غداً الجمعة ال12 من فبراير لم يكن يوماً عابراً من تاريخ شعبنا اليمني المعاصر، بل كان يوماً تاريخياً في حياة اليمنيين الذين هبوا بسوادهم الأعظم وبالملايين متجاوزين الحواجز والمتاريس والخرسانات وأكوام الرمال التي كانت تتمترس في عديد من المدن وفي شوارع العاصمة صنعاء، وبعزيمة لا تلين متجهين صوب صناديق الإقتراع لانتخاب رئيس توافقي منقذ لليمن أرضاً وإنساناً.. تلك الجموع عبرت بمواقفها المسؤولة عن إرادتها الحرة وبشفافية في انتخابات ديمقراطية نزيهة غير مسبوقة.. مانحة ثقتها الكاملة للأخ الرئيس عبدربه منصور هادي لينتشل الوطن من كارث محدقة كادت أن تودي باليمن إلى حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس.. ومن أجل أن يقود مسيرة التغيير الملبية لآمال وطموحات وتطلعات الشعب في يمن جديد ودولة مدنية ديمقراطية مؤسسية حديثة تضمن تحقيق العدالة وتوفر المناخات الملائمة للمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات.. دولة قوية تفرض هيبتها وفقاً للدستور والقانون.. دولة يسهم في بنائها كل اليمنيين من خلال شراكة حقيقية في السلطة والثروة.. ومن بين عمق التحديات والمخاطر والمعضلات الجسام وبحكمة وحنكة وشجاعة لبىَّ الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي نداء الشعب اليمني الذي أدهش العالم بروحه الحضارية وهو يتدفق إلى صناديق الاقتراع في ظل أوضاع عصيبة بالغة الخطورة والتعقيد، وبدأت عجلة التغيير تدور إلى الأمام رغم كل الصعوبات والإفرازات الناجمة عن الثورة الشبابية الشعبية السلمية.. اليوم.. وفي حضرة اليوم التاريخي يتوجب علينا أن ننظر بواقعية وإنصاف وندع الحقيقة وحدها تتحدث عمّا تم إنجازة على صعيد الواقع العملي وبعيداً عن لغة التطبيل والتفخيم والتضخيم.. نجد أن ما تحقق بفضل جهود الأخ الرئيس ومعه كل القوى الوطنية الفاعلة وأبطال القوات المسلحة والأمن الأوفياء الشجعان، وعلى مختلف المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، تعتبر انجازات لا يستهان بها، لاسيما إذا ما ربطنا ذلك بالواقع الذي رافق مسيرة العامين المنصرمين المليء بالمخاطر والتحديات التي لا تزال متواصلة حتى اليوم.. ولعل أبرز الانجازات تلك التجاوز باليمن ووحدته وأمنه واستقراره مرحلة الخطر المدمر الذي كان وشيكاً، وبالتالي النجاح الكبير لمؤتمر الحوار الوطني المجسد في المخرجات التي توافق وأجمع عليها المتحاورون، والتي بدأت طريقها للترجمة الفعلية الهادفة تأسيس الدولة الاتحادية المرتكزة على نظام الأقاليم الذي سوف يسهم في النهوض التنموي الشامل لليمن، وفي تعزيز وترسيخ دعائم الحكم الرشيد الذي ينشده اليمنيون بمختلف مكوناتهم السياسية والمجتمعية.. وما نود التأكيد عليه أن إقرار إنشاء الأقاليم الستة هو فتح وانتصار للشعب، وبوابة عبور آمن إلى المستقبل..وما يثير الضحك والسخرية- أن نسمع من البعض أن الأقاليم سوف تتجزأ وتقسم اليمن وأنها ستئد الوحدة... وهذا كلام للاستهلاك السياسي وللضحك على البسطاء وتحريض رخيص يستهدف تزييف وعيهم والتشويش عليهم إزاء مثل هكذا قضايا مصيرية.. فهل تجزأت روسيا أو انقسمت ألمانيا، أو تمزقت أمريكا، أو تناثرت الهند، أو تشظت الامارات العربية المتحدة وهي تعمتد نظام الأقاليم والفيدرالية.. فهلاّ كف من يهذون بأن الأقاليم خطر على وحدة اليمن عن غيهم؟!