كنت قد بدأت منذ فترة بكتابة عدة مقالات عن اليمن ووحدتها ومحاولات بعض (الذباب) الانفصالية التهويش والتشويش على أفراح صنعاء وعدن في الذكرى السنوية للوحدة الوطنية التي آخت بين اليمنين قبل (19) سنة وجعلتهما في لحظة تاريخية دولة واحدة عظيمة هي (الجمهورية اليمنية) فقط.. وأعترف بأنني تأثرت كثيراً بالدعوات الشاذة للانفصال من قبل (حشرات ضارة) طلب مني الكثيرون أن أطلق عليهم هذا الاسم تكريماً للذباب!!.. وأعترف أيضاً بأن هذا التأثر لم يدم طويلاً لشدة إيماني بأن الوحدة اليمنية واقع اختياري جميل وليس إجباريا بغيضا كما يحاول بعض (اليمنيين المتطرفين) تصويره!.. واليوم سأعرض عليكم رسالة جاءتني من جنوب اليمن وتحديداً من مدينة حضرموت من السيد (فريد باعباد) ليس لأفضلية هذه الرسالة عن عشرات الرسائل التي وصلتني من أبناء اليمن سواء الذين يعيشون داخل أرجاء الوطن ومن معظم المحافظات أو الذين يعيشون في المهجر ولكني أعتبر رسالته (شهادة توثيقية) ورداً شافياً كافياً وافياً للذباب الذين زادوا في الطنين الفارغ في الآونة الأخيرة!.. كتب: (قرأت مقالك "ذباب يحلم بالسحاب" وقرأت مقالك "اليمن المؤتمن بإذن الله" وما دمتِ تذكرين الله فأنتِ مؤتمنة على الكلام ولن يأتي منكِ غير كلام العقل والحكمة والحق.. ولأن الحق هنا فقد أعطاكِ توكيلاً بأن تمثليه خير تمثيل.. أنا يا سيدتي رجل جاوز الخمسين عاماً أي نصف قرن من الزمان وعايشت سنوات التشطير وما بعدها كما إني من المحافظات الجنوبية -على غرار تسميتهم- وهي محافظة حضرموت تحديداً وكما قلت لكِ فقد عايشت زمن التشطير والتخلف والشمولية والتسلط والهيمنة وأعني "هيمنة المتخلفين والجهلة على أهل العلم والمتعلمين" وشهدت على جميع الصور السلبية التي كانت قبل الوحدة فلم ينقل لي تفاصيلها أحد ولا أظن بأني سأستطيع أن أدخل في تفاصيلها كثيراً لأنها ببساطة ذكرى تعيسة ليست لي فقط ولكن لكل المناطق الجنوبية بالذات ولكن بعد الوحدة فقد تغير الوضع وإليك باختصار ما جرى لنا بعد الوحدة بعكس الحال الذي كنا عليه قبلها!.. ببساطة صار لدينا في محافظتنا وأعني حضرموت جامعة شامخة فيها من المعلمين العرب والخليجيين ما يقارب 700 معلم ولن أذكر لكِ كم يبلغ عدد طلبتنا اليمنيين بل لن اذكر لك ِ إنه لم يكن بمقدورنا أن نحلم أن تكون لدينا جامعة!.. وأصبح لدينا كهرباء موسعة منتشرة ففي الماضي كانت الكهرباء متوافرة لإضاءة اللمبات فقط وليس للمكيفات أو المصانع.. وصار لدينا شوارع وطرق معبدة تربط كل المدن ببعضها البعض بل وتربط القرى الصغيرة ومن الطبيعي أن نتملك سيارات خاصة بعد أن كان ذلك مستحيلاً قبل الوحدة!!!..كما أصبحت لدينا شبكات اتصالات في كل مكان تطأ قدماك فيه وليس كما كان في السابق حيث كان محظوراً علينا أن نحضر جهاز هاتف ثابت من الخارج إلا بترخيص!!..ههههههه هذه حقيقة بالفعل!.. وكذلك توافر لنا الإنترنت الذي يجلس أمامه من يريد الانفصال ويسوقون بضاعتهم البائرة من خلاله بعد أن كانوا لا يعرفونه فكيف لهم أساساً أن يعرفوه وهم لم ينشأوا مشروع شبكات هواتف قبل الوحدة؟!!.. واسمحي لي إن كنت قد أزعجتك بهذه التفاصيل فاليمن ووحدته غالية على قلبي.. وأهم شيء أنه قد أصبح بمقدورنا أن نفتح مشاريع خاصة وانتعش قطاع العمل الخاص في العقارات والمستشفيات الخاصة والمدارس والجامعات أيضاً وبالتالي تغيرت صورة البلد وصار تنقل المواطن وسفره حراً بعد أن كان ذلك ممنوعاً في السابق!..وشيدت المنشآت الرياضية وخلال عام أو عامين ستنبهرين بالنهضة العمرانية لكثير من هذه المنشآت ولن تصدقي أن ذلك موجود بالفعل في اليمن!.. حتى النساء أصبح لديهن أندية وصالات رياضية خاصة بهن.. والحديث يطول يطول لثمار ما بعد الوحدة بعد أن كنا نعيش في ظلام حالك فهل نفرط بوحدتنا الغالية من أجل عشرة أو مائة أو الف من الفاسدين؟!.. والمضحك أنهم يريدوننا أن نستبدل كل ذلك بفاسدين ومتخلفين وقليلي دين وهذه تجربة عشناها لأكثر من 30 سنة فهل رأيت ِ وقاحة أكثر من ذلك في حياتك كلها؟!!.. فتصوري جدلاً أنك اعتمدت ِ على موظف لتسيير شؤون العائلة واموالها واكتشفتِ بعد رحيله أنه لم يكن مؤتمناً لا على العائلة ولا على أموالها وهذا شيء عجيب لم نر مثله في العالم ولا في قصص أرسين لوبين أو أفلام هوليود وأنتِ أخطأتِ حينما وصفتهم بالذباب فهم حشرات ضارة كالبعوض ينشر المرض، قاتلهم الله!.. وآسف على الإطالة وأعانك الله على كلمات الحق دائماً ولا نريد أكثر منها!). إلى هنا ينتهي ما كتبه الوالد (فريد عباد) وهي شهادة من أهل الذين يدعون إلى الانفصال والعودة إلى زمن اليمنيين والحدود وجوازي سفر مختلفين.. هذه شهادة عاقلة من رجل حكيم قال وأبدع وأوجع.. ولذا سأقولها للمرة المليون بعد المليار: وحدة هذا البلد العظيم استقرار للعرب كلهم ومن يظن نفسه عازفاً بارعاً في باحات المراقص الليلية الفاحشة فهو لدي غراب أسود ينعق وكلب قذر يلعق وكلاهما يستحق بلا شك الشنق!!. هكذا ينظف التاريخ من الأوساخ!. فاصلة اخيرة: إلهي خلقت الذباب والطاووس.. أعطيت الأول جناحين ليطير لكنه أبى إلا ان يقع على النجاسة ومنحت الثاني ريشاً مبهراً لا يحمله ليطير لكنه يأبى إلا أن يطأ بقدميه القصور!.. سبحانك يارب!!. [email protected] * نقلاً عن جريدة الشرق القطرية