# وبرغم فترة حكمه القصيرة التي دامت ثلاث سنوات وثلاثة أشهر وعشرة أيام بدأت من 13 يونيو 1974 م حتى لحظة اغتياله بصنعاء في يوم الثلاثاء 11 أكتوبر 1977 م لما كان يعرف في السابق بإسم الجمهورية العربية اليمنية أو الشطر الشمالي من اليمن إلا أن الرئيس المغدور به إبراهيم محمد الحمدي رحمه الله حقق في هذه الفترة الزمنية الوجيزة والبسيطة والمحدودة مالم يستطع أن يحققه أسلافه من رؤساء الجمهوريات في اليمن أو حتى الذين جاءوا بعده ممن تولوا مقاليد السلطة في هذا البلد العربي المضطرب . وتمكن الحمدي الذي قاد حركة 13 يونيو التصحيحية عام 1974 م خلال فترة حكمه القصيرة من احداث قفزة أو نقلة نوعية مشهودة طالت كافة المجالات والصعد المتصلة بالجانب الخدمي وبعملية التنمية الشاملة والإنتعاش الإقتصادي والإزدهار المعيشي . وركزت حركة الحمدي التصحيحية التي أعتمدت خطط استراتيجية مرحلية عرفت بإسم « الخطط الخمسية « على إعادة بناء وتطوير الإقتصاد الوطني وفق أسس سليمة وتحرير البلاد من التبعية للخارج والإعتماد على هباته ومساعداته والإرتهان له وأسس لأجل التفرد بالقرار السيادي الوطني المتصل بالجانب الإقتصادي التعاونيات في كل منطقة ومحافظة يمنية وخصصت لها الإعتمادات اللازمة من موارد الزكاة وأنيطت بمهام تنفيذ وانجاز المشاريع الخدمية الأساسية زراعة وري وصحة وتعليم وشق طرق وغيرها في كل منطقة بجهود ذاتية ومساهمة حكومية تتطلبها الحاجة والضرورة فعكس بذلك تعاون وتكامل الجهد والبذل الحكومي والشعبي الذي أتى ثماره وحقق مالم يكن بالحسبان وبتجربة التعاونيات الناجحة هذه حرر الحمدي البلد من التبعية للخارج وانتظار مايجود به على اليمن من فتات وهي تجربة فريدة وناجحة حاكى بها الحمدي تجارب مماثلة عرفها ابناء اليمن ايام الحميريين ولعل هذه التجربة هي الأروع في مشروع الحمدي الذي اجهضه اعدائه من الداخل والخارج وذهب رحمه الله ضحية له !. واستهدفت حركة الرئيس الحمدي التصحيحية بالأساس اصلاح الإختلالات ومحاربة الفساد داخل جهاز الدولة المالي والإداري . وشرع الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي في تنفيذ مشروعه الوطني المؤسس لبناء دولة يمنية حديثة يسودها النظام والقانون وبدأ يخطو خطواته العملية السليمة في هذا الإتجاه الصحيح وتمكن بذلك من أن يستعيد نوعا ما إعتبار الدولة ونفوذها ودورها وهيبتها المفقودة وما كان يتأتى ذلك ويتحقق إلا بسلسلة قرارات وخطوات شجاعة وجريئة أقدم عليها الرجل آنذاك استهدفت بشكل مباشر تلك الرموز والقوى القبلية الرايدكالية المتخلفة التي صادرت الثورة اليمنية وفرضت وصايتها على نظامها الجمهوري لعهود ومراحل ووقفت حجر عثرة في طريق أي خطوة أو مبادرة وطنية لإحداث تطوير وتