذا اللقب عن جدارة، لكثرة نقلها للمرضى أو من يذهبون للاستطباب، وكثير منهم لايفعل ذلك الا في الوقت غير المناسب.. اي عندما يتأكد من اقتراب زيارة ازرائيل ليقبض روحه من جسده الذي اهمل تدبير شؤونه.. وتساهل في العناية بصحته، حتى اذا لم يبق بينه وبين المقبرة قيد شبر فيجمع ماجمع ويتجه الى مصر طلباً للعلاج. نعرف ان اليمانيين لهم استثماراتهم في مصر وان قانون الاستثمار المصري وسيادة القانون ونزاهة القضاء قد جذبت رأس المال اليمني الى مصر، فصار يحتل المرتبة الثانية في قائمة ترتيب المستثمرين العرب في مصر، بعد المستثمرين الخليجيين.. كما ان ملاك العقارات من اليمنيين المسجلين في السفارة يصل عددهم الى خمسة واربعين الف مالك شقه وفيلا وقصر. ولكن ماتجدر الاشارة اليه هو رحلات الخطوط الجوية اليمنية شبه اليومية الى القاهرة لاتحمل من المستثمرين وملاك العقارات الا ماندر، قياساً بماتنقله من المرضى الذين أشرنا ان كثيراً منهم لايذهب للعلاج الا في وقت بدل الضائع كما تقول لغة الملاعب الرياضية، وهذا ماجعل قصص وحكايا المرضى اليمنيين والمتوفين منهم في المستشفيات كما سمعت من سفيرنا في القاهرة- تصلح لانتاج اكثر من فيلم ومسلسل اذاعي وتلفزيوني. قد يسأل البعض عن بيت القصيد في هذا الموضوع فنقول: ان الامر بحاجة الى دراسة متكاملة.. تقف امام الهجرات العلاجية اليمنية ذات الموضات او الدوافع المتحولة، حيث تكون وجهتها تارة نحو مصر، ثم تتجه نحو الهند ثم نحو الاردن ثم العراق ثم مصر ثانية وهكذا. ونقف ايضاً امام هذه الاعداد الكبيرة من المسافرين للعلاج من امراض يمكن علاجها في اليمن، اذا ماتوفرت ثقة المريض في الطبيب اليمني. ما الذي زعزع ثقة المريض في اليمن في طبيبه والخدمة العلاجية المحلية، وكيف تعاد هذه الثقة.. فمانلاحظه يفوق ماهو متوقع واذا ماكان المصريون بروحهم المرحة وحبهم للنكتة قد اطلقوا على الطائرة اليمنية تسمية «طائرة الاسعاف». فلا ننسى ان الأمر نفسه يحدث في المملكة الاردنية، ومن الشواهد على ذلك ان التوسعات التي شهدتها بعض مستشفيات عمَّان وأولها مستشفى الخالدي قد تمت لمواجهة تزايد الحالات التي تأتي من اليمن. وعلينا ان نتخيل كم من العملات الصعبة ننفق او تخرج من اليمن عبر قناة الانفاق العلاجي. لدينا من المنشآت الصحية والمعدات الطبية والكفاءات البشرية مايضاهي او يساوي ماهو عند الاشقاء.. ومع ذلك لم يتقلص عدد المسافرين للعلاج.. ولم تتحقق الثقة المطلوبة في الطبيب اليمني من مريضه.. وهذا مايجعل الجهات المعنية مطالبة بدراسة الامر بعلمية ومنهجية ومعالجة المشكلة بصراحة وشفافية لابد منها للوصول الى رأي ورؤية تساعد على المعالجة.