التحرير مَشغَل الثورة الشعبية المصرية.. هكذا أكد وزير الخارجية الفرنسي.. الذي أشار إلى أن الفرنسيين سيقومون بتدريس الهبة المصرية وثورة التغيير التي أكسبت المصريين إعجاب واحترام العالم.. والحديث عن الثورة المصرية لا ينفك عن ذكر ميدان التحرير الذي لاتتجاوز مساحته 90 متراً مربعاً والمرتبط بالعديد من الشوارع الرئيسية والفرعية، ويتوسطه المجمع الحكومي المعني بكافة معاملات المصريين والوافدين من العرب والأجانب، ويوجد بجواره مبنى المتحف الوطني ويتفرع منه شارع طلعت حرب رجل الصناعة في مصر، ويحاذيه شارع محمد محمود وهو الشارع الذي يتواجد فيه مبنى وزارة الداخلية وكوبري 15مايو والعديد من الشوارع المرتبطة بمعيشة المواطن المصري. كل تلك المعالم الهامة التي يحتويها الميدان يتمكن من خلالها السياح ورجال الاعمال من قضاء أعمالهم بالمرور منها أو إليها، ولم يدر في خلد أحد أن يتحول التحرير من شريان للمواصلات الى رمز ومحطة للرفض وانشطارية للمظاهرات التي تقوم بها التنسيقيات الشبابية التي تتجاوز المائتين وخمسين ائتلافاً، ناهيك عمن رفضوا الائتلافات ويعملون منفردين. الجمعة قبل الماضية رفع المعتصمون شعار: (ارحل يا مرسي) تواصلاً للمظاهرات والرفض لما اسمهوه هيمنة الإخوان على الإعلام والحياة السياسية في مصر، وتأكيدات بعض الأحزاب والتنسيقات الشبابية بأن الإخوان التفوا على مطالب الثورة الشبابية وجيروا خيرات التغيير الذي ذهب ضحيته معظم الشباب لمصلحة الإخوان وشبابه وقياداته. فبعد أن كان الحزب الوطني يرفع شعار(جمال أو الإخوان) تحققت النبوءة وأصبح واقعياً أن الإخوان التنظيم العالمي الأفضل تنظيماً بإجماع كافة الأحزاب والمعارضين للإخوان في كافة أرجاء الوطن العربي. بعض الشباب الذين شاركوا في تظاهرة الجمعة قبل الماضية أكدوا وطالبوا بالافراج عن الشباب الذين لا يزالون يردحون في السجون والتحقيق في ملابسات اختفاء البعض منهم، حيث لا تزال أسرهم تعاني حتى لحظة كتابة التقرير لمصير أولادهم المجهول في مقابل رفض الجهات الأمنية الاعتراف بوجود أحد من قائمة مجهولي المصير حتى إشعار آخر. وبنظرة تاريخية تجاه ميدان التحرير الذي مثل منذ يناير من العام الماضي مشغلاً لا يتوقف هديره ومكاناً ملهماً للثوار والثائرين، نرى أن تأسيس الميدان أو ولادته الأولى ليست ببعيدة عن الفكر الثورة والهيجان الذي يعيشه اليوم. فميدان التحرير اسم أطلق على باحة وساحة فسيحة من أهم شوارع القاهرة إبان ثورة عام 1919م التي قادها الزعيم الشعبي سعد زغلول، والتي كانت في أبرز عناوينها ترفض استمرار الاحتلال البريطاني لمصر بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث كانت تلك الساحة الفسيحة مكاناً لاجتماعات ومظاهرات حزب الوفد الذي قاده ذات يوم سعد زغلول ودعا من هناك بدعوى التحرير والاستقلال من المحتل البريطاني، ولهذا كانت التسمية. ولنا أن نرى كم هي مترابطة بدايات الميدان الأولى في عام 1919م وحالته الهائجة اليوم والتي كانت ثورة 25 يناير في العام الماضي أبرز عناوينها، بل وتعدت الخارطة المصرية لتصيب العالم العربي كله بعدوى الربيع العربي.