لقد بدا حديث «ديمتروف» وهو بالمناسبة إسم روسي، عن قضية انتخابات المحافظين مع وسائل الإعلام الرسمية وكأنه أحد أعضاء الحكومة لا مجرد مراقب خارجي، فيما بدا حديثه مع وسائل إعلام المعارضة وكأنه أحد صقور المعارضة. تأملوا معي ما جاء في حديثه عن قضية انتخاب المحافظين، والتي أدلى بها إلى وكالة “سبأ” الرسمية، لقد قال «ديمتروف» الأمريكي: “إن انتخاب المحافظين من قبل أعضاء المجالس المحلية يقوّي من دور المجالس في إدارة الشأن المحلي ويزيد من أهميتها بدلاً من تجاوزها عبر الانتخاب المباشر من المواطنين”. أما لسان «ديمتروف» في مقابلة له مع موقع “الصحوة نت” الناطق باسم حزب التجمع اليمني للإصلاح فقد قال كلاماً آخر، تأملوا جيداً ما قاله: “منذ أن وصلت إلى اليمن كنت أسمع عن موضوع انتخاب المحافظين، وأنا ضد هذا الموضوع، وسأقول لك لماذا.. أعتقد أن انتخاب المحافظين سيكون عملية لا معنى لها إذا لم يكن هناك فعلياًَ إعطاء صلاحيات كاملة أو صلاحيات كبيرة للحكم المحلي وللمحافظة، والذي أراه الآن أن انتخاب المحافظين في النظام الحالي هم مجرد إداريين للحكومة المركزية”. اقرأوا ما هو أكثر غرابة في إجابة «ديمتروف» في مقابلة “الصحوة”: “انتخاب المحافظين الذي أحسّه أنه كان قراراً متسرعاًَ من قبل مجلس الدفاع الوطني؛ وكأننا في حالة طوارئ، ولا أعتقد أن انتخاب المحافظين يعني أية حالة طارئة سيحلها، ما نحتاجه هو استراتيجية واضحة تبين خطوات الانتقال إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات”. لكننا نجد «ديمتروف» يناقض نفسه ويبدي في حديثه لوكالة الأنباء الرسمية استعداد المعهد تقديم كافة المساعدات والدعم الفني لوزارة الإدارة المحلية لإنجاز عملية انتخاب محافظي المحافظات التي قال إنه يعتبرها “خطوة متقدمة وهامة على طريق تعزيز الديمقراطية، والانتقال إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات”. لقد تحدث «ديمتروف» بفمين متناقضين، وأراد أن يرضي كافة أطراف العملية السياسية في البلاد، وهو بذلك يخالف السياسة الأمريكية المنحازة في الغالب لطرف ضد طرف آخر، تماماً كما هو موقف الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط. فالرئيس جورج بوش لا يخجل أبداً من إعلان تأييده لاسرائيل، ليس أمام المسؤولين الاسرائيليين بالطبع، بل أمام الزعماء العرب الذين يلتقيهم، سواء في البيت الأبيض أم في بلدانهم، فهو حتى لا يعمل أي اعتبار لمن هم في جانبه ولو من باب المغالطة التي يغالطنا بها «ديمتروف» هنا في صنعاء وفي فارق توقيت ساعات فقط. لقد هلّل كل طرف لموقف «بيتر ديمتروف» ليس لشخصه بالطبع، بل لأنه أمريكي يدير معهداً يمنح صكوك الجودة والرداءة في ممارسة الديمقراطية في العالم الثالث، فالسلطة اعتبرت حديثه شهادة تؤكد “جودة الديمقراطية” في البلاد، أما المعارضة فاعتبرت حديثه شهادة عن “رداءة الديمقراطية” التي نعيشها اليوم؛ فيما الحقيقة غائبة بين “لساني” ديمتروف ..!!.