عميد ركن/ فضل عبدالله الضلعي تكررت وتعددت الحملات العسكرية الصليبية لاحتلال الأراضي والمقدسات العربية والإسلامية وتمكنت في فترة من الفترات من احتلال القدس ولكنها انتهت نهاية مذلة للصليبيين وكانت نهاية لحروبهم المقدسة ضد المسلمين حيث تمكن المسلمون من تحرير القدس واسر ملك فرنسا قائد الجيوش الصليبية في ذلك الوقت لويس التاسع. وبعد دفع فدية كبيرة لتحريره تم اطلاق سراحه وعاد إلى فرنسا وعند وصوله دعا إلى اجتماع طارئ لجميع رهبان وقساوسة الكنائس الأوروبية وملوك أوروبا وفي اجتماعهم اقنعهم لويس التاسع بأن هزيمة العرب والمسلمين لا يمكن أن تكون بالمعارك العسكرية والحروب والسلاح العسكري وإنما بالسلاح الفكري وهدم عقيدة المسلمين وتدمير دينهم ومعتقداتهم وطلب من الحاضرين وضع الخطط اللازمة لبدء حربهم الفكرية. بعدها انطلقت حملات التبشير والغزو الفكري أو ما يطلق عليها اليوم بالحرب الناعمة وعندما لم تؤت ثمارها سريعاً رافق تلك الحرب الناعمة حرب عسكرية وتم غزو واحتلال معظم الدول العربية والإسلامية من قبل فرنسا وبريطانيا وايطاليا وغيرها من الدول الصليبية، وتركزت أهداف تلك الحروب وذلك الغزو والاحتلال العسكري إلى زرع بذور الاحتلال والغزو الفكري لتغيير الفكر والمعتقد لدى الشعوب المحتلة بل وصل الحال بالاحتلال الفرنسي إلى تغيير لغة البلدان التي قام باحتلالها فيما سُمي بالفرنسة في الجزائر ودول المغرب العربي الأخرى والدول الافريقية التي سيطرت عليها. انسحب الغزاة والمحتلون من البلدان العربية والإسلامية بعد الحرب العالمية الثانية واخر خروج صوري لهم كان من دويلات الخليج، حيث لم يمنحوا الاستقلال لدولة مثل الامارات إلا في العام 1972م دون أن تطلق طلقة أو يقتل جندي بريطاني لأنه لم تكن هناك مقاومة أصلاً للاحتلال ولا حتى مقاومة سلمية من قبل الإماراتيين وغيرهم من الخليجيين. نعم خرج الغزاة الصليبيون بقواتهم العسكرية وإن أبقوا قواعد لهم ولكن بعد أن زرعوا الانقسامات الطائفية والمذهبية والجهوية وقسموا البلاد العربية والإسلامية إلى دول متصارعة مسلوبة الارادة متنازعة فيما بينها على حدود مصطنعة ثم وزعوا الدول العربية إلى مناطق متنافرة هي: • منطقة الهلال الخصيب (سوريا، العراق، لبنان، الأردن، فلسطين). • منطقة الجزير العربية (اليمن، دول الخليج). • منطقة المغرب العربي (المغرب، الجزائر، تونس، موريتانيا). • منطقة شمال شرق أفريقيا (مصر، ليبيا، السودان). بعد هذه التجزئة والتقسيم اعتمد الصليبيون اعتماداً كلياً على الحرب الناعمة بالغزو والاحتلال الفكري وقد انتصروا فيها انتصاراً تاريخياً وها هي دلائله واضحة اليوم بافتتاح أكثر من أربعين كنيسة صليبية ليس في القدس بل على أرض الجزيرة العربية في دويلة الأمارات ومجيئ بابا الفاتيكان ليقيم أول قداس للصليب على أرض الجزيرة العربية لأول حبر أعظم تطأ قدماه ارض الجزيرة مهبط الوحي والرسالة والدين الإسلامي.. كيف تم لهم هذا النصر في حربهم الناعمة.. هذا ما سنذكره في العدد القادم أن شاء الله .