لأول مرة في تاريخ مصر.. قرار غير مسبوق بسبب الديون المصرية    لحظة وصول الرئيس رشاد العليمي إلى محافظة مارب.. شاهد الفيديو    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    الإطاحة بوافد وثلاثة سعوديين وبحوزتهم 200 مليون ريال.. كيف اكتسبوها؟    - عاجل امر قهري لاحضار تاجر المبيدات المثير للراي العام دغسان غدا لمحكمة الاموال بصنعاء واغلاق شركته ومحالاته في حال لم يحضر    العميد أحمد علي ينعي الضابط الذي ''نذر روحه للدفاع عن الوطن والوحدة ضد الخارجين عن الثوابت الوطنية''    مدير شركة برودجي: أقبع خلف القضبان بسبب ملفات فساد نافذين يخشون كشفها    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قالها للتاريخ وذهب:سالمين: تحالف القوى الرجعية الداخلية والخارجية اغتال الرئيس الحمدي
نشر في 26 سبتمبر يوم 17 - 10 - 2018

أبلغنا الحمدي بسفره الوشيك إلى عدن في اليوم السابق.. وزف إلينا بشرى الإعلان عن خطوة سياسية متقدمة
النظام السعودي أبدى معارضته للتقارب بين الحمدي وسالمين.. وكأن الوحدة اليمنية خطر على المملكة
الرئيس سالمين أكد أنه كان مقرراً إعلان رفع علم ونشيد وخارطة موحدة لليمن
كان لقوى الثورة المضادة الدور الفاعل في تأجيج الصراع على المسرح السياسي اليمني ولم يقتصر على شطر دون آخر وبوسائل متعددة تارة مكشوفة وتارة أخرى من وراء ستار، وبأيادٍ معروفة ومكشوفة، وذلك ما يؤكده الرئيس الشهيد سالم ربيع علي في مقابلة له مع يوسف الشريف بعد اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي بقوله:
“احسب أن اغتيال الحمدي لم يكن يستهدف في تقديرنا شخصه فحسب، وإنما كان لصالح قوى سياسية رجعية ورأسمالية داخلية وخارجية تتعارض مصالحها مع نهج الحمدي في استقلالية الإرادة اليمنية وتوجهاته لبناء التنظيم السياسي، والميثاق الوطني، وإرساء قاعدة اقتصادية تنأى بالحكم على الوصاية والضغوط الخارجية.
يتضح من كلام الرئيس سالمين مدى التدخلات الخارجية الهادفة لضرب الثورة اليمنية وتشويه صورتها، وطمس انجازاتها خوفاً من انتقال مبادئها التحررية صوب الجزيرة العربية من جهة، وضمان أمن مصالح القوى العظمى في المنطقة من جهة أخرى..
إذا كانت “العوامل الرئيسية التي تكون السياسة الأمريكية تجاه كل بلدان شبه الجزيرة العربية تلك الفترة تتمثل بنقطتين:
الأولى: الحاجة إلى استمرار تدفق النفط بأسعار رخيصة.
الثانية: الاهتمام بأمن- الكيان الصهيوني- والالتزام باحتواء النفوذ السوفياتي.
