* انتفض بعض الناشطين سياسيا واعلاميا كمن لسعته عقرب بعد لقاء صحفي منشور تم مؤخرا مع مدير المعهد الوطني الديمقراطي الامريكي السيد/ بيتر ديمتروف تطرق فيه للعديد من القضايا المرتبطة بالديمقراطية وحرية الرأي وحقوق الانسان في بلادنا. ومن قرأ تلك المقابلة سيجد ان السيد/ ديمتروف بنى آراءه ونتائجه التي قالها وعرضها في ذلك اللقاء على معطيات ومقدمات شاهدها ويشاهدها يوميا في الواقع اليمني ولم يعتمد على القراءات المضللة والتقارير الكاذبة التي يفبركها بعض الكتاب و(العاطلين) ضد بلادهم وضد ابناء شعبهم. ولأن ديمتروف قال الحقيقة, فالحقيقة دائما مُرة وموجعة وخشنة, فهو قال الصدق بخشونته ورفض قول الكذب بنعومته. إن هؤلاء المذعورين أعمت أبصارهم وبصائرهم لغة الزيف والتضليل وانعدمت عندهم الرؤية الصحيحة للاشياء على حقيقتها واصابهم جراء ذلك (حَوَلٌ) اعلامي وثقافي وسياسي. * لقد مارس المتشنجون الناقمون على ما ورد في تلك المقابلة هوايتهم المفضلة في التعبئة والتحريض ضد صديق اليمن واليمنيين (ديمتروف) واستخدموا ضده لغة تطفح بالعنف اللغوي والكراهية والإرهاب الفكري كما هو شأنهم تجاه كل انسان يطرح رأيا لا يتفق واطروحاتهم واجندتهم المتعصبة ضد كل شيء جميل في البلد. ونشطت – مع الاسف- اعلاميا (ماكنة) الحقد والكراهية والفتنة لبعض احزاب اللقاء المشترك وصحف الظل التي يدعمها على مستوى واسع لتنال من الرجل القادم إلى (ارض الإيمان والحكمة) التي قرأ عنها في بطون الموسوعات العالمية من ارض بعيدة ليحل ضيفا عزيزا كريما على اليمن واليمنيين ويقدم لهم خلاصة خبرة وتجربة في ميدان الفعل الديمقراطي والسياسي. لكن المعارضة في بلادنا خيبت الظنون وفضحتنا على الملأ واثبتت - بالفعل والقول معا- ان الديمقراطية التي نمارسها ما تزال (ناشئة) جدا جدا جدا, وبالتالي فهي بحاجة الى مزيد من الرعاية الاهتمام وسعة الصدر و حمايتها من خلال تطبيق الأنظمة والقوانين ضد كل متطاول أو مريض قلب ونفس وضمير. * اعتقد ان السيد/ ديمتروف ما يزال حتى اللحظة مذهولا من سطحية وضحالة وعدم مصداقية تلك الردود (الفارغة) التي اثبت اصحابها انهم يضيقون بالرأي الآخر وغير مستعدين لقبوله ويتآمرون عليه كذلك. واثبتوا كذلك انهم ليسو مؤهلين لقيادة عمل سياسي معارض وجاد كالذي نشاهد ونسمع ونقرأ عنه في العديد من الدول ذات التجارب الديمقراطية الناضجة. واجزم كذلك بأنه مايزال يعيد قراءات ما نشرته بعض الصحف والمواقع الاخبارية انتقادا لآرائه التي طرحها عن قناعة تامة حول مجمل الاوضاع التي تعيشها بلادنا. وحقيقة, لا اريد ان يتملكه الاستغراب والتعجب عن كل ما كُتِب ومن ردود الافعال المتشنجة وغير المنطقية. وما قيل له وتم نشره فهو (غَيضٌ من فَيض) كما تقول العرب. فالأيام - يا صديقي- ما تزال حُبلى بمثل تلك الردود الاستئصالية التي لا تعترف بالآخر على ارضها ناهيك عن الآخر البعيد منها والمختلف معها عقديا وثقافيا وحضاريا. * لقد اثبتت الايام والاحداث ان المعارضة في اليمن تمارس العمل السياسي ليس حبا في الجماهير والبحث عن حلول للمشاكل التي يمر بها الوطن. فهي – كما يعرف اليمنييون جميعا- كانت الى الامس القريب تتربع في قمة السلطة ولا تستطيع الحياة بدونها. وقد حاولت العودة اليها بطريقة ديمقراطية عبر صندوق الاقتراع ولكنها فشلت في الحصول على ثقة الناخب اليمني في محطات انتخابية عديدة لانه قد جربها ووجدها غير قادرة على تحقيق احلامه وتطلعاته وليست اهلا للمسؤلية. ولانها تعودت العيش في كنف السلطة فلم تستطب البقاء بعيدا عن بريق الكراسي. وهي - هذه الايام- تبدو بمواقفها في الشارع كمن يمارس عملا انتقاميا وليس عملا سياسيا ديمقراطيا سلميا. فقادتها بحت حناجرهم وتقطعت حبالهم الصوتية وهم يدعون ابناء الشعب للنزول الى الشارع لاثارة اعمال الشغب والعنف والنهب وسفك الدماء واحداث فتنة تأتي على الأخضر واليابس. فهي ليست على استعداد - اطلاقا- لان تظل في الشارع فترة اطول تعارض كي تصل الى الحكم بطريقة ديمقراطية ومن خلال (الصندوق). وبهذا فهي كالسمكة تماما لا تستطيع العيش خارج الماء واذا خرجت الى اليابسة فان ذلك يعتبر موتا اكيدا بالنسبة لها. وستعمل كل ما تستطيع من اجل ان تعود الى دولاب الحكم وهي على استعداد لان (تهدم المنزل على رؤؤس ساكنيه) في سبيل ذلك. * يا صديقي- ان (المشترك) في بلادنا لا يجيد سوى فن الشكوى. ويظهر دائما وقت الشدائد والازمات عاجزا عن تقديم الحلول الواقعية للمشاكل التي تواجه الوطن. ويبدو في مواقف كثيرة متخبطا مترنحا لا يدري ماذا يريد كالتنين الخرافي الضخم الذي تتدللى من على جسده خمسة رؤؤس ثقيلة. ونراه حين تواجه الوطن بعض التحديات لا يجد حلا لها سوى الدعوة الى تعطيل الحياة والنزول الى الشارع لاحداث الفوضى والفتنة الوطنية. وستثبت لك الايام –يا صديقي- ان هذا الكيان السياسي يمتلك قدرة فائقة على الشكوى والثرثرة وافتعال المعارك الوهمية التي لا تعود بالنفع على الوطن والمواطن. وستجد – يا صديقي- كذلك من الصعوبة بمكان اقناعه بالحقيقة لانه نشأ على رفضها وعدم القبول بها. ومن شبّ على شيء شاب عليه. ولك خالص التحية والتقدير. *حامعة تعز [email protected]