لم تشرق شمس اليوم الأول من عيد الفطر المبارك إلاّ وكان معظمنا قد بعث بواجب المباركة لأصدقائه عبر رسالة (s.m.s) نادراً برسالة خاصة وغالباً برسالة معلّبة ماركة « جر منه وناوله». وبمجموعة ضغطات عابرة على الأسماء تتقطع لها أنفاس ذاكرة الهاتف .. بعض الرسائل يصل بها تقرير بعلم الوصول والآخر يتوه تحت الرد الرقمي [ لا يمكن الاتصال بهذا الرقم أو لاتزال الرسالة قيد التسليم] . والواضح أن حكاياتنا مع بعضنا والمحمول أن الأخير نجح في تعميق مرض الكسل العام الذي يؤكده كوننا صرنا نتصل من المحمول إلى الثابت فقط لأن الثابت على بعد أمتار من المقعد الذي نجلس عليه.. وفي الذي يفعله المحمول بنا في الأعياد ما يبرر البحث في مساوئه الكثيرة على ذمة راصدين من هنا وهناك .. لقد صارت هذه التقنية تنهب الجيوب وتنهب الصحة على طريقة القات والسبب أننا لم نتمكن من إقناع بعضنا بالاختصار في الحديث رغم أن معظمه يأتي في سياق المكرر من السؤال على طريقة كيف الأحوال .. وكيف الأمور .. الأمور هل هي طيبة والصحة هل ما زالت تمام .. إيش أخبارك .. إيش عامل .. مع تكرار لا يوقفه إلاّ ترديد أحد الأطراف «يا الله بالخير» فمتى نقتصر في أحاديث الموبايل على ما هو مهم وتحديد موعد على براد شاي أو جمنة قهوة نلتقي فيه مع شيء من التواصل الوجداني المباشر .. السيار يسبب الشيخوخة المبكرة .. بمعنى أنه صار أحد أعداء المتمسكين بأهداب الشباب الباحثين عن إكسير الحياة وتجديد الشباب .. الموبايل يؤثر على القدرة الذهنية وضعف الذاكرة .. وما يقدمه من خدمات يضعف الذاكرة ويجعلك في حاجة ماسة إلى الاستعانة بإرشيف لأمور غير إرشيفية . الفحول أيضاً لا بد وأن يتذكروا التنبيهات بأنه يمكن أن يقود إلى العقم بالنسبة لمن اعتادوا على وضعه في جيب البنطلون .. هل أزيدكم من أشعار التليفون السيار بعض الأبيات .. إنه ينتهك الخصوصية وفي مقدمتها خصوصية ممارسة بعض الكذب الذي لا يستطيع أحد أن يزعم بأنه لا يمارسه ولو على الخفيف .. فمثلاً أول ما يسألك المتصل هو أين أنت.. فإياك أن تقول له أنا في الحديدة لزوم إثبات أنك تذوب وتتشكل مع رغبات الأولاد.. فربما كان يراقب مكالمتك وأنت تحدثه على مقربة من جولة الساعة في الحصبة . أنت شخصية كبيرة تدعي ما ليس فيك من مظاهر الكرم الحاتمي والأخلاق والتواضع .. إذن إحذر أن يسجلك أحدهم وأنت تمثل أكبر درجات الشح وتتعامل بالصوت العالي والغطرسة الجوفاء فما هي إلاّ ساعات وتنتشر الحقيقة على جناحي البلوتوث الذي لا يرحم . قد تكون زوجتك أكثر مهارة في التعامل مع هذه الأجهزة وإذن توقع الكثير من الأخطار التي تكشف أي محاولة للعب ب(الذيل) ذلك أن مسح «رسالة تصابي» في الزمن الضائع لا تمنع ظهورها باستخدام الكمبيوتر .. بالمحمول تجد نفسك وقد وقعت ضحية المشاركة في مسابقات نصب تليفزيوني فضائي . بسبب المحمول لن تستطيع أن تفعل شيئاً وأنت تشاهد صاحب العمارة التي استأجرت فيها وقد قام بتأجير سطح العمارة لمحطة بث هاتفي يمثل كارثة على الساكنين . بوجود الموبايل لا تستطيع أن تضمن أن يعاملك آخر باحترام وأنت تتصل به .. فلقد أتاحت المكتبة البريطانية فرصة الحصول على أصوات مائة ألف حيوان تم بيع بعضها لشركات المحمول حيث يختار بعض الزبائن صوت الخنزير رنة لبعض الأرقام من باب سوء الأخلاق أو حتى النذالة !. وقبل أن يتهمني أحدكم بالمبالغة أو يطلب الدليل العلمي لمخاطر أن استخدام سماعة البلوتوث لا تخفف من مخاطر الاتصالات الطويلة.. سمعت خبراً في الإذاعة يؤكد أن بعض الراصدين للمخاطر أجروا عملية اتصال هاتفي بين جهازي تليفون محمول ولصقوا الهاتفين حول «بيضة» وبعد قرابة أقل من ساعتين كانت البيضة مسلوقة بحرارة الهاتفين . الخبر أثار عندي السؤال: ماذا يحدث لدماغ شخصين قررا إجراء اتصال لمدة خمس ساعات .. مستفيدين من تخفيض تسعيرة مكالمات تحريض المراهقين والمتصابين من الجنسين على سهر الليالي مع محمول يشوي البيضة والدماغ؟! . كل عام وأنتم بخير