المسارعة إلى ترميم الصف الوطني الداخلي، هي عين الحكمة، وهي الضمان الحقيقي الذي يحتاجه البلد اليوم أكثر من أي وقت مضى.. لأنه ليس أمام العقلاء وأمام حكماء هذا البلد غير هذه الطريق، لاسيما وأن العدوان رغم إنهاكه والضغوط عليه، إلا انه مصمم على أن يحدث إخلالا في صف المدافعين عن اليمن والمدافعين عن القيم الوطنية.. وأكاد أجزم أن العدوان القذر بما أعد من وسائل ومن أساليب ومن جهود في ميادين المواجهات، وما جهزه من إسناد لوجيستي قياسي، هو لم يوفر جهداً أو موارد مالية وقدرات لنسف جسور التواصل في الجبهة الداخلية.. الضرورة التاريخية والضرورة السياسية الحكيمة تقتضي أن يسارع أبناء هذا البلد الطيب إلى تغليب ثقافة التلاحم والتآزر والالتقاء عند المفيد.. والتوحد ونبذ أية دعوة للاحتقان والتشكيك, الذي أصبح يهدد تماسك الأمة أمام أهوال التحديات.. وأولى هذه التحديات هو العدوان الذي لم يوفر فرصة لكي ينقض على كل البلد، وعلى قلب اليمن ونعني «صنعاء» العاصمة.. صنعاء الحضارة والتاريخ.. فمخطئ من يظن أن العدوان هذا هو وليد اللحظة، أو جاء نتاجاً لمواقف ناشئة، العداء الذي يكنه البعض لليمن لم يتوقف يوماً.. وما نشهده اليوم هو تتويج لمخزون العداء لهذا البلد الضارب في عمق التاريخ.. ولذلك فإنه ليس مستغرباً أن نشهد ويشهد العالم كل هذا الكم من الحقد التاريخي ضد بلد مسالم عربي إسلامي حتى النخاع وتحشد ضد شعبه المؤمن الطيب كل الجيوش المستأجرة، وتدق في نسيجه الاجتماعي كل أسافين الفتنة والفوضى والتخريب النفسي!!.. ومع ذلك من المنطق ومن الحكمة- التي هي سمة اليمانيين الأصيلين- أن لا يتم تجذير الأحقاد ضد أحد.. حتى ضد جيراننا الذين استهوتهم الرغبة في السطوة وفي الهيمنة وجرفتهم ظنونهم وأخطاء حساباتهم إلى موقف لا يحسدون عليه وهم أدرى بما وصلوا إليه رغم المكابرة ورغم الاستقواء بثرواتهم التي أصبحت نهباً لكل من هب ودب.. اليمانيون شعب جدير بأن يكونوا في المكانة العالية التي يستحقونها.. وجديرون بأن يكونوا مالكي سيادتهم وقرارهم وأن يكونوا رافد خير- كما كانوا على مر الأزمان والعهود.. وما صمودهم للعام الثالث وصلابتهم في المواجهة والقتال وتدافعهم للتضحية والفداء إلا واحدة من مزاياهم العديدة وأخلاقهم الرفيعة وشيمهم الكريمة.. نعود إلى حكماء وعقلاء اليمن والى اجتماعهم الذي عاشت صنعاء أهم تجلياته الخيرة.. ونؤكد للجميع أن وحدة الصف ليست خياراً وليست رغبة آنية ولن تكون واحدة من حسابات الساسة وإنما هي ضرورة وهي تمثل أهم الخطوط الدفاعية ضد معتدين وغزاة ومحتلين.. فهل سيكون حكماؤنا وعقلاؤنا عند مستوى هذه التحديات والاستحقاقات؟!.. نتمنى.. نتمنى من المجتمعين كلهم- ونحن نقدرهم جميعاً- الذين استجابوا لدعوة الاجتماع وملأوا قلوبهم حب اليمن والحرص على الدفاع القوي عنه من كل أعدائه والمتربصين به!!.. نتمنى منهم أن يكون اليمن ووحدته وأمنه واستقراره وتصديه للمعتدين والغزاة حاضراً لديهم وأن يقدموا أفضل ما لديهم من مواقف داعمة.. وفي البدء.. هم مطالبون بتوحيد الصف وتغليب المصلحة العامة والعليا لليمن..هم اليوم أمام مسؤولية أخلاقية ودينية ووطنية وعليهم أن يكونوا صوتاً يوحد ولا يفرق وذراعاً قوية موحدة ضد العدوان.. وأن يتناسوا ما عدا ذلك.. المسألة الأشد إلحاحاً والأكثر أهمية اليوم هي توحيد الصف في مواجهة العدوان وفي الثبات والصبر والمصابرة وبقوة إرادة لمواجهة واستدامة المواجهة ضد المعتدين الذين حشدوا كل إمكاناتهم لكي يهمش اليمن واتخذوا العدوان لكي يهشم ويدمر حتى يسهل كسر إرادته والعبث بكل مقدراته المادية والمعنوية.. فهل نمكن المعتدين والغزاة ومن سار في ركابهم من أهدافهم المريضة العدوانية.. من ذا الذي يقبل أن تهان كرامة وطنه.. ومن ذا الذي يغلب مصلحته الخاصة وأهدافه الذاتية على أهداف الوطن؟!!. واثقون أن أبناء اليمن الكرام.. رجال الفكر والثقافة والحضارة.. والعراقة سيواصلون كل جهدهم وسيفشلون كل الرهانات العدوانية وسيبقى اليمن بلد الإيمان والحكمة والبطولة والرجولة.. ولا عزاء للمعتدين الذين طال بهم الأمد وهم على أبواب اليمن يندبون حظهم العاثر وأوهامهم المندحرة المنكسرة!!.