عميد ركن/ فضل عبدالله الضلعي تساءلنا في المقال السابق كيف تم للصليبيين النصر في حربهم الناعمة رغم هزائمهم في الحروب العسكرية؟؟ وللإجابة نقول إن هذا النصر لم يكن وليد اللحظة بل جاء نتيجة لحروب نفسية وفكرية وثقافية استمرت لقرون من الزمن ومرت بعدة مراحل منها: أولاً: مرحلة ما قبل تقسيم الدول العربية والإسلامية واقامة حدود مصتنعة فيما بينها هذه المرحلة بدأت بالحروب الصليبية التي أستمرت طيلة القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين وكما ذكرنا سابقاً انتهت بهزيمة الصليبين في معركة حطين حيث وقع فيها لويس التاسع ملك فرنسا في الاسر وأوضحنا أنه عند عودته إلى فرنسا جمع ملوك أوروبا ورهبان وقساوسة كنائسها وقال لهم ( إذا ارتم ان تهزموا المسلمون فلا تقاتلوهم بالسلاح وحده فقد هزمتم أمامهم في معركة السلاح العسكري ولكن حاربوهم في دينهم وعقيدتهم فهي مكمن القوة فيهم).. ومن ذلك الوقت بدىء العمل بجد ومثابرة لوضع الخطط لغزو بلاد المسلمين فكرياً وثقافياً وشن حرب عقائدية ضدهم. وللانتصار في هكذا حرب كان لابد من معرفة المسلمين ودينهم وثقافتهم ومعتقداتهم ولغتهم عن كثب (وخاصة اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم) حتى يتمكنوا من تحقيق النصر الكامل في هكذا حرب. فكان أن بدأوا حملات الاستشراق (المستشرقين) وحملات التبشير لتشكل بذلك النواة الأولى للحرب النفسية والثقافية والفكرية أو ما يطلق عليها اليوم بالحرب الناعمة. ثانياً: مرحلة التقسيم وتقطيع الدولة العربية الإسلامية بدأت بسلسلة من الحروب لاحتلال وغزو الدول العربية والإسلامية وبلغت ذروتها في القرنيين التاسع عشر والعشرين الميلاديين من قبل الدول الغربية وخاصة فرنسا وإنجلترا ( بريطانيا ) وايطاليا ومن قبلهم البرتغال وإسبانيا ورافق هذا الغزو والاحتلال كما ذكرنا سابقاً حرب ثقافية وفكرية ناعمة عن طريق التبشير والاستشراق عملوا من خلالها على الغزو الثقافي والفكري والتدمير الشامل للمعتقدات أثناء الاحتلال وبعده, وقد نشط بشكل كبير بعد إقامة تحالف ثنائي بين اليهود وخاصة يهود الدونمة ( وهم اليهود المرتدون الذين تظاهروا بالإسلام بعد خروج المسلمين من إسبانيا وكانوا يحملون أسماء اسلامية ووصلوا إلى أعلى المناصب في الدولة الإسلامية) والصليبيين ممثلين بالكنائس الصليبية الغربية الحاقدة على الإسلام منذ هزيمتهم بقيادة لويس التاسع حيث تم هذا التحالف تحت رعاية الجمعية الماسونية العالمية وأذرعها المخابراتية وخاصة المخابرات البريطانية ومن بعدها أجهزة المخابرات الأمريكية (وهي الأذرع الطولى للماسونية العالمية) حيث قامت بأنشاء ورعاية الفكر الوهابي الشاذ لتفكيك الإسلام وهدمه من داخلة وتقديمة كنموذج سيء للدين الإسلامي لأثبات أن الإسلام هو دين الذبح وسفك الدماء والإرهاب . ثالثاً: مرحلة ما بعد التقسيم بعد تقسيم الوطن العربي والإسلامي وتقطيع أوصاله إلى دول ودويلات تفصل بعضها عن بعض حدود جغرافية مصطنعة وأصبح كجسد مثخن بالجراح والأورام الخبيثة مما سهل نجاح الحرب الصليبية الصهيونية الناعمة التي تقودها الماسونية العالمية ضد العرب والمسلمين حيث تمكنت من : • اضعاف الوازع الديني في نفوس المسلمين . • ابعادهم عن تعاليم الدين ( حتى يكونوا مواكبين للتطور) حتى أن بعض المسلمين أصبحوا يخجلون من الاحكام والتشريعات والتعاليم الإسلامية لأنها لا تتوافق مع الأفكار والتقاليد والحياة الغربية. • إحياء ونشر الفكر الوهابي الضال ودعم توسعه على حساب المذاهب الإسلامية وبعث ما سمى بالسلفية الجهادية في نهاية السبعينات من القرن الماضي لتفكيك المجتمع المسلم من داخلة وتدمير العقيدة باسم احيائها. • العمل على نشر الأفلام والمسلسلات وشن الحملات الإعلامية التي تحض على الرذيلة وهدم القيم والمبادئ الأسرية لتدمير الأسرة التي هي نواة المجتمع باسم التحضر وتقدم الحياة الغربية كنموذج للحياة العسكرية المتحضرة . • دفع العرب والمسلمين إلى التقسيم المجتمعي داخل كل دولة عن طريق ما يسمى بالتعددية الحزبية وأنشاء الاحزاب والحركات المتاسلمة أو ما يطلق عليه بالإسلام السياسي بعد أن كان الدين واحد والمنهج واحد والأمة واحدة متناسين قوله تعالى :- }إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ{ صدق الله العظيم