عظم الله أجر المؤمنين كافة في استشهاد سيد الشهداء سبط رسول الله الإمام الحسين بن علي الذي صادف ذكرى استشهاده الأليمة يوم الأمس ال10 من محرم، وتلك الجريمة ما تزال خالدة في أذهان وعقول البشرية، رغم مرور ألف وأربعمائة عام، إلا أنها لم تمح من ذاكرة المؤمنين بشاعتها وخطورتها؛ فهي استهدفت عام 61 للهجرة أفضل وأكمل وأعظم إنسان على وجه الأرض ابن بنت النبي محمد صلوات الله عليه وآله، سيد شباب أهل الجنة. كل ذلك بسبب رفضه للظلم والعدوان، وصدوعه بالحق في وجه الطغيان، ورغم علم الناس بمكانته وعلمه وحلمه وصلته القريبة من رسول الله (صلوات الله عليه وآله)، وشهادته له بأنه سيدهم ليس في الدنيا فقط، بل حتى في الآخرة، فهو سيد شباب أهل الجنة، وليس في الجنة كهول أو أطفال فكلهم شباب، وهو سيدهم، إلا أن كل تلك الأوصاف لم تشفع للإمام الحسين من أن يُقتل هو وجميع من كان معه من أقاربه وأولاده وإخوته وبني إخوانه في أبشع جريمة عرفها التاريخ في تلك الحقبة، وعلى أيدي من يدعون الإسلام، بل ويُصلون ويصومون؛ ومع ذلك يتقربون بدماء أهل بيت النبي زعماً منهم أنهم ينصرون الإسلام المحمدي، بينما يطعنون رسول الله (صلوات الله عليه وآله) في فلذة كبده ويقتلونه شر قتلة ويمثلون بجسده ويمزقونه بسيوفهم ويحملون رأسه ورؤوس أهله على أسنة الرماح، ويطوفون بها جميع الأمصار في أكبر تعزير عرفه التاريخ؛ كل ذلك لأنهم لم يخضعوا للظلم اليزيدي المجرم، فكان جزاؤهم تلك الجريمة بكل بشاعتها ووقاحتها وجرأتها على الله ورسوله وعلى المؤمنين؛ فالإمام الحسين مثل خط الحق وانتصر له حتى لو ضحى بنفسه وأهله وكل ما يملك من أجل إحقاق الحق، فلم يداهن أو يجامل أو يتراجع أو يخاف أو يخشى لومة لائم دون الله عز وجل، فنال الشهادة العظمى وخُلد ذكره مع الخالدين؛ بينما سقط يزيد الباغي المعتدي المجرم سقوطاً مخزياً رغم وصوله إلى سدة حكم الدولة الإسلامية الوحيدة في العالم؛ لكن بجريمته تلك، وأعماله المشينة والتي تبعت تلك الجريمة من إحراق للكعبة، وإمتهان للمدينة المنورة، واستباحة أعراض نساء الصحابة على أيدي جيش يزيد الطاغية؛ كل ذلك الإجرام والظلم والبطش لم يبقه في الحكم أكثر من ثلاث سنوات، يستحي أتباعه ومريدوه أن يتلفظوا حتى باسمه؛ وها هو اليوم الطاغية الجديد سلمان، الطاغية يزيد العصر، يصنع ما صنعه جده يزيد في شهر محرم الحرام الذي حرم الله فيه القتال، فيستبيح الدماء ويقتل الأبرياء ببشاعة ليس لها نظير بقصفه المتعمد بطيرانه الباغي والمجرم لصالة عزاء ومواساة لآل الرويشان في أكبر جريمة بشعة اختلطت فيها الأشلاء ببعضها البعض وتفحمت الجثث للمعزين والمستقبلين للعزاء، وتقطعت الرؤوس والأيدي والأقدام في كل مكان «وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد»؛ فبدأت تلاحقه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وستقلب حياته وحياة أسرته وكيانه إلى جحيم؛ فقد وعد الله بالانتقام للمظلومين ولو بعد حين، وهو القائل سبحانه «ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمله الظالمون». وكما قامت الثورات للانتقام من قتلة الحسين، ها هي اليمن قاطبة تنتفض عن بكرة أبيها برجالها وقبائلها وبلدانها وسهولها وجبالها للانتقام من سلمان اللعين وأعوانه أجمعين؛ وسيسجل التاريخ هذه الجريمة النكراء مدى الحياة عاراً وشناراً في جبين مملكة آل سعود، والتي ستكون إنطلاقة الشرارة لزوال دولتهم الباغية «وما ذلك على الله بعزيز». ولن يدوم مُلك الملك سلمان خائن الحرمين وخادم الأمريكان أطول وأكثر من مُلك جده يزيد. فلم يهنأ العيش يزيد بعد تلك الجريمة النكراء، ولن يهنأ عيش بعد للملك سلمان وجميع أعوانه وأزلامه ونعاله، بعد جريمة استهداف صالة العزاء الكبرى التي راح ضحيتها أكثر من سبعمائة رجل وطفل مدنيين ما بين جريح وقتيل. والجريمة الأكبر والأشد خطراً منعه للطيران نقل الجرحى الذين يتعذر علاجهم في اليمن؛ ليؤكد مدى ما يحمله من حقد دفين لليمنيين خصوصاً، وللمسلمين عموماً، للمؤمنين الموصوفين من قبل الرسول الأكرم بأنهم أهل الإيمان والحكمة؛ فلم يشفع لليمنيين المؤمنين ذلك الوصف العظيم من رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ كما لم يشفع حديث النبي للإمام الحسين عليه السلام ووصفه بتلك الأوصاف العظيمة. ومع ذلك لم يسلم من القتل والتنكيل لأن يزيداً الطاغية وأخلاقهم ومنهجهم واحد وفكرهم واحد وعقيدتهم واحدة. فرحمة الله على شهداء عاشوراء وشهداء الصالة الكبرى.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. - رئيس التحرير: