وقفتُ حائرة وتَجمدَ حبرُ قلمي وسقطَ دمعُ عيني كلما حاولت أن أبدأ بالكتابة عن أسطورة نادرة من أساطير البطولة والشجاعة والشموخ والاستبسال، فكلماتي تتلعثم وتعتذر بأن تصف ذاك الرجل العظيم المجاهد المغوار الكرار غير الفرار، والشخصية البطولية النادرة التي قل أن نجد لها مثيلاً في هذا الزمان. انه البطل الأسطوري الشهيد الرئيس صالح علي الصماد الذي كان رجلاً بحجم أمة، حمل في ثناياه هموم الأمة وقضية الوطن، إنّهُ بحق قائد عجزت الأمهات عن أن تلد مثلهُ، لقد حَمل الشهيد الرئيس روحية الجهاد في كل مراحل حياته التي استقاها من الثقافة القرآنية وتعلمها على يد الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي- رضوان الله عليه- فلم يخضع أو يتوانى أو يَهن، ولم يتراجع بل انه كلما ازدادت الصعوبات والتهديدات ازداد صموداً وصبراً وقوةً حتى حينما وصل به المطاف إلى تحمل مسؤولية البلاد في ظروف قاسية واستثنائية وحرجة، حمل المسؤولية بكل تحد ورحابة صدر، فكان رجل المرحلة الجدير في كُل المواقف والظروف الصعبة، وكان الحصن الحصين والدّرع الواقي للبلاد، فقد جعل جل هَمهِ الدفاع عن الوطن، ولهذا كان يَعدّ العدة ويجهز الرجال بنفسه، وكان من آخر أعماله التي قام بها هو التحشيد لمعركة الساحل، ذهب بنفسه إلى الحديدة وحشد لمسيرة البنادق لمواجهة العدوان والردّ على المبعوث الأممي بأنّا لن نَقبل أي مفاوضات نفاقيه خادعة، فالرد سيكون من بنادقنا وأرعبتهم كلماته وأفعاله وزلزلتهم؛ لذلك اغتالوه في الحديدة وصبوا عليه نار حقدهم بثلاث غارات جوية. سيكتب التاريخ بأن الصماد كان أول رئيس في الوطن العربي يخدم مجتمعه من غير مقابل ولا غرض دنيوي فقد اهتم ببناء المجتمع والدولة، وقدم مشروعه العظيم (يد تحمي ويد تبني)، ولن ينسى التاريخ بأن يخلد مشروعه العظيم الذي كان كخارطة طريق نحو عمل مؤسسي متكامل من بناء وتصنيع وكذا تحرك جهادي لمقارعة العدوان الغاشم والحصار الخانق، هذا المشروع عَمّده بدمائهِ الطاهرة الزكية، فعهداً علينا أن نكون أوفياء له وأن نستكمل مشروعه العظيم فهذا طريق اخترناه ولن نحيد عنه مهما كان حجم التحديات، كان الصماد إماماً جامعاً لكل خصال الخير، هادياً مهدياً مقبلا على الله وحده، شاكراً لنعم ربه يُقتدى بهِ في كل شيء، فهو أول رئيس في العالم يخطب خطبة بليغة للجمعة ويؤم المصلين ويعلم الناس الدين، وأول رئيس لا يورث لأهله قصورا ولا مباني، ولا أرصدة في البنوك، إنما ورثهم عقيدة راسخة وخطاً يسيرون عليه إلى الجنة، فلا يسعني إلا أن أقول إنه كان أمة في رجل واحد، لقد كان أمة في إيمانه ودعوته إلى الله، واستشعاره للمسؤولية، وجهاده من أجل رفع راية الحق ومقارعة الباطل وحزبه، كان إخلاصه لله وحده ولأمته، أحبّ شعبهُ فأحبوه واعتزوا به وافتخروا بأن رئيسهم وقائدهم أول رئيس يقدم نفسه ويضحى من أجل الله ودفاعاً عن المستضعفين وعن سيادة الوطن فهنيئاً لشعب كان رئيسه شهيداً. إن خبر استشهاده كان فاجعة وخسارة عظيمة للبلاد، ولكن عزاءنا بأنه ارتقى شهيداً حياً يرزق عند مليك مقتدر، نعاهد الشهيد الرئيس الصماد بأن دمه الطاهر لن يذهب هدراً ولنّ تَمّر جريمة اغتياله دونّ ردّ مزلزل ومرعب، وبأن الأعداء لن يذوقوا بعد اليوم طعم الأمن ولا الأمان، ولن نتهاون أو نتراجع أو نخضع أو نضعف بل سنكون أقوياء أشداء على الأعداء كما كان الصماد أمة كاملة في الصبر والصمود والجهاد، ولن يجدونا إلا حيث يكرهون.