يدفعنا حديث فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في المؤتمر الوطني الأول للجمعيات والأسر المنتجة المنعقد في صنعاء يوم أمس الأول حول أهمية إحياء قيم الإنتاج في مجتمعنا والابتعاد عن ذلك النمط الاستهلاكي غير المدروس والذي نعتمد فيه على استيراد كل شيء بما في ذلك المنتجات المشابهة لمخرجات الصناعات الحرفية واليدوية الوطنية التي ازدهرت في اليمن بل وحتى الأصيلة منها التي التصقت بالمجتمع اليمني وظلت حتى وقت قريب توفر الآلاف من فرص العمل ومصادر الرزق للآلاف من الأسر اليمنية .. يدفعنا هذا الحديث إلى الوقوف أمام ما تضمنه من توجيهات للحكومة بشأن استنهاض طاقات المجتمع وتوجيهها نحو الإنتاج الذي ينعكس في امتصاص البطالة والحد من الفقر وإحداث انطلاقة صناعية حقيقية تعود بالنفع والخير والرخاء على الوطن وأبنائه. وفي ذات الوقت، فإن هذا الحديث الهام لرئيس الجمهورية يدفعنا إلى إمعان النظر في مواقف بعض القوى السياسية والحزبية التي لا تفكر سوى بنفسها ومصالحها الضيقة ولا يهمها سوى كيف تصل إلى أهدافها الأنانية عن طريق افتعال الأزمات واختلاق الزوابع الإعلامية والسياسية وإشغال البلاد والعباد في أمور هامشية لا علاقة لها على الإطلاق بهموم وتطلعات أبناء هذا الشعب، الذين تتركز أولوياتهم في متطلبات الحياة ووسائل العيش الكريم وفي السبل التي تنهض بوطنهم وباقتصادهم، لإدراكهم أن الشعارات الرنانة والمزايدات الفارغة ليست أكثر من كلام يتطاير في الهواء، لا قيمة له ولا معنى ولا يسمن ولا يغني من جوع، وأن الأجدى من الكلام والاستقواء بالخارج ضد الوطن والبكاء والعويل أمام السفارات والبعثات الدبلوماسية ومحاولة تضليلها بفواحش القول والزيف والخداع، والسعي إلى تدمير الوطن من خلال استهداف قائد مسيرته ورمز حريته واستقلاله ونهضته وتقدمه ونهجه الديمقراطي هو تبني البرامج التي تساعد على إيجاد المعالجات والحلول العملية للقضايا والتحديات التي تواجه المجتمع وإقناع الناس بصوابية هذه البرامج وكسب ثقتهم في صناديق الاقتراع، أما غير ذلك فسيظل الأمر برمته هراءً في هراء، لا يقدم ولا يؤخر، ولا يحفز أحداً على استساغته أو الانشداد إليه أو حتى التفكير فيه. ولأن "فاقد الشيء لايعطيه" كما يقال، فإن مبلغ آمال الناس في تلك القوى السياسية والحزبية وقياداتها العقيمة أن تكف أذاها عنهم وتتوقف عن استغلال مناخات الديمقراطية في إثارة القلاقل والأراجيف التي تؤثر سلباً على حركة انسياب الاستثمارات وتشوه صورة اليمن في الخارج، وأن تُقلع عن الخطاب الموتور والتحريضي على الممارسات المخلة بالأمن والاستقرار والسكينة العامة، وأن تعي تماماً أن الاستقواء بالخارج على الوطن رهان فاسد وخاسر وسلوك مدمر، وأنها إذا ما كانت تبحث عن شراكة فعليها أن تبني هذه الشراكة مع الوطن وأبنائه وليس مع غيرهما، وأن تخطب ود هذا الشعب الحر المناضل وليس السفارات والبعثات الأجنبية التي وإن استمعت إليها فإنها لن تحترمها أو تثق بها أو تقدم حلولاً لأي مما تطرحه من القضايا حيث لن يسمح الشعب اليمني لأي كان بالتدخل في شؤونه الداخلية وسلبه إرادته الحرة. وفي إطار كل ذلك لابد وأن نسأل هذه القوى السياسية والحزبية: كيف تريدون الوصول إلى السلطة وأنتم لم تقدموا شيئاً لهذا الشعب؟!.. وكيف تريدون من هذا الشعب أن يمنحكم ثقته وأنتم الفاشلون في تقديم أي شيء مفيد له بل وظللتم تناصبونه العداء وتقفون في طريق تقدمه وتطوره وتعملون على عرقلة وإعاقة كل توجه تنموي واقتصادي يسعى إلى إخراجه من دائرة الفقر والبطالة؟!.. وكيف تريدون أن يكون هذا الشعب معكم وهو لم يعرف منكم سوى العقوق والجحود والنكران وتضييق الخناق على مساراته النهضوية والتنموية وعرقلة انطلاقته على دروب البناء والتقدم؟!!. وكيف تطمحون إلى أن يؤيدكم هذا الشعب وأنتم لا تمتلكون رؤية ولا برنامجاً ولا مشروعاً ولا رصيداً يمكن الاتكاء عليه؟!! وهل من المعقول أن يلتف هذا الشعب - بعد كل ذلك- حولكم وأنتم لا تعلمون ماذا تريدون بالضبط وكل ما تحملونه في رؤوسكم يتوقف عند حدود الرغبة في الوصول إلى الحكم والانقلاب على الديمقراطية حتى ولو تم تدمير الوطن والوقوف على أنقاضه؟!!. ولا ندري كيف يمكن لكم الوصول إلى هذه الغاية وأنتم تفتقدون المقومات التي تؤهلكم لذلك أو تقنع بكم جماهير هذا الشعب، خاصة وأن للسلطة طريقاً واحداً هو صناديق الاقتراع واحترام إرادة الشعب؟!. ولو أن هؤلاء سمعوا نصائح الآخرين الذين يجأرون إليهم بالبكاء والعويل والنحيب والشكوى، واستوعبوا حقيقة أن الوصول إلى السلطة يمر عبر صناديق الاقتراع وكسب ثقة الناس وأصواتهم، وأن ما عدا ذلك ليس أكثر من مضيعة للوقت وملهاة ووهم وسراب يخدعون أنفسهم به، لاتبعوا صوت العقل والمنطق ولدلهم على الطريق القويم والذي لا شك وأنه يبدأ بالتحاقهم في مناقشات مشروع التعديلات الدستورية في إطار المؤسسة التشريعية المنتخبة، وإبداء آرائهم بشأنها والانخراط في الخطوات الجارية لإجراء الانتخابات النيابية القادمة في موعدها المحدد، ومواصلة الحوار مع المؤتمر الشعبي العام وحلفائه في التحالف الوطني الديمقراطي قبل الانتخابات وبعدها، أو الدخول في الشراكة الوطنية التي تم عرضها عليهم من خلال المشاركة في حكومة وحدة وطنية بغض النظر عن نتائج الانتخابات وذلك في إطار الحرص على صيانة الوطن. فباب الحوار ظل وما يزال مفتوحاً أمامهم كما هو شأن كل إسهام وطني في إنجاح كل التوجهات التنموية والاقتصادية الهادفة إلى مكافحة الفقر والحد من البطالة، وترسيخ الأمن والاستقرار وإعلاء قيم الإنتاج في الواقع المجتمعي، وحشد الجهود إلى جانب هذا التوجه النافع والمفيد، أما غير ذلك فسيبقيهم غرقى في نزوات الهوى وحماقات العناد والمكابرة ليجنوا على أنفسهم، فيصبحوا ضحية مغامراتهم ومقامراتهم الخاسرة.