الجميل في حياة الشعوب قاطبة التاريخ والذكريات وأمة بلا تاريخ وذكريات أمه لا وجود لها بين شعوب الأرض بل لا رقم لها ولا وزن ورحم الله أبو الأحرار حين قال :- سجل مكانك في التاريخ يا قلم ***** فهاهنا تبعث الأجيال والأمم لا أنسى ذكريات مرت بي في عام 99م كنت في رحله الى البحر في منطقة بلحاف مع مجموعه من الشباب توجهنا نحو ذلك المكان الذي لا وجود فيه لمباني ولا مشاريع سوى مجموعه من الصيادين الذين يرتادونه وبعددِ محدود وترسوا فيه قواربهم ويبتاعون ما يحصلون عليه من السمك الى السوق المحلية في بلادنا الحبيبة اثناء وجودهم في موسم الاصطياد . أمضينا ثلاثة أيام هناك ثم عدنا إلى القرية - ومرت الأيام والأعوام ثم يعلن بأن اليمن بصدد أنشاء ميناء لتصدير الغاز في منطقة بلحاف م/شبوه وكان هذا في اغسطس 2005م وهو مشروع عملاق والثاني على مستوى الوطن العربي - وكغيري راودني سؤال هل ممكن أن يصبح هذا المشروع حقيقة وبلادنا من البلدان الفقيرة .... وبالفعل بداء إنشاء الميناء والذي قدرت تكلفته بأكثر من 5/4 مليار دولار والذي وفر أكثر من 11000 ألف فرصة عمل وقت الإنشاء ورجحت التقديرات الاقتصادية أن يوفر المشروع للحكومة اليمنية خلال العشرين عام القادمة ايرادات تصل من 30-50 مليار دولار ويوفر فرص عمل دائمه لحوالي600 وظيفه من ذوي الكفاءات العاليه طوال فترة عمله وكنت ممن يتابع اخبار الشركه اليمنيه للغاز المسأل ومشروعها العملاق في بلحاف وما هي الا ايام ويعلن اليمن قرب تصدير أول شحنة من الغاز المسأل خلال عام 2009م وحدد الموعد فعلاً يوم السبت الموافق 7/11/2009م وكان لي الشرف في حضور تدشين وإنطلاق أول شحنه من الغاز الطبيعي المسال من ميناء بلحاف على متن السفينه الكوريه العملاقة والذي كانت ترسو في ميناء بلحاف - في انتظار الامر والسماح لها بالانطلاق ايذاناً بدخول اليمن عهد جديداً من النمو والتواصل مع الاسواق العالميه الكبرى . وبينما كنا نتجه صوب مكان الحفل المقرر تمالكني شعور ونشوة لم اشعر بها من قبل وقلت في نفسي هل هذا الذي نراه امام اعينا حقيقه أم خيال ماهذاه المدينه وماهذه المباني هل هذا حقا هو بلحاف الذي كنا يوماً من الايام نزوره و تردد في ذهني اكثر من سؤال ونحن نقترب من موقع الحفل حيث حددت منصه الحفل في اعلى مكان يطل على ميناء بلحاف . أنه منظر جميل وأجمل منه تلك السفن التي ترسو في البحر في ميناء بلحاف وتلك الشعلة التي تضيء في السماء وأناس منهمكون في اعمالهم بتعاونٍ وانسجام والذي يشبه خلية النحل . في تمام الساعة العاشرة من صباح 7/11/2009م وصل الى منصة الحفل رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح وقد اكتظت المنصة بالحضور وفود أجنبيه ووزراء وأعضاء مجلس النواب وشخصيات سياسيه واجتماعيه ومراسلي وكالات الأنباء وإعلاميين محلين وأجانب ، مشهد جميل ونحن ننظر جميعا الى تلك السفينه والتي تبدو كسجين منتظر الإفراج تقدم الرئيس القائد ويضغط على زر التحكم معلن السماح لها بالانطلاق عبر البحر العربي لتشق عباب البحر لتخبر العالم أن اليمن بلد الاستثمار وأن اليمن عاد إلى دوره وأصبح شريك في صناعة الحياة . تنطلق تلك السفينة في مشهد جميل ورائع ونحن نسمع أصوات الصفارات ونرى ارتفاع النافورات و البالونات المختلفة مشاركة الجميع في هذا الفرح- تنسكب قطراتٍ من الدموع وأي قطراتٍ تلك أنها حقاً قطرات ودموع الفرح والابتهاج . ومما زاد الجو أيضا لطفاً وروعةً وقوف القائد مع الحاضرين وهو يداعب البعض منهم ويلقي النكت الظريفة ليزيدهم فرحاً إلى فرحهم كأنه أب حنون يداعب أبناءه ويدخل السرور في قلوبهم ويرسم لهم طريق المستقبل المشرق . مرت لحظات ويشير القائد أشارات الانصراف وكأنه يقول لهم هذا أمانه في أعناقكم حافظوا عليه هذا ملك الأجيال القادمة من أبناء اليمن الحبيب يمن الإيمان والحكمة والإخاء هذا باختصار قصة النجاح والوعد والإنجاز . يوماً من الدهر لم تصنع أشعته ***** شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا [email protected]