توقيع المؤتمر الشعبي العام واحزاب اللقاء المشترك على محضر بدء الحوار الوطني على أساس اتفاق فبراير 2009م، بقدر ما أكد حضور الحكمة اليمانية دوماً في الظروف العصيبة والأوضاع الصعبة واللحظات الحرجة، بالقدر ذاته أكد ان لاخيار امام ابناء هذا الوطن وفي الصدارة القوى السياسية الفاعلة إلاَّ الحوار، والاصطفاف لمواجهة التحديات الحقيقية والموضوعية التي يجابهها الوطن، وهنا لابد من الاشارة إلى الدلالات والمضامين التي حملها توقيت التوقيع على هذا الاتفاق يوم الوفاء 17 يوليو.. ليحمل ذلك مضامين ودلالات وأبعاد ترتبط بنهج الحوار الذي اختطه فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح منذ تحمله مسؤولية قيادة الوطن وعبر مسيرة عهده المشرق بالعطاء والخير من اجل اليمن ووحدته وأمنه واستقراره ونمائه ورقيه وازدهاره. وفي هذا السياق لابد من الاشارة إلى أن حرص الأخ الرئيس على التوافق والتلاقي وطرح القضايا المختلف عليها على طاولة الحوار لمناقشتها بروح وطنية مسؤولة على ذلك النحو الذي تجلى برعايته لهذا الاتفاق.. محتفظاً بمساحة واحدة من كل اطرافه ليتسنى الوصول الى هذه النتيجة.. منهياً بذلك حالة الاحتقان وانسداد الأفق السياسي بسبب المناكفات والمكايدات خلال الفترة الممتدة من توقيع اتفاق فبراير 2009م وحتى ال17 من يوليو الذي جرى فيه اخيراً تبديد حالة اليأس وفتح آفاق للتفاؤل تتجاوز كل تداعيات هذه الفترة وفتح صفحة جديدة لاتحتمل إلا بتحويل ماتم الاتفاق عليه الى واقع عبر حوار جاد يفضي إلى نتائج تصب في خدمة مصالح الوطن العليا وتعزز من خياره الديمقراطي الذي تغلب لغة الحوار على ماعداها تعبيراً عن استشعار الجميع في هذا الوطن للتحديات والمخاطر التي بات واضحاً انها لم تعد تستهدف طرفاً بعينه سواءً كان في السلطة أو المعارضة، بل كل أبناء اليمن.. لذا بمجرد الاعلان عن هذا الاتفاق وجد ترحيباً واسعاً من كافة الاوساط الاجتماعية والسياسية والاعلامية وكافة المواطنين.. كما حظي بترحيب خارجي اقليمي ودولي، لاسيما من الاشقاء والاصدقاء الذين يهمهم وحدة اليمن وأمنه واستقراره.. معبراً هذا كله عن أن ليس هناك مخرجاً إلاَّ بالحوار الذي سيمكن اليمن من التغلب على استحقاقات متطلبات التنمية ومكافحة آفة الارهاب واطفاء نار الفتن ليسود الوئام الاجتماعي والسلم الأهلي وتعم السكينة والطمأنينة ربوع الوطن اليمني كون ذلك سيكون له تأثير ايجابي على استقرار المنطقة. ويبقى الانتظار للخطوات العملية المنفذة لهذا الاتفاق على طاولة الحوار ليكون مترجماً للآمال والتطلعات التي استقبل بها هذا الاتفاق وعلى نحو يجسد الجدية التي عبر عنها توقيعه ونحن نقف على مشارف الاستعداد والتحضير للاستحقاق الديمقراطي المتمثل في الانتخابات النيابية القادمة الذي بدون شك سيحظى بالأولوية كونه محور اتفاق فبراير من العام الماضي محور اتفاق 17 يوليو 2010م والذي تعد الموضوعات المرتبطة به محددة مسبقاً وتصورات الاطراف المتحاورة لكيفية التعاطي معها ومناقشتها واضحة والمطلوب تقديم تنازلات متبادلة تمكن المتحاورين من ايجاد حلول توفيقية تخدم ترسيخ وتطوير التجربة الديمقراطية اليمنية ليذهب الجميع إلى الانتخابات البرلمانية بروح تنافسية ايجابية يحرص اطرافها على ان تكون حرة ونزيهة وتجري بشفافية وفي اجواء ومناخات آمنة تعكس مدى نضج وعي القوى السياسية والحزبية والديمقراطية واستشعارهم للمسؤولية واستعدادهم معاً للتصدي لمهام المرحلة الوطنية القادمة، مستندين إلى تجربة وخبرة الفترة الماضية وما اسهمت به الخلافات والتجاذبات من خلق اجواء افرزت أحداثها أوضاعاً أضرت بالوطن واعاقت حركة مسيرة التنمية والبناء نتيجة انشغال الجميع بحرائقها وأزماتها المفتعلة التي بات مدركاً من كافة ابناء شعبنا وفي طليعتهم القوى السياسية اننا على سفينة واحدة واذا ما أصابها عطب أو خرق فلن ينجو أحد من الغرق في بحر الصراعات التي لاتخدم إلاَّ تلك العناصر التي لايهمها الا الخراب والدمار والفوضى.. ليصبح اليمن مرتعاً لأعمالها الظلامية الارهابية المقيتة الدخيلة على مجتمعنا الذي ينبذ الغلو والتطرف والارهاب، وظل طوال تاريخه الحضاري العريق نموذجاً للمحبة والتسامح والوسطية والاعتدال. لذلك كله ينبغي ان يأخذ اتفاق 17 يوليو طريقه الى التحقق من خلال خطوات متسارعة نحو الحوار المؤدي إلى تعزيز الوحدة الوطنية على قاعدة النهج الديمقراطي التعددي لتكون صناديق الاقتراع الطريق الصائب لترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة، وهذا هو الطريق الذي بجب ان نسير فيه جميعاً لبناء اليمن الجديد الموحد الديمقراطي الآمن المزدهر.