مؤتمر وارسو العاصمة البولندية والتي كانت قبل ربع قرن عاصمة لحلف المعسكر الاشتراكي هو تجمع عربي اوروبي لخدمة الأجندة الامريكية واجزم القول بانه لم يكن مفاجئاً للعالم , فقد سبق ذلك الخطوة الامريكية الاولى بنقل سفارتهم من تل أبيب الى القدس والخطوات اللاحقة تهدف الى الغاء او على الأقل تهميش القضية الفلسطينية ومن ثم تكوين شرق اوسط جديد كخطة امريكية سابقة لم يكتب لها النجاح ايام “كوندليزا رايز”.. بادئ ذي بدء اود الاشارة الى ان الضوابط الامريكية في اتخاذ القرارات الخارجية الهامة لا يتخذها الرئيس وحده بل تشاركه الجهات التالية: 1- لجان الكونجرس والأمن القومي. 2- وزارتا الخارجية والدفاع. 3- مراكز الدراسات التي ترسم السياسة الخارجية. 4- جمعية الصناعات العسكرية. 5- جماعات اللوبي الصهيوني التي يسمونها تلطيفاً جماعات اللوبي الاسرائيلي لمعرفتهم ان الصهيونية معروفة عالمياً بانها شكل من اشكال التمييز العنصري. ولتنفيذ الاهداف الامريكية فقد قاموا بالتدخل والعدوان العسكري المباشر وغير المباشر على دول عربية مثل سورياواليمن وليبيا .. كما استخدموا اسلوب الدبلوماسية الضاغطة مع حلفائهم من الدول الرجعية العربية وبعض دول اوروبا للخطوة الحالية المتمثلة في مؤتمر وارسو حول الشرق الأوسط .. وان الأنظمة العربية المشاركة في مؤتمر وارسو الذي بدأ قبل اربعة ايام لا تمثل الشعوب العربية بل تمثل نفسها في هذا المؤتمر الذي يشارك فيه رئيس وزراء حكومة الكيان الصهيوني وامريكا والذي سيخدم الاهداف الامريكية والصهيونية. وحول مشاركة حكومة هادي المنتهية ولايته في المؤتمر فانها لا تمثل الشعب اليمني ولا القرار اليمني العام لا في الشمال ولا في الجنوب بل هي تمثل نفسها. ما بدر من المدعو خالد اليماني وزير خارجية حكومة الدنبوع يعتبر عملاً خيانياً استهجنه العرب والعجم وأقول: اذا كانت مشاركة حكومة الدنبوع في المؤتمر بضغط من دول تحالف العدوان ضد اليمن ويمثلها المدعو خالد اليماني فتلك مصيبة، واذا كانت مشاركة حكومة هادي المعترف بها خليجياً وامريكياً والقابعة في الرياض فندقياً والغائبة عن المحافظاتالمحتلة فعلياً فان المصيبة أكبر.. وما زاد الطين بلة هي تلك الحركات المشينة التي قام بها خالد اليماني وبثتها التلفزة العالمية والمتمثلة في اعادة مكبر الصوت لرئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو والجلوس الى جانبه وهذا السلوك المشين الذي بدر من المدعو خالد اليماني يعتبر عملاً خيانياً استهجنه من شاهده او سمعه من العرب والعجم بشكل عام وكل اليمنيين بشكل خاص.. وبالتأكيد خالد اليماني لن يفلت من العقاب ولو بعد حين .. أقصد العقاب المعنوي من الناس او على الأقل تأنيب الضمير اذا عنده ضمير .. مستجدات ومواقف التطبيع العاصمة البولندية “وارسو” والتي كانت بالماضي مشهورة بانها مقر “حلف وارسو” التي كانت تضم الدول الاشتراكية في اوروبا الشرقية، اضافة الى ال15 جمهورية الذي يتكون منها الاتحاد السوفيتي السابق.. وفي معظم اجتماعات حلف وارسو السابق لم تكن قراراته وتوصياته تخلو من التهديدات والانتقادات المباشرة وغير المباشرة ضد امريكا واسرائيل وتصف حلف الناتو ب”العدواني”.. وذلك منذ تكوين الحلف في اواخر الاربعينات الى التسعينات من القرن الماضي.. لكن في الوقت الراهن تغيرت الاحوال والمواقف والسياسات انطلاقاً من المقولة الشهيرة انه “في العلاقات السياسية لا توجد صداقة دائمة ولا عداوة دائمة”.. وهاهي القيادة البولندية الراهنة قد سمحت لامريكا واسرائيل بعقد مؤتمر في عاصمتهم يخدم اعداءها بالأمس!! انها حقاً مفارقات عجيبة.. لكن لم يكن عجيباً او مفاجئاً لقاء نتنياهو مع الجبير السعودي علناً الذي جاء بعد لقاءات سرية سابقة والمفاجئ او العجيب هو زيارة وزير خارجية عمان يوسف بن علوي بن عبدالله لرئيس وزراء اسرائيل الى مقر اقامته في وارسو, وبن علوي هو الذي قال في اوائل السبعينات من القرن الماضي وكان حينها مسؤولاً كبيراً في الجبهة الشعبية لتحرير عمان قال بالحرف الواحد: “اي قيادي عربي صغير او كبير يلتقي او حتى يصافح اي مسؤول اسرائيلي يعتبر خائناً لقضية العرب الاولى فلسطين”.. المواقف الاوروبية والامريكية من قضية العرب الاولى القضية الفلسطينية دول اوروبا وان اظهرت حياديتها من الصراع العربي الاسرائيلي الا انها تخدم إسرائيل, ولعلنا هنا نذكر ان الدعم الالماني المالي لإسرائيل يأتي في المركز الثاني بعد امريكا وكل ذلك كتعويضات من المانيا لإسرائيل بحجة ابادة ملايين اليهود في المانيا خلال الحرب العالمية الثانية على يد هتلر.. وقبل ذلك كانت اتفاقية سايكس البريطاني وبيكو الفرنسي وهي الاتفاقية التي اهدت ارضاً لا يملكونها لمن لا يستحقها بحجة حل القضية اليهودية وهو اجراء الحق الضرر الكبير بالعرب والمسلمين في العالم قاطبة, وبعد مرور اكثر من قرن من الزمان لازالت اوروبا تقدم اسباباً مادية ومعنوية لتجديد المعضلة وتعميقها وترجيح كفة اليهود على حساب الحقوق العربية، اما امريكا فموقفها واحد وهو: الحفاظ على أمن اسرائيل واولوية الاهتمام مسخر لإسرائيل اكان ذلك في ظل رئيس ديمقراطي او جمهوري مع فارق بسيط وهو الرئيس الديمقراطي “صهيوني الاربع” والرئيس الامريكي الجمهوري “صهيوني كامل”.. اما ترامب الذي لا يفقه شيئاً غير التجارة فهو: “صهيوني وربع” ولهذه الاعتبارات المطلوب من كل العرب الحد الممكن من التضامن مالم وكما يبدو ستشهد الفترة القريبة القادمة مزيداً من الهرولة العربية نحو التطبيع مع اسرائيل وهذا يشجع المغتصب للأرض والعرض في فلسطين الى رفع سقف مطالبه على حساب الحقوق الفلسطينية المتمثلة في عودة اللاجئين الى اراضيهم وبناء دولة فلسطينية مستقلة على كل التراب الفلسطيني.. الخلاصة: ان الهدف من مؤتمر وارسو خدمة اسرائيل وامريكا من خلال التالي: 1- تحريض دول جديدة عربية واسلامية واوروبية على ايران بحجج ظاهرياً انها توسعية وتشكل خطراً على دول الخليج واسباب “شيعة وسنة” وفي باطنها ان ايران تشكل خطراً على اسرائيل البنت المدللة لأمريكا. 2- جذب دول عربية جديدة لتطبيع العلاقات مع اسرائيل. 3- توسيع الخلاف الفلسطيني- الفلسطيني لدخولهم في مسلسل انهيارات واحتراب داخلي لا ينتهي في المستقبل القريب.. 4- خلق بيزنطيات جديدة للمفاوضات من اجل المفاوضات. 5- تغذية الخلافات العربية بما يساعد على اضعاف التضامن العربي، وهذه الاهداف الخمسة المذكورة اعلاه تعني ببساطة إجهاض مشروع الدولة الفلسطينية. لكن ان شاء الله يستوعب العرب دروس الماضي القريب والبعيد والعمل الجاد لإجهاض المشروع الامريكي والصهيوني وان غداً لناظره قريب..