كنت في البحرين للمشاركة في فعاليات مهرجان اذاعة وتلفزيون الخليج الذي تستضيفه عاصمتها - المنامة - كل عامين.. والزائر لهذه العاصمة العربية يجد الكثير من الامور التي تستحق الكتابة عنها كاختيارها مركزاً مالياً عربياً والنقلة التطورية التي تشهدها مملكة البحرين والانفتاح والتسامح اللذين تمتاز بهما وغير ذلك . ومع ذلك استهل حديثي بما لفت نظري عند مغادرتنا لمطار المنامة وهو الاجراء الامني الذي اعجبنا به ولم نتضايق منه ، والحكاية باختصار ان الجمهورية اليمنية التي تم ادراجها ضمن مجلس اذاعة وتلفزيون الخليج مؤخراً هي ضيف المهرجان ..أي الدولة التي تقيم فعالية فنية تقدم من خلالها انموذجاً لموروثها الثقافي والفني.. وهذا ما جعل الوفد اليمني يشتمل على بعض الفنانين والراقصين الذين اصطحبوا معهم ملابسهم الشعبية وثماني جنابي تم تسجيلها في مطار البحرين عند دخولنا . تلكم الجنابي الثماني لفتت انظار البعض ومنهم سائق الحافلة المخصص للفرقة الفنية فما كان من احد افرادها إلا الافصاح عن شهامته وقام باهدائها للسائق المذكور. ويوم سفرنا وجدت اعضاء فرقة الرقص الذين كان افرادها قد سبقونا الى المطار مازالوا عند النقطة الامنية للمطار استغربت وسألت عن السبب فإذا بالجنبية المهداة لسائق الحافلة هي السبب.. لأن أمن المطار الذي سجل ثماني جنابي بحوزة الفرقة لم يجد بحوزتها سوى سبع فقط،طالب بالجنبية الثامنة واين اختفى هذا السلاح الذي سمح بدخوله، وبعد ان تم الايضاح وان الجنبية الناقصة قد تم اهداؤها لسائق الحافلة تم التواصل مع الاجهزة الامنية في العاصمة .. وعلى التو تم احضار السائق البحريني والجنبية المهداة واعيدت الى من اتى بها مصحوبة باعتذار لطيف.. وان الجنبية تعتبر سلاحاً وكان بالامكان اتمام الهدية بما لا يندرج في اطار السلاح او ادوات القتال.. اعجبنا جميعاً بهذا الحرص واليقظة الامنية والسرعة التي تم خلالها احضار السائق والجنبية لأن أمن البلدين اذا ما اريد له النجاح فإن الحرص ازاء الامور الصغيرة هو المدخل للتعامل بنجاح مع المسائل الكبيرة ..وهناك مثل يقول «من فرط بالصغيرة فرط بالكبيرة» فلا شك ان في البحرين سكاكين وآلات حادة تستخدم لاغراض صنعت من اجلها وانها قد تستخدم كسلاح او للاعتداء على خصم وانها لا تفرق عن الجنبية او الخنجر اليماني ولكن الجنبية مادامت تعتبر سلاحاً فإنها كذلك في قائمة الاسلحة لدى الاجهزة الامنية. من هذه الحادثة البسيطة نستطيع ان نفهم اليقظة الامنية للأجهزة المختصة ليس في البحرين فقط وانما في دول مجلس التعاون بأكملها، والى هذه اليقظة والحرص نعيد الاجراءات الناجحة التي تسجل للاجهزة الامنية في دولة الامارات العربية التي حازت اعجاب الكثيرين عند كشفها السريع لجريمة الفنانة اللبنانية سوزان وقدمت جميع الأدلة بالوثائق والصور المطلوبة وكذلك الحال عند كشفها لخلفيات وأبعاد وجهة العملية الارهابية لاغتيال محمد المبحوح القيادي في حركة حماس الفلسطينية. وكيف تمكنت تلكم الاجهزة من كشف الارهاب الصهيوني المنظم وأصابت الدول الغربية والمتعاطفة مع اسرائيل بالاحراج.. وقدمت مايقول للعالم بأسره لو حدث العكس ماكان سيحدث؟!! لو ان حماس او أية حركة او حزب او دولة عربية قد أقدمت على تزوير جوازات أوروبية ونسقت مع الاجهزة المعنية في دولتها، للقيام بعملية اغتيال لأحد الضباط أو صقور الحرب اليهود ماذا كان سيحدث وماستفعل الدول المتبنية محاربة الارهاب والعنف.. وهل سيتعامل إعلامها مع القضية كما يتعامل مع جريمة قتل المبحوح وانتهاك سيادة وأمن وسكينة دولة عضو في المجتمع الدولي.