أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي اليوم الاثنين تشديد الإجراءات الأمنية حول السفارات والقنصليات الإسرائيلية في الخارج، وكذلك في صفوف جيش الاحتلال داخل الكيان والضفة الغربية؛ وذلك تحسبا لتنفيذ هجمات للمقاومة ردًّا على اغتيال القائد القسامي محمود المبحوح "ابو العبد" والذي عثر عليه ميتا في غرفة بأحد فنادق إمارة دبي في العشرين من يناير/ كانون الثاني الماضي. وقالت إذاعة الاحتلال إن "قرارًا صدر بتشديد الإجراءات الأمنية المتخَذة في صفوف قوات جيش الاحتلال وحول الممثليات الصهيونية في الخارج؛ تحسبًا لوقوع عمليات انتقامية في أعقاب اغتيال المبحوح، وكذلك بمناسبة مرور عامين على تصفية القيادي في حزب الله اللبنانيعماد مغنية". وأضافت أن قوات جيش الاحتلال تلقَّت تعليماتٍ بزيادة اليقظة؛ تحسبًا لقيام عناصر من المقاومة الفلسطينية بمحاولات لاختطاف جنود.
يذكر أن المبحوح من مؤسسي الجناح العسكري للحركة "كتائب القسام" أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وهو يبلغ من العمر 50 عاماً، وكان يعيش في العاصمة السورية دمشق وكان يحمل وفق ما يتردد جواز سفر باسم شخص سوري قديم. واتهمت حماس إسرائيل باغتيال المبحوح وتوعدت بالانتقام لمقتله، كما توعدت"كتائب الشهيد عز الدين القسام" الجناح العسكري للحركة السبت، دولة الاحتلال وجهازه الاستخباري "الموساد" بالرد على اغتيال المبحوح، مؤكدًة أن الاحتلال لن يفلت من العقاب من جرَّاء ارتكابه هذه الجريمة، ولم تعلق إسرائيل رسميا حتى الآن على هذه الاتهامات. يأتي هذا في الوقت الذي أكدت فيه مصادر إسرائيلية لقناة "الجزيرة"، على أن قيام حماس بأي عمل عسكري سيدفع إسرائيل للرد والدفاع عن نفسها مشيرة إلى أن مثل هذه التصرفات من قبل حماس ستؤدي لاندلاع الحرب بين تل أبيب وحماس. وأوضحت المصادر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيشهد حالة استنفار مشيرً إلى أن مثل هذه الأجواء هي التي سبقت قيام حماس بعملية اعتقال الجندي الإسرائيل الأسير جلعاد شاليط. ويخشى قادة إسرائيل من إقدام حماس علي تشكيل وحدة خاصة للمرة الأولى لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل خارج نطاق الضفة لغربية وقطاع غزة, الأمر الذي امتنعت حماس القيام به حتى بعد محاولة اغتيال خالد مشعل نفسه قبل سنوات في العاصمة الأردنية عمان. كما تخشى إسرائيل من أن تقدم حماس على محاولات لتنفيذ عمليات تستهدف السفارات والقنصليات الإسرائيلية في الخارج, على غرار الإنذارات التي تصل للإسرائيليين منذ أن تم اغتيال القائد العسكري في حزب الله اللبناني، عماد مغنية, حيث اصدرت "هيئة محاربة الإرهاب" التابعة لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي, عدة بيانات ناشدت فيها الإسرائيليين اخذ الحيطة والحذر من مغبة قيام عناصر من حزب الله بتنفيذ عمليات ردا على اغتيال إسرائيل لمغنية.
"لن يفلت من العقاب"
مشعل وابو مرزوق شاركا في تشييع الشهيد في هذه الأثناء، أكدت كتائب القسام أن المعركة مع العدو الصهيوني داخل حدود فلسطين التاريخية، والاحتلال يحاول تغيير قواعد اللعبة وتوسيع دائرة حربه على الشعب الفلسطيني وعلى المقاومة وعليه أن يتوقع أي شيء. وقال المتحدث باسمها، أبو عبيدة ، في تصريح نشره موقع "القسام" الالكتروني الإثنين: منذ تبيَّن أن العدو الصهيوني هو الذي يقف وراء اغتيال القائد محمود المبحوح؛ فإن "كتائب القسام" وعدت بأنها ستردُّ، وأن دم الشهيد محمود المبحوح لن يذهب هدرًا، وأن هذه الجريمة سيعاقب عليها الكيان الصهيوني الذي ارتكبها بهذه الطريقة الغادرة، وبإذن الله تعالى العدو الصهيوني لن يفلت من العقاب على قدر هذه الجريمة التي ارتكبها". وأشار أبو عبيدة إلى أن "العدو الصهيوني يريد أن يقول بأنه يستطيع أن ينفِّذ اغتيالات أينما يريد، وهذه بالدرجة الأولى رسالة ينبغي أن يلتقطها العرب والمسلمون الذين يستبيح الموساد الصهيوني أراضيهم في كل مكان، وهذه الرسالة يجب أن يكون الرد عليها على حجم هذه الجريمة وهذا الاختراق وهذا العبث بالأمن القومي العربي". وأكد الناطق الإعلامي "أن العدو الصهيوني هو الذي يقف وراء العملية عبر جهاز الموساد الصهيوني، وهناك أدلة وبراهين قاطعة على هذا الأمر..، نحن أعلنَّا عن بعضها وما زلنا نتحفَّظ عن بعض المعلومات والتفاصيل، سنعلنها في الوقت المناسب، لكن كل المؤشرات الموجودة لدينا والموجودة لدى أطراف أخرى في التحقيق تؤكد أن الموساد الصهيوني هو الذي نفَّذ هذه العملية على غرار عمليات سابقة". يأتي هذا في الوقت الذي تفاخرت فيه الصحف الإسرائيلية ب"إنجاز" جهاز "الموساد" في عملية اغتيال المبحوح، واعتبرته ضربة ثانية يتلقها ما اسمته بت "محور الشر", بعد عامين على اغتيال القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية في دمشق. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن الكاتب رون بن يشاي، الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية الإسرائيلية، تلميحه إلى احتمال أن يكون المبحوح، قتل في دبي بأيدي الموساد. وقال بن يشاي: "لإسرائيل أسباب جيدة لتصفية الحساب مع المبحوح، فهو كان من مؤسسي الذراع العسكرية لحركة حماس التي تعرف باسم كتائب شهداء القسام، خلال الانتفاضة الأولى. وكان شريكاً فاعلاً في التخطيط ومن ثم تنفيذ عمليتي خطف وقتل الجنديين الإسرائيليين آفي سسبورتاس وإيلان سعدون"، على حد قوله. في نفس السياق، امتنع وزراء الحكومة الإسرائيلية في جلسة الحكومة التي عقدت يوم أمس، الأحد، عن التطرق إلى عملية الاغتيال في دبي، إلا أنهم أشادوا برئيس الموساد مئير داجان، وأغدقوا عليه بالإطراءات. تحقيق وتعذيب من ناحية أخرى، نقلت صحيفة "المستقبل" اللبنانية عن موقع "قضايا مركزية" الإسرائيلي، قوله: "أن قتلة المبحوح وهم أربعة أعضاء في فريق اغتيال تابع للموساد، وصلوا إلى دولة الإمارات بجوازات سفر أوروبية مزودين معلومات دقيقة تتعلق بمكان الضحية غير المحروسة التي وصلت الى دبي تحت اسم مستعار". أضاف الموقع أن قتلة الموساد أخضعوا المبحوح لتحقيق قاس وعنيف داخل غرفته في الفندق حيث وجدت الجثة، مشيراً إلى أن التحقيق تركز حول مشتريات الأسلحة من إيران، وطرق تهريبها الى الضفة الغربية، من دون أن يفصح الموقع عن فترة التحقيق، مؤكداً أن القتلة عادوا بغنيمة كبيرة وثمينة جداً من المعلومات الاستخباراتية. كانت صحيفة "تايمز" البريطانية كشفت في عددها الصادر امس الأحد، عن أن فرقة قتلة محترفين اغتالت "ابو العبد" في العشرين من شهر يناير/ كانون الثاني الماضي. وقال مراسل الصحيفة "عوزي ماحنئيمي" في تل الربيع (تل أبيب): "إن فرقة الاغتيالات الخاصة -التي لم يحدِّد هويتها- تمكَّنت من اغتيال المبحوح خلال وجوده في "فندق البستان روتانا" في دبي". وأضاف: أن القتلة حقنوا المبحوح بمخدِّر يتسبَّب بنوبة قلبية؛ وذلك لإظهار الوفاة وكأنها جاءت نتيجةً لذلك، وهو ما شخَّصه الأطباء المحليون في دبي بداية الأمر. وأوضح أن القتلة صوَّروا جميع الوثائق التي كانت بحوزة القيادي في "القسام"، ووضعوا لافتة "الرجاء عدم الإزعاج" على باب غرفته في الفندق بعد اغتياله. وأشار إلى أن العاملين في الفندق عثروا على جثمان المبحوح في الغرفة عقب الغداء في العشرين من يناير، وسجِّلت الوفاة من قِبَل الأطباء على أنها نوبةٌ قلبيةٌ، دون الإشارة إلى آثارٍ تدلُّ على ارتكاب الجريمة. وبعد تسعة أيام من الوفاة أُرسلت عيناتٌ من دم المبحوح إلى العاصمة الفرنسية باريس للفحص والتحليل الجنائي، وهو ما أظهر آثارًا للسموم في جسده. وتتوافق رواية "تايمز" مع الرواية التي أعلنتها حركة "حماس" بعد موت المبحوح؛ من أنه توفي من جرَّاء نوبة قلبية، ثم تأكد للحركة أن وفاة الشهيد لم تكن وفاةً طبيعيةً وإنما كانت اغتيالاً، وهو ما أثبتته "تايمز".