ها نحن قد ودعنا عاماً واستقبلنا عاماً جديداً، ولا بد لكل واحد منا ان يحاسب نفسه قبل أن يباغته أجله وقبل أن يأتي يوم الحساب، وكيف لا نحاسب أنفسنا ونحن في تجارة مع الله نطلب فيها الفوز بالجنة ورضوان الله، وهاهم التجار وأصحاب الشركات والمؤسسات يعكفون هذه الأيام على الجرد السنوي وإعداد الحساب الختامي وإعادة حساب الربح والخسارة لرؤوس أموالهم، وترى البعض منهم وهو مستغرق في ذلك ومهموم، وهي حسابات للدنيا التي سيفارقها ويتركها وراء ظهره ولن يأخذ منها إلا ما قدم لآخرته، قال سبحانه: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾، ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً﴾ فإذا كان أهل الدنيا حريصين على عدم الخسارة والإفلاس في هذه الحياة التي قال عنها الله سبحانه: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ فكيف لا نكون مثلهم وأعظم منهم، مما يعني أن علينا أن نقف في نهاية العام لنقيّم أداءنا وعبادتنا وطاعاتنا وعلاقتنا مع الله سبحانه ومع عباده ونقيم أيضا أداءنا في مواجهة العدوان في هذا العام لكي نستطيع تصحيح الأخطاء وتلافي القصور واستدراك الخلل في العام الجديد قبل أن يأتي اليوم الذي قال فيه الرسول صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ «لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ». لقد مرَّ عام كامل علينا حدثت فيه الكثير من الأحداث التي شهدتها بلادنا اليمنية المسلمة العزيزة وودعنا في هذا العام الكثير من الأصدقاء والأعزاء؛ بعضهم قضى نحبه شهيدًا في سبيل الله حائزًا وسام الكرامة والسعادة والشهادة دفاعًا عن المستضعفين واستجابة لله رب العالمين، والبعض الآخر غادر هذه الحياة عندما هجم عليه الموت وكان لا يزال يؤمل أنه سيقضي أعوامًا وأعوامًا، لكنه الموت الذي لا يستأذن أحدًا ولا يستثني أحدًا فلنتعظ بمواعظ الله ومواعظ الدهر فإن السعيد من اتعظ بغيره وإن الشقي من كان عظة للآخرين، ومن يدري لعل البعض منا لا يعيش حتى يدخل العام الجديد القادم.