سبق وأن أكد فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وفي أكثر من فعالية على أن المعارضة هي أحد الأركان الهامة للديمقراطية والتعددية السياسية وأنها الرديف والوجه الآخر للسلطة في تحمّل تبعات وأعباء مسؤولية العمل الوطني، والتوجهات التي تصبّ في خدمة الوطن وتقدمه وازدهاره وعوامل أمنه واستقراره. وبلا شك فإن تأكيد فخامة الرئيس على هذا المبدأ وفي أكثر من مناسبة وحديث يجسد وبالدليل القاطع أن القيادة السياسية لا تنتقص من أهمية ودور المعارضة بل إنها التي تعتبرها أحد المرتكزات الأساسية للنظام السياسي، وشريكاً رئىسياً في تكريس وإحلال الثقافة الوطنية التي تسهم في تقوية تماسك الجبهة الداخلية وتعزيز السلم الاجتماعي، وترسيخ مناخات الأمن والاستقرار.. لارتباط هذه المقومات بنجاح عملية التنمية وبرامج البناء والتطور واستقطاب رؤوس المال والاستثمارات العربية والأجنبية وتحفيزها على إقامة المشروعات التي توفر المزيد من فرص العمل أمام الشباب إلى جانب مردوداتها على صعيد تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين.. إذ أنه وبدون أمن واستقرار لا يمكن إلى درجة الاستحالة تصور أية إمكانية لتحقيق التطور والنماء في أي مجتمع كان. وفي ضوء هذه الرؤية وما تتميز به من شفافية ووضوح وما تستند إليه من نُبل المقاصد والغايات فقد كان من المؤمل أن تعمل أحزاب «المشترك» على التكيّف مع متطلبات الديمقراطية التعددية والتطبع مع مفاهيمها واستشعار حقيقة ان التباين والاختلاف في الرؤى والاجتهادات يمكن أن يصبح ظاهرة صحية إذا ما أسهم في تنمية الأفكار والبحث عن الأفضل فيما يغدو أمراً مدمراً إذا ما تحول إلى أداة لإشاعة الفوضى وانتهاك الأنظمة والقوانين الناظمة للحياة العامة كما هو حاصل الآن من قبل بعض أحزاب المعارضة في الساحة الوطنية التي تنظر إلى أن خلافها مع السلطة والحزب الحاكم يمنحها الحق في أن تبني مواقفها من منظور المخالفة لكل ما يقوم به الطرف الآخر دونما أي اعتبار لما قد ينتج عن هذه المواقف من انعكاسات سلبية على مصالح الوطن والمجتمع وما قد يترتب عليها من تأثيرات على مجريات الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي. وتبرز آخر شواهد هذا الفهم بشكل صارخ في موقف أحزاب اللقاء المشترك من أحداث الشغب والتخريب والنهب والسلب التي ارتكبتها عناصر غوغائية في بعض مناطق محافظتي لحج والضالع وكذا ما صدر عن هذه الأحزاب من البيانات والتصريحات التي تحرِّض على المزيد من الاعتصامات والتظاهرات وتعطيل مصالح الناس وعرقلة تنفيذ مشاريع التنمية وخلق حالة من البلبلة والتشويش حيال الأوضاع في الوطن. والأفظع من كل ذلك أن هذه الأحزاب التي لم يصدر عنها أية إدانة أو استنكار لتلك الممارسات الغوغائية التي استهدفت الممتلكات الخاصة والعامة بالتدمير والنهب والسلب لم تكتف بذلك الموقف السلبي والمتخاذل الذي بدت فيه وكأنها تشجع على استمرار مثل تلك الأعمال الإجرامية رغم أضرارها الجسيمة، بل ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك بدفعها لأعضائها للخروج إلى الشوارع في عدد من المدن وتنظيم المظاهرات والمسيرات دون إذن مسبق أو تصريح مسبق كما يقتضي ذلك القانون والدستور، وهو ما يكشف عن أن الهدف من وراء كل ذلك هو إشاعة الفوضى وخلق حالة من الاضطراب والانفلات وتتعاظم مخاطر هذا السلوك عندما نجد أن من يدعي وصلاً بالمجتمع المدني هو من يعمل جاهداً على تعطيل العمل بمبادئ الدستور وأحكام النظام والقانون ناهيكم عن التبرير لأعمال العنف والشغب والتخريب. وهذا ما يدعو أي متابع لمواقف أحزاب اللقاء المشترك أن يتساءل: أين العقلاء والراشدون داخل هذه الأحزاب؟؟ وأين الغيورون وذوو البصيرة من ذلك التعامل المصبوغ بالانتهازية السياسية والنوازع الأنانية، وهل من المنطق أن يختار أولئك العقلاء - إن وجدوا - لغة الصمت والوقوف كمتفرجين لما يقوم به بعض المتهورين الذين يتوزعون الأدوار وينتقلون من فضائية إلى أخرى للقدح في الوطن وتشويه صورته والإساءة لسمعته إلى جانب نفث سمومهم وأحقادهم الشخصية في كل اتجاه آخذين بمقولة "علي وعلى أعدائي» دون إدراك من أن أية شرارة قد تهدد أمن واستقرار الوطن هم أول من سيكتوون بنارها. ونعتقد أن مجرد الصمت أو التغاضي عن هذه الأفعال المشينة وفي هذا التوقيت تحديداً إنما يمثل جرماً لا يغتفر باعتبار أن الدفاع عن مصالح الوطن وأمنه واستقراره هو واجب يقع على عاتق كل يمني حزبياً أو مواطناً عادياً في السلطة أو المعارضة، وبالتالي فليس من المروءة والنخوة أن يلجأ العقلاء في أحزاب اللقاء المشترك إلى ترك الحبل على الغارب لبعض أولئك الحمقى ليتصرفوا كما يشاؤون متجاوزين كل الخطوط الحمراء التي تعتبر من المقدسات وعلى رأس أولويات الثوابت التي لا يجوز المساس بها أو التطاول عليها بأي شكل من الأشكال. ومن لا غيرة فيه على وطنه لا خير فيه لنفسه وأهله ومجتمعه.