(1) الوطن ملحمة التاريخ والهوية والميلاد..وطن انسته المحن والخطوب والحروب قصائد الشعراء.. وحكم الحكماء.. وطن تاه فيه التائهون من الفلاسفة.. والمفكرين.. واساطين السياسة ..وغاص في بحاره اهل الحل والعقد.. حتى اشجاره واحجاره شاخت من هول الفتن الشعواء .. وغدر الماكرين من ابناء جلدته الذين رضعوا لبانه العتيقة.. وتنكروا له عند الشدائد..كم أرقتنا المشاهد المأساوية الدامية.. وكم ادمتنا الحرب العدوانية الجائرة.. الادهى والامر من ذلك عندما يصبح الوطن سلعة رخيصة في ايدي ابنائه الذين باعوه بثمن بخس دراهم معدودة.. واغرقوه في براثن الفتن.. وبؤر الصراعات الكيدية.. ومازالوا في غيهم سادرين.. (2) وطن نقرأه كل يوم.. معاناة وشقاء.. في وجوه تقاسمتها انات الحيارى.. ودموع البؤساء.. وعصرت قلوبهم صرخات وعويل الثكالى والعذارى.. في كل زاوية من زوايا الوطن الجريح.. عصافير تنوح.. تطوف حول اوكارها المقفرة.. لاترى سوى خيوط سوداء تملأ الافق.. وبقايا عناكب ظمأى ارقها البؤس.. وجور السنين.. تئن من طعان البغاة.. وغدر الابناء.. تصارع شمس الغروب.. تبحث عن طوق نجاة في بحر الضياع.. في زمن ذبح فيه الوطن من الوريد الى الوريد. (3) وطن تفوح من قدوره أبخره الدماء.. ينوح مساؤه من هول الطغاة.. ليله مصبوغ بالحداد.. يفيض أسى .. ودماً.. بين الصخور والصدور.. وطن تأبلس فيه الغزاة.. تنَّمر فيه الجناة.. استأسد فيه الخصاة.. في زمن ساد فيه الادنياء.. وادماه الجهلاء.. (4) وطن اضناه الفرقاء.. تصيح ازقته المقفرة من روائح الدماء.. لا ظل ظليل.. ولا رفيق بليل.. كأن سماءه نار وجحيم.. نسائمه قطرات من غسلين.. وطن اثقلته اصطخابات الحروب.. انين الدماء.. وعويل الثكالى.. يتوسد الفقر حيناً.. يفترش الضياع احياناً.. باحثاً عن بقعة خضراء.. في زمن العناء والخواء. (5) يا قاطفي الورود.. والاحلام مهلاً.. يا قارعي ابواب الحيارى صبراً.. أما يكفي جحيم الغزاة.. أما يكفي طعان الابناء.. متى ياوطني تهمي سحابة صيفك الماطر..؟! متى يا وطني تتبخر فقاعات مائك الآسن..؟! اما آن لهذا الجليد أن يذوب..؟! اما آن لهذا الوحش ان يؤوب..؟! (6) وطني.. ياكوخي.. وقداسي.. ومحرابي.. سأظل اصلي لك صباح.. مساء رغم الداء والأعداء والأدواء.. احمل خرقتي البيضاء.. وبقايا اسمالي الزرقاء.. انزوي في خلوة جرداء انتظر رحمة السماء..!!