انتكاسة جديدة تُمنى بها القوى الانقلابية على الديمقراطية والشرعية الدستورية، حيث فشلت هذه القوى فشلاً ذريعاً في إيقاف "تسونامي" الانسحابات من المجلس الذي شكلته مؤخراً وأرادت أن تجعل منه غطاءً لأجندتها التي تسعى لتنفيذها في إطار مشروعها الذي تطمح من خلاله للقفز إلى السلطة وكراسي الحكم. ومثل هذه الانتكاسة كانت متوقعة لأن من وضعوا سيناريوهات ما يسمى بالمجلس الوطني هم نفس الشخوص ونفس العقليات ونفس الوجوه التي كانت وراء المشاريع الفاشلة التي راهنت عليها أحزاب اللقاء المشترك من أجل إضعاف النظام السياسي القائم والنيل من مكانته لدى الجماهير، إلا أن ما لم يتوقعه البعض هو ذلك السقوط المدوي لهذه الأحزاب التي دفع بها غرورها إلى إعلان نفسها وصية على ألوان الطيف السياسي والحزبي والاجتماعي، وهو ما تجلى في قيامها بتشكيل ما يسمى بالمجلس الوطني من شخصيات سياسية وحزبية من دون الأخذ بموافقتها ومن دون علمها في تصرف همجي لا ينم عن أي قدر من المسؤولية، الأمر الذي قوبل بالرفض والاستهجان والاستنكار من قبل تلك الشخصيات التي وجدت أن تصرفاً كهذا يعكس حالة الاضطراب النفسي والذهني التي تسيطر على قيادات أحزاب اللقاء المشترك إلى درجة أصبحت فيها لا تضع أي اعتبار لمواقف الآخرين وتوجهاتهم ورؤاهم بعد أن استسلمت لفكرها الشمولي ونزعتها الديكتاتورية وعلى النحو الذي لم تعد فيه تأخذ حتى برأي القيادات الوسطية في أحزابها بدليل رفض بعض هذه القيادات المشاركة في ذلك المجلس المزعوم الذي ولد ميتاً. والمؤسف والمؤلم معاً أن كل هذه الانتكاسات والاخفاقات المريرة لم تستفد منها أحزاب اللقاء المشترك والتي يبدو أنها أصبحت أسيرة للقوى الإخوانية المنغلقة والمتطرفة في التجمع اليمني للإصلاح ومحكومة بتوجهات هذه القوى التي استوطن الشر في نفوسها وسكن الغل والحقد في قلوبها بفعل ما تعتنقه من فكر متطرف لا يعترف بحق الاختلاف ولا بالرأي والرأي الآخر ولا بقيم الديمقراطية ولا بروح التسامح. ولو أن قيادات أحزاب اللقاء المشترك انحازت لمنطق العقل وابتعدت عن المكابرة والعناد لأدركت أن للمجتمع اليمني سماته وخصوصياته التي لا يمكن تجاهلها وإسقاط ما يجري في بعض الدول الشقيقة من أحداث على هذا المجتمع الذي تقف غالبيته خلف القيادة السياسية الحكيمة بزعامة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي جاء إلى السلطة عن طريق الانتخاب الحر والمباشر والنزيه وثقة أبناء شعبه الذين منحوه أصواتهم في صناديق الاقتراع اعترافاً بدوره في بناء اليمن الحديث والمعاصر وتقديراً لما قدمه من أجل إنجاز تطلعات هذا الشعب في التقدم والرخاء والديمقراطية والوحدة، ولذلك فمن حق هذا الشعب أن يظل متمسكاً بقائده الذي وجد فيه صمام أمان لليمن وأمنه واستقراره، كما أن من حق هذا الشعب أن يسقط أية مشاريع لا تتفق ومصالحه الوطنية العليا ولا تتجاوب مع طموحاته في مختلف المجالات وأن يتصدى لأجندة الانتهازيين والشموليين والمستبدين والفاسدين ومن تلوثت أيديهم بدماء أبنائه أو من تورطوا في أعمال التخريب من قطع للطرق والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة ونهبها وكذا من امتدت أيديهم لضرب خطوط وأبراج الكهرباء وحرمان أبناء الشعب من حقهم في الحصول على حاجياتهم الضرورية من المشتقات النفطية والغاز والمياه وغير ذلك، وليس هناك من هو وصي على هذا الشعب وإرادته الحرة، وعلى أصحاب المشاريع الصغيرة أن يتعلموا من تجاربهم وإخفاقاتهم المدوية ومن ذلك السقوط المهين لمجلسهم الانقلابي اللاوطني.