الوحدة اليمنية وهاجس المخاوف الإقليمية
لم تكتف القوى المتربصة باليمن بما قامت به ضد الثورة، بل وسعت نشاطها لاحتواء الثورة وزرعت العراقيل في طريق التقارب الأخوي الشمالي الجنوبي بهدف الحفاظ على التشطير ومنع إعادة تحقيق الوحدة اليمنية مستخدمة شتى الوسائل، حيث رافقت عملية جلاء الاحتلال البريطاني في 30 نوفمبر عام 1967م مؤامرة على الثورة في الشمال تمثلت بالصراعات الحزبية الضيقة بين البعثيين والحركيين والإسلاميين وغيرهم من مراكز القوى المرتبطة بالقوى الرجعية وحلفائها، الأمر الذي أربك القيادة السياسية التي كانت تنتظر جلاء المحتل الانجليزي عن جنوب الوطن لإعلان إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، اذ كانت السلطات البريطانية قد اشترطت لنجاح التفاوض والحصول على الاستقلال قيام دولة مستقلة على ارض جنوب اليمن، وفي إطار ضغط وتأثير هذه الأطراف الخارجية تم تغيير القيادة في الشمال في 5 نوفمبر 1967م كما اشتدت الصراعات بين أطراف الحركة الوطنية في الجنوب وبالذات بين الجبهة القومية وجبهة التحرير ودخول جيش الاتحاد كطرف ثالث في الصراع الذي انحاز للجبهة القومية في 7 نوفمبر 1967م أي بعد يومين من تغيير القيادة في الشمال.. وقد توالت بعد ذلك الاحداث حتى وصلت حد الاقتتال بين الشطرين كما حدث عام 1972م، وعلى هذا الاساس استطاعت القوى الخارجية ان تحافظ على استمرار الصراعات داخل كل شطر من جهة، وبين الشطرين من جهة أخرى وجعلت من أي تقارب بين قادة الشطرين- بعيداً عن نفوذ تلك القوى- اقتراب من حبل المشنقة، وذلك ما يلخصه البردوني بقوله: “كان إصرار اليمن على واحديته مثار مؤامرات جديد” فكما حاول الاحتلال ضرب الثورة بالثورة في الشمال في أغسطس 1968م، وكما أشعل حروب الشوارع بعدن بين المقاتلين الثوار عام 1967م، انتقل إلى مواقع اخرى فحاول ضرب شطر بشطر في مستهل السبعينيات، ويمكن ان نلحظ ذلك بشكل اكبر من خلال مواقف تلك القوى تجاه الحمدي وسالمين، حيث كان تقارب رؤيتهما وشعبيتهما وتحركاتهما الصادقة نحو الوحدة وتحررهما من التبعية المطلقة محل رفض السعودية التي كانت ترغب في ان تكون العلاقة بين شطري اليمن بالقدر الذي ينسجم مع تحقيق مصالحها، دون ان تؤدي تلك العلاقة الى تحقيق الوحدة التي تعد خطراً على المملكة وفقاً لتقديرها، وقد أبدت معارضتها لتقارب الحمدي وسالمين وشهدت العلاقة بين الشطر الشمالي والسعودية نوعاً من التوتر عام 1977م، حيث دعت الحمدي لزيارتها في أغسطس 1977م للضغط عليه بالتراجع عن الخطوات الوحدوية التي اتفق عليها مع سالم ربيع علي، كما اشترطت عليه إخراج الخبراء السوفيت واستبدالهم بخبراء سعوديين وهو ما رفضه الحمدي وقد أدى ذلك الرفض الى تأزم العلاقة بين البلدين يذكر عبدالله عبدالعالم قائد سلاح المظلات في ذلك الحين: ان الحمدي قبل زيارته تلك تحوط لنفسه بان طلب من معاونيه بعد أن غادر صنعاء أن يعلنوا خبر عودته في وقت محدد الأمر الذي أربك تحركات القوى التي كانت تعد للإطاحة به وتنصيب المقدم احمد الغشمي بدلاً عنه، يفهم من ذلك ان السعودية كانت قد أعدت البديل للحمدي في حال رفض اشتراطاتها وهو ما أفشله الحمدي بخطته..
عدم رض سعودي عن الحمدي
كما ان الملك السعودي فيصل بن عبدالعزيز كان يعبر احياناً عن عدم رضاه عن نظام الحمدي بسبب ما كان يقدمه الحمدي لبعض القوى ذات الميول اليسارية على حد زعمهم من مزايا، حيث كانت تنظر السعودية لمحسن العيني نظرة ارتياب بسبب سياسته البعثية وسعيه لتطوير علاقات اليمن الشمالي مع العراق والاتحاد السوفيتي.
وكذلك بدأت نظرة الارتياب السعودية نحو سالم ربيع علي بعد ان اكتشفت انه من اكثر الاصوات تعقلاً في عدن وأقل المتطرفين فيها نحو الشمال ويسعى جاهداً في إقامة علاقة طبيعية مع الحمدي، بل انه كان اكثر حماساً الى إعادة تحقيق الوحدة.
وبعد اغتيال الحمدي في 11 أكتوبر 1977م الذي كان من المقرر فيه سفره الى عدن للمشاركة في الاحتفال بالعيد الرابع عشر لثورة 14 اكتوبر 1963م والتوقيع مع سالمين على خطوات وحدوية هامة كان قد اتفقا على إعلانها.
ولإدراك سالمين لطبيعة المخطط الذي يستهدف اليمن وبرغم موقفه المعلن من قضية اغتيال الحمدي تمكن من إقناع الغشمي على المضي بنفس السياسة التي سار بها سلفه الحمدي، الأمر الذي أثار قلق السعودية التي اعتبرت الغشمي غير قادر على تحمل أوضاع البلاد، وانه صديق ضعيف لا يمكن الاعتماد عليه في ظل وجود الشخصية القوية والقيادية التي كان يتمتع بها سالم ربيع علي الذي كانت تخشى من قيادته لليمن الموحد اذا ما تمت الوحدة ومن اجل الحيلولة دون حدوث ذلك فقد وقع الغشمي في مرمى الاستخبارات الاقليمية المدعومة امريكياً، كما وقع سالم ربيع علي في مرمى الاستخبارات الروسية وهذا ما يؤكده البردوني بقوله: “أدت الجدية في طريق الوحدة الى احداث 11 أكتوبر 1977م اغتيال الحمدي في صنعاء واحداث يونيو 1978م في صنعاء وعدن اغتيال الغشمي وسالمين.
وصلتنا الاعلام والعنب
ولتتضح الصورة بشكل اكبر سنورد مقابلة أجراها الصحفي يوسف الشريف مع الرئيس سالم ربيع علي بعد اغتيال الرئيس الحمدي، اذ يقول الشريف: التقينا بالرئيس سالم ربيع علي مباشرة بمقر الرئاسة في عدن.. وكان الرجل حزيناً ومهموماً.. قلنا له: ان ابراهيم الحمدي كان قد ابلغنا بسفره الوشيك الى عدن في اليوم السابق لاغتياله، وقال: انه أرسل الاعلام والعنب وزف إلينا بشرى الاعلان عن خطوة سياسية متقدمة على طريق الوحدة في مناسبة الاحتفال بذكرى ثورة 14 اكتوبر؟!..
وقال سالمين: “وصلتنا الأعلام وهدايا العنب بالفعل، ولم يصل ابراهيم الحمدي.. إذ كنا على موعد لإعلان مجلس رئاسة وحدوي لشطري اليمن، نتبادل فيه الرئاسة بشكل دوري.. ويبدو انه كان على خصوم اليمن واعداء وحدته تسريع وتيرة إجهاض هذه الخطوة بأي وسيلة عندما علموا بها.. ولذلك كان تنفيذ عملية اغتيال الحمدي وشقيقه متسرعة ومتخلفة ومكشوفة”..
وقال يقصد سالمين: “نحن نعتبر رحيل الحمدي خسارة كبرى لليمن وفي ظروف تاريخية عصيبة أحوج ما تكون الى استمرار قيادته، وكنا قد اعددنا لأضخم الاحتفالات الرسمية والشعبية في تاريخ اليمن الديمقراطية لاستقباله، وزيارته ليس فقط لعدن ولكن لكل محافظات الجمهورية باعتباره زعيماً وطنياً يمنياً، حقق لبلاده الكثير على صعيد استقلالها واعادة بنائها وتحديثها ودفع مسيرتها باتجاه الوحدة بين الشمال والجنوب”..
وأشعل الرئيس “سالمين” سيجارة- والحديث مازال ليوسف الشريف- وتلك عادة جديدة لم اعرفها عنه من قبل، ثم عاد يقول في نبرات حزينه: “قبل الحادث بأيام تلقيت- عن طريق سفيرنا في بيروت- رسالة شخصية من القاضي عبدالرحمن الارياني الذي يعيش في دمشق منذ قيام الحركة التصحيحية بقيادة ابراهيم الحمدي في 13 نوفمبر 1974م، اهم ما جاء في رسالته انه يبارك ويؤيد النهج السياسي الذي يتزعمه الحمدي في الداخل والخارج، وانه، أي الحمدي، قطع اشواطاً بعيدة وصعبة على طريق تقدم اليمن ورفاهيته واستقلاله وإرادته ووحدته، وان هذه الانجازات ربما تكون مدعاة لمزيد من التحديات والمؤامرات التي تحاك ضده في الخفاء من اعداء اليمن، ثم يختم القاضي الارياني رسالته الشخصية فيوصي خيراً بإبراهيم الحمدي ومناصرته وشد ازره والتفاهم معه على ما يحقق مصلحة وطموحات الشعب اليمني لانهاء التشطير واستعادة اليمن وحدته!!..
سألنا الرئيس سالمين: متى سمعت نبأ اغتيال الحمدي؟ قال: كنت أتتبع إذاعة صنعاء بانتظار إعلان بيان رسمي متفق عليه مع الحمدي حول زيارته الى عدن للتهنئة بالعيد الرابع عشر لاندلاع ثورة 14 أكتوبر وإذا بسلسلة متوالية ومفاجئة لتلاوة القرآن ودون تفسير للأسباب، وعندئذ سيطر عليّ شعور بالقلق وأحسست ان شيئاً غير عادي قد حدث في صنعاء، وتذكرت رسالة الارياني التي وصلتني منذ ايام وطلبت الاتصال بالرئيس الحمدي تلفونياً، وكان الرد من القصر الجمهوري في صنعاء: انه غير موجود ومشغول في اجتماع مهم، وطلبت الاتصال بنائبه المقدم احمد حسين الغشمي، وكانت الإجابة سلبية، وصدق ما توجسته من مخاوف، فإذا نبأ اغتياله يذاع بدلاً من نبأ زيارته لعدن.
الحمدي مؤهل للقيادة
وعن العلاقة مع ابراهيم الحمدي يقول سالم الحاج: “الواقع ان العلاقة بين سالمين وابراهيم بدأت في نفس العام 1968م وكان أول لقاء بينهما على غداء في منزل ابراهيم حضره ايضاً علي عنتر.. وتكررت اللقاءات والنقاشات بين الاثنين وجاءت احداث 1972م الدامية لتؤثر في مشاعر الشعب اليمني كله وكانت لقاءات القاضي الارياني وسالمين في طرابلس من اجل المصالحة ومعالجة القضية اليمنية وكان الحمدي ضمن الوفد المرافق للارياني وكان جو بنغازي بارداً وقد شاهد الحمدي أخاه سالمين متأثراً من البرد فخلع “الاوفركوت” الذي كان يرتديه وألبسه إياه وهو يقسم على ذلك بالرغم من انه كان مصاباً بالتهاب اللوزتين وفي طريقه الى ايطاليا من بنغازي للعلاج”.
ويردف يوسف الشريف وقال لنا سالمين: “الحقيقة ان ابراهيم الحمدي كان مؤهلاً لزعامة اليمن الموحد، وهو لم يكن ينتمي الى قبيلة تسعى الى الحكم والسلطة، لكنه تربى في بيت علم ودين وثقافة، وكان والده قاضياً، والحمدي كان يجمع ما بين تلك المقومات الاجتماعية والثقافية وبين احتكاكه المبكر بالحركة الوطنية وتنظيماتها السياسية، وخبراته في السلطة وفي القوات المسلحة، وشهادتي عليه انه كان يعرف تماماً ماذا يريد ومحدداً بدقة لأهدافه السياسية وأسلوبه الواثق المبرمج في انجازها”.
سألناه: يردد البعض في اليمن ان زيارة الحمدي لعدن، كان وراءها اعداد مشترك بينكما للإعلان عن خطوات وحدوية بين الشمال والجنوب، وانها كانت احد الاسباب التي أدت الى اغتياله قبل اعلانها؟.
قال: “ربما كان ذلك صحيحاً.. ونحن كيمنيين نشجب هذا الاسلوب الخسيس في تصفية الحسابات، والشعب يكن للحاكم المحترم احتراماً مهماً كانت مواقفه وهويته ما دام متمسكاً بثوابت اليمن وسيادته إذا حدث وأقصي من منصبه فان ذلك يتم سلمياً وفي هدوء وتكريم، وهذا الاسلوب في تصفية الحسابات له مخاطره في المستقبل في بلد يعتبر ترسانة مسلحة، ومن ثم كانت قناعة الشعب اليمني بان اغتيال الحمدي كان في إطار مخطط مشبوه ودخيل على الحياة السياسية في اليمن”..
في مؤتمر “قعطبة”- والكلام ل”سالمين”- “كان هناك اتفاق بيننا على تطوير العلاقات بين شطري اليمن الى مستوى أرقى.. بدأنا بوضع كتاب موحد من جزئين عن تاريخ اليمن يدرس في جميع مدارس المرحلة الاولى حتى تنأى بالجيل الجديد عن أوضاع التمزق والانفصال الذي عاشه الجيل القديم، وكان هناك اتفاق على تطوير التعليم هنا وهناك وربطه بخطط التنمية وكذلك تنسيق البرامج في التعليم الجامعي، بما يواكب حاجتنا وظروفنا وبيئتنا”..
سألناه وعلى الصعيد الاقتصادي.. هل كان إنذار الحمدي للتجار بأن شهر العسل قد انتهى ايذاناً بخطوات اقتصادية متفق عليها مع الجنوب؟
وقال: كان الحمدي حانقاً “غير راضٍ” على الاقتصاد الاستهلاكي والترفي، وكان عازماً على وضع أسس جديدة للاقتصاد المبرمج، يرتكز على قاعدة صناعية زراعية بما يمكنه من معالجة الاختلال في ميزان المدفوعات الذي يجري تمويله من الخارج, ويجعل ارادة الحكم تحت طائلة الضغوط، وكان همه الأكبر إجهاض مخطط تهجير الشعب اليمني للعمل في الخارج لوقف تنفيذ مشاريع خطة التنمية الخمسية..
قلنا: بصراحة يا سيادة الرئيس ماهي الخطوات التي كان من المقرر إعلانها خلال زيارة الحمدي لعدن.. خاصة انه ترددت معلومات حول مجلس اتحادي لليمن بشطريه كان واحداً من هذه القرارات وان الحمدي كان مرشحاً لرئاسته؟
قال: “لن أجيب بالنفي على هذا السؤال.. فالحقيقة انه كان من المقرر الإعلان عن علم واحد لليمن ونشيد واحد وخريطة واحدة وشعارات واحدة وسفارات موحدة في عدد من بلدان العالم، والذي أود التأكيد عليه أن الرئيس أحمد الغشمي أعاد على مسامعنا التزامه بكل ما التزم به الرئيس الحمدي من خطوات ثابتة على طريق وحدة اليمن”..
استغرق حوارنا مع الرئيس سالم ربيع حول دلالات اغتيال الرئيس الحمدي طويلاً.. وحين حاولنا أن نطرح عليه عدداً من الوقائع التي سمعناها في صنعاء حول القوى التي يرجح مشاركتها في الحادث.. إلا انه لم يؤكد إحداها، فقط أشار إلى أن اغتيال الحمدي لم يكن مصادفة، وانه يخشى ان يكون جزءاً من مخطط كامل يستهدف انفلات اليمن والردة عن مسيرته الثورية الوحدوية والحيلولة دون إطلالته على الحاضر والمستقبل، وحرمانه من التطلع إلى الاستقرار والرفاهية مثل بقية شعوب الأرض، خاصة بعد أن ذاق الشعب اليمني طعم الحرية، وأصبح يفكر في الحياة أكثر من الحرب وإسالة الدماء والموت!..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.