يبدو أن صورة اليمن التي تحسنت كثيرا بعد نجاحها الشعبي والسياسي في استضافة خليجي 20, وبعد أن شابها الكثير من التشويه المتعمد في السنوات الأخيرة قد أزعجت بعض وسائل الإعلام الخليجية ومنها موقع " العربية نت " الذي بادر قبل أيام ووضع استفتاء الكتروني على صفحته الرئيسية عن موضوع ( انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي ) وهو الاستفتاء الذي وصف من قبل مسوقي الموقع بالأكبر والأضخم على مستوى المواقع العربية والعالمية لكسرة كما قيل او سوق " عبر الموقع " حاجز المليون مشارك أو مصوت . العجيب في الأمر هنا ليست نتيجة هذا الاستفتاء المشكوك في صحته وصحة هذه النتيجة التي خرج بها , بل العجيب هو توقيت الاستفتاء وطريقة عرضة للقراء المستهدفين وخيارات ونوع الأسئلة المطروحة التي تحمل في تصوري رسائل سياسية واضحة من طرف أو أطراف لا نعلم بالضبط من هم والى ماذا يهدفون خاصة بعد أن كسبت اليمن الرهان ونجحت نجاح منقطع النظير في استضافة خليجي 20 بعد تلك الحملة الإعلامية الشعواء التي استهدفت تشويه صورة اليمن وشعب اليمن في الداخل و الخارج والتشكيك بقدرة الدولة في اليمن على استضافة هذا الحدث الكروي الهام , وهي الدولة اليمنية القادرة بأذن الله مهما تعاظمت أحلام الكثير بوصولها إلى حالة الفشل والانهيار كما يتمنى او يسوق البعض في الداخل أو الخارج اليمني !!
* وعن أسئلة هذا الاستفتاء " الموجه " نشير أولا إلى طريقة عرضها ومضمون ما احتوته من اجابات عجيبة وهي كالتالي :
(1) الانضمام سيدعم قوة المجلس!! .... (2) سيجر المجلس إلى أسفل!! .... (3) سيحمي اليمن من الانهيار!! .... (4) سيحمي المنطقة من الإرهاب !!
المشاركون المليون بحسب إعلان الموقع " بقدرة قادر" صوتوا حتى منتصف هذا الشهر بنسبة 70 % لمصلحة الخيار الثاني أي أن انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي سيجره إلى الأسفل !! ... ولا نعرف بالضبط ما هو هذا الأسفل ؟!!
نتيجة التصويت في تصوري نتيجة معدة سلفا واستفتاء الموقع غير علمي وغير دقيق ويفتقد الى التقنية المعروفة في الاستفتاءات الالكترونية وبالتالي هذه النتيجة تحمل فقط التحامل الإعلامي على اليمن وشعب اليمن والدولة في اليمن لان غالبية أبناء وشعب الخليج يتمنون انضمامنا إلى هذا المجلس اليوم قبل الغد لعل وعسى هذا التكتل الهام يخرج من حالة الضعف والجمود و يرتفع قليلا إلى مستوى طموحات أبناء الجزيرة والخليج العربي ليتحول بحق وحقيقة إلى تكتل عربي سياسي واقتصادي وامني ذات أبعاد إستراتيجية حقيقية تخدم منطقة الجزيرة والخليج العربي والأمة العربية ككل .
اليمن بثقلها الحضاري والثقافي والسكاني وموقعها الجغرافي الغير عادي تمثل حالة جذب للآخرين وليس العكس , أي إن إخواننا وأشقائنا في مجلس التعاون يحتاجون إلى اليمن في هذا الظرف التاريخي للمنطقة أكثر من احتياجنا كيمنيين إليهم رغم ظروفنا الاقتصادية الصعبة وهذه حقيقة يعرفها شعب ونخب وساسة الخليج اجمع بصرف النظر عن أصحاب " المواقف الشخصية " من اليمن أو من شعب اليمن أو من النظام السياسي اليمني .
ما يدعم هذا الطرح الموضوعي في تصوري هو ذلك الاهتمام الخليجي الايجابي - الرسمي والشعبي - باليمن و الأوضاع الاقتصادية والأمنية في اليمن لأنهم يدركون تماما أن خير اليمن سينعكس عليهم وعلى المنطقة ككل بالخير وسيزيدها قوة ورفعة , وسيعزز من دعائم الأمن والاستقرار الاستراتيجي للمنطقة ككل والعكس صحيح تماما , ثم إن هناك تحديات فعلية تواجه هذه المنطقة الأهم عالميا من حيث الموقع وخيرات الأرض وثرواتها ... فمن الأطماع والمصالح الغربية إلى الأطماع التوسعية الإسرائيلية إلى الأطماع الفارسية الإيرانية المتصاعدة ...الخ أي أن انضمام اليمن عقلا ومنطقا وجغرافيا وتاريخ وأبعاد سياسية وأمنية واقتصادية واسترتيجية لصالح دول الخليج أكثر منها لصالح اليمن , وفي اعتقادي هناك توجه خليجي بدأ يتصاعد ويكبر يوما بعد يوم في هذا الاتجاه وهو الشئ الذي يخيف ويزعج بعض الأطراف الخليجية التي لا تريد خيرا لليمن ولا لمنطقة الجزيرة والخليج العربي ككل , وهناك أيضا بعض الأطراف الدولية و الإقليمية التي ستتضرر مشاريعها الإستراتيجية في المنطقة بشكل كبير إن حدث وانضمت اليمن كليا إلى هذا المجلس أو التكتل الخليجي العربي , ومن ابرز هؤلاء كما نعلم جميعا إسرائيل وأمريكا وإيران .
إلى الكاتب داود الشريان :
أولا أشكرك على اهتمامك الايجابي باليمن وحرصك الصادق والناضج على انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي ..... و أطمئنك وأطمئن كل المحبين و المهتمين بالشأن اليمني ..اليمن بخير وستضل كذلك إن شاء الله وليست على وشك الانهيار ووضعها الحالي لا يشبه وضع الصومال كما ذهبت في احد مقالاتك .....واليمن كدولة وشعب ضحية للإرهاب والأعمال الإرهابية الجبانة الدخيلة على مجتمعنا وعادات وتقاليد مجتمعنا الأصيلة كما تعلم وأنت الكاتب والمثقف والخبير بوضع المنطقة كأحد أبناءها , وبالتالي اليمن ليست ولن تكون صانعا ومصدرا لهذا الإرهاب كما يسوق له بعض المغرضين وكما ورد في احد خيارات الاستفتاء سالف الذكر , فاليمن وشعب اليمن والدولة في اليمن أقوى بكثير مما تضن أو يضن بعض الأصدقاء أو الأشقاء أو حتى الأعداء .... وكما هو معلوم هناك العديد من الدول حول العالم فقيرها وغنيها صغيرها وكبيرها تمر بمنعطفات ومشاكل جمه على مستوى الداخل أو الخارج ولكنها في النهاية بقوة أبناءها وبتماسك جبهتها الداخلية وإمكاناتها الذاتية ومخزونها التاريخي والحضاري قادرة بإذن الله على النهوض والانتصار على كل المشاكل والمعوقات ..... تقبل تحياتي واحترامي الصادق لأرائك الحرة وان كنت اختلف مع بعضها.