بدون الدخول في مناقشة التسمية هل ما يجري في ساحات التغيير ثورة أم انتفاضة أم هبّة شعبية, نحن هنا فقط ندقِّق في التسمية التي تغيّرتْ بقدرة قادر بين عشيّةٍ وضحاها مِن ثورة شبابية إلى ثورة شعبية.. وفي ذلك ما يثير ألف سؤالٍ وسؤال,كيف تغيّرت التسمية من شبابية إلى شعبية؟وهل جاء هذا التغيير محض الصدفة أم هو تحصيل حاصل لما يعتمِل خلف الستار من محاولة جاهدة من قِبَلِ الأيادي الآثمة لاحتواء الشباب في إطار البوتقة التي يحددها الذين يسيطرون اليوم على ساحات وميادين التغيير في كل المحافظات اليمنية؟! لقد بدأ الشباب ومنذ خروجهم الأول إلى الميادين والساحات يرفعون شعار (ثورة شبابية) وهم يهتفون:{لا حزبية ولا أحزاب.. ثورتنا ثورة شباب} لكن اليوم ومنذ سيطرت أحزاب المشترك وتحديداً "الاخوانيين" على هذه الساحات وحوّلوا بقية الشباب والأحزاب على حَدٍّ سواء إلى مجرّد (كومبارس),بدليل أنّ منصة ساحات التغيير واللجان الإعلامية والأمنية أضحت بيد هؤلاء الإخوانيين الذين أحكموا السيطرة تماماً على هؤلاء الشباب المغلوبين على أمرهم الذين وجدوا أنفسهم بدون تأثير, وبالمثل سيكون دورهم مستقبلاً, لأنّ الذي لا يستطيع أنْ يفرض سيطرتَهُ وهو لا يزال في ميادين التغيير فمن الصعب عليه فرضها بعد أن تؤول الأمور إلى أيادي الأحزاب التي احتوت هذه الثورة ووأدتها وهي لا تزال في مهدِها. لقد ظلّ الشِّعار الذي رفعَهُ الشباب (ثورة شبابية) هو السائد في كل وسائل الإعلام اليمنية وبالذات قناة (سهيل) حتى تمَّ احتواء الشباب تماماً والسيطرة مُطلقاً على اللجان الإعلامية والأمنية وأيضاً الطبيّة مِن قِبَلِ "الأخوان" الذين غيّروا التسمية بعد ذلك من ثورة شبابية إلى ثورة شعبية. وفي ذلك فتحٌ لبابٍ واسعٍ من التأويلات لهذا المصطلح الجديد الذي يجعل من الشباب مجرّد عامل من عوامل هذه الثورة, ومصدر من المصادر التي تضم الأحزاب وبعض المشائخ والانتهازيين وناهبي الأراضي والمصلحيين الفاسدين الذين لفظهم الشعب وعادوا إلى الأضواء اليوم من خلال التسلُّق على صهوة الثورة الشبابية التي ظهرَ جليّاً اليوم أنّها أصبحتْ في خبر كانَ بعد أن رفعَ "الإخوانيون" اليوم شعار (ثورة شعبية) في محاولة مفضوحة للسيطرة على هذه الثورة وتجييرها لصالحهم بعد أنْ عجزوا في السابق أنْ يحشدوا تلك الحشود التي خرجت بفضل الشباب مُطالِبةً بالتغيير لا بفضلِهم, لأنّ الجماهير اليمنية يئست منهم ولم يعدْ بمقدورِها تصديقهم بعد أنْ خَبَرتهُم في تجارب سابقة أثبتوا من خلالها أنّهم البديل الأسوأ للنظام القائم الذي يسعون إلى إسقاطه. ومن خلال هذا الاحتواء استطاع الإخوانيون أنْ يجعلوا صوتَهُم هو الأبرز في ميادين التغيير ليثبتوا أنّ الآخرين ليسوا سوى أتباعٍ لهم وأنّهم قِلّة قليلة لا يمكن لهم إملاء شروطهم على النظام ولا حتى الدخول بمفاوضات معه من أجل وضع الّلبِنات الأساسية لغد اليمن الذي ينشده الجميع.. وهذا ما يتضح جليّاً اليوم من خلال المفاوضات السريّة التي تجريها أحزاب اللقاء المشترك في منأىً تام عن شباب التغيير الذين لا يعرفون بتلك المفاوضات إلّا بعد انقضائها. اليوم الإخوانيون ومن أجل تلميع صورتهم التي ظهروا بها بعد أنْ احتووا الثورة الشبابية ورفعوا شعار ثورة شعبية عادوا اليوم ليؤسسوا لجاناً شبابية في الميادين من قبل عناصرهم المتواجدة داخل الساحات لإظهار أنّ الشباب لا يزالون هم المسيطرين على الساحة وأنّ الإخوان لم يحتووا أحدا.. هذا من جهة, ومِن جهة أخرى ليبقى الشباب هؤلاء - الذين هم جزء منهم - ورقة ضغط بأيديهم يمارسون بها الضغط وتمرير رؤيتهم على النظام وقتَ يشاءون. الشباب الأنقياء اليوم مدعوون لعزل أنفسِهم في ساحات أخرى أو في أماكن داخل ساحات التغيير تميّزهم عن الإخوانيين وبقية الأحزاب حتى يستطيعوا التعامل بعقلانية مع الوضع والسير بهذه الثورة أو الانتفاضة نحو المصير المنشود وتحقيق الأهداف التي خرجوا من أجلها وهي محاربة الفساد وإيجاد مبدأ تكافؤ الفرص وتعديل الدستور بما يتوافق وتحقيق النظام البرلماني والقائمة النسبية وحكومة الوفاق الوطني التي استقتها منهم فيما بعد أحزاب اللقاء المشترك وقدمتها للرئيس من خلال مبادرة النقاط الخمس التي وافق عليها الرئيس ورفضتها أحزاب المشترك بأسلوبٍ سافر ينم عن رغبتها الملحة في الوصول للسلطة بأية وسيلة بعيداً عن الأساليب الديمقراطية والطرق السلمية والسلسة, بل وإدخال البلاد في أتون صراعاتٍ لا يعلم إلّا الله كيف خاتمتها. وبغير تمييز للشباب في ساحات منفصلة عن ساحات الإخوانيين فلن تقوم للشباب قائمة ولن تتحقق لهم أية أهداف في قادم الأيام, لأنّ ما هو حاصل في ساحة جامعة صنعاء ليس ثورة شبابية بل انتفاضة إخوانية بكل معالِمِها وإنْ خَجِلَ بعضُ الشباب وليس الكل الاعتراف بها خشيةً من وسمِهم بأنّهم لا دورَ لهم بعد أنْ احتواهم "إخوان" حزب الإصلاح.