لنطوي صفحة كل ما سمعناه قبل حضورنا اليها .. فقد كان الجميع من شتى بلدان الخليج يقدمون رجلاً ويؤخرون أخرى .. ومؤكد أن هؤلاء أكثر شجاعة من الذين عجزت أرجلهم عن المسير .. وصمت آذانهم عن سماع الأخبار الجيدة التي ترد منها .. فقد كان التضاد متوفرا .. ما بين الحرب والسلام .. ما بين الحب والكراهية .. عدن قدمنا اليها ونفارقها باذن الله اليوم بعد أيام قضيناها في حضرتها .. عروس في كامل خضابها .. وزينتها .. وغنجها .. وضاحة المحيا .. فطرية التصرف .. استقبلتنا بالابتسامة وزادت عليها بالاحضان .. في مشوايرنا اليومية سعياً خلف الأخبار .. التقينا بأشتات من بنيها .. الحب والعشق الذي يجمعهم بها يعيدني بالذاكرة الى مدينة صغيرة ولدت وترعرعت فيها اسمها "ودمدني" بينها وعدن الكثير من الروابط والتشابه مدينتنا تغتسل في النهر مرتين كل يوم ، وعدن في مياه البحر .. مدينة يعشقها أهلها حد الجنون .. يتهمنا الجميع بالعنصرية ... فنقول لهم بكل براءة .. نعم نحن عنصريون .. ولكنها عنصرية مختلفة .. هي عنصرية المكان لا القبيلة .. عنصرية العشق لكنه بلا غيرة .. فجميعنا في حبها نتقاسم .. مثل ما طالب المتنبي ابوفراس الحمداني في لحظة صدق وغضب .. ليت انا بقدر الحب نقتسم .. في حب مدينتنا الصغيرة التي ترقد على أحضان النيل التقينا .. وفي حب عروس البحر عدن التقى اهلها .. تحابوا واجمعوا على اقتسام الحب .. مدينة ليست ككل المدن ، ولا يعرف أسرار المدن الا من أحبها .. بعض الحب يخشى المرء أو يستحي أن يعلن عنه ، ولكن في عروس الجنوب نعلن الحب والعشق .. لها المدينة الرائعة الهادئة الجذابة .. ولأهلها الودودين البسطاء . نعلن الحب .. لعدن ، ونقول "لابد من عدن وان طال السفر" سنضعها دائماً في ذاكرتنا .. سنفتح صفحات صحفها ، وكتابات الزملاء الأماجد .. سنظل نستمع لفنانيها .. لأبوبكر سالم بلفقيه ، وأحمد قاسم .. بيننا رباط وثيق لن يقطعه أحد .. فحبله متين ، وما دخل القلب حباً ونسيه .. ولذلك فثق صديقي الجميل منصور صالح بأن حبل التواصل بيننا سيمتد .. ولعدن ستظل تخفق قلوبنا ، وتنصت آذاننا كلما جاء ذكرها . ونحن نغادر عدن في القلب حسرة .. وفي العين دمعات حرى.. ويا سبحان الله .. ما أكثر الشبه ين منظر الوصول .. والوداع .. في الأول كانت الهواجس والهموم .. والحزن لفراق الأهل والأحباء .. وفي الاياب كانت ذات المشاعر .. رغم اختلاف المنظر ما بين القادم للمجهول .. والمغادر للعروس.