ما سمعناه من كلمات لأعضاء مؤتمر الحوار الوطني خلال الأيام الماضية يؤكد بأن المؤتمر يمضي في طريقه الصحيح ، ويبشر بالوصول إلى النجاح المأمول بإذن الله . فكل ما قاله المشاركون حتى الآن يتفق تماما مع مفهوم الحوار وأهدافه، إذ لم تخل كلماتهم من الشفافية والوضوح في طرح القضايا المفترض أن يناقشها المتحاورون فيما بعد.. يضاف إلى ذلك السماح بنقل ما يدور في قاعة المؤتمر دون تدخل أو حذف وعلى الهواء مباشرة عبر قنوات التلفزة ومحطات الإذاعة ، ما جعل المشاهد والمستمع في حالة من الدهشة وهو يستمع إلى كلام لا سقف له ولا حدود دون اعتراض من رئاسة الجلسة كونه لم يألف ذلك من قبل . هو التغيير إذاً الذي ينتظره أبناء شعبنا الصابر والذي أتاح للناس أن يتحدثوا بحرية دون خوف أو وجل ، حتى أن أحدهم رفع العلم السابق لجمهورية اليمن الديمقراطية في الجلسة الافتتاحية ولم يلحق به أي أذى أثناء الجلسة ، أو لاحقه أحد بعدها ، حيث لا وجود لأجهزة الأمن والجيش في قاعة المؤتمر أو في محيطه إلا لحفظ النظام وحماية المؤتمر فقط ، وهو ما جعل أحد الأعضاء يقول في كلمته « لأول مرة نتحاور والجيش يقف في الحياد «. هو التغيير الذي جعل مشهد الحوار اليوم مختلفا، لا يقتصر على النخب السياسية ولا مجال فيه للمساومات والصفقات. هو التغيير الذي جمع لأول مرة ابن صعدة مع ابن المهرة وابن مأرب مع ابن حضرموت وبنت صنعاء مع بنات عدن والضالع ويافع وتعز في قاعة واحدة للبحث في هموم الوطن والخروج برؤية مغايرة للماضي . هو التغيير الذي أتاح هذه الفرصة لليمنيين بتنوعهم وإختلاف الوان طيفهم السياسي والثقافي والفكري والمذهبي يرسمون هذه اللوحة البديعة وجميعهم يلتفون حول شعار واحد « بالحوار نصنع المستقبل « . هو التغيير الذي جاء بالدكتور عمر عبد العزيز من الإمارات والشيخ أحمد بن فريد الصريمة من سلطنة عمان ومنير الماوري من واشنطن وطه الحميري من الرياض ليلتقوا على طاولة الحوار ويصوغون مستقبل وطنهم الذي وإن غابوا عنه لكنهم ظلوا مشدودين إليه بقلوبهم ووجدانهم . هو التغييرالذي نتطلع إليه بتفاؤل، وكلنا أمل أن يمثل مؤتمر الحوار أساسه وجوهره بما سيخرج به المتحاورون من نتائج ورؤى ترسم معالم الحكم الرشيد والدولة المدنية الحديثة كما قال الرئيس هادي . فالتحية والإجلال لكل من شاركوا في جعل التغيير ممكنا، وأثبتوا بتضحياتهم ووفائهم لوطنهم وشعبهم أن اليمنيين قادرون دائما وبما يمتلكونه من حكمة على صنع المعجزات التي تجعل العالم ينحني لهم تقديرا وإعجابا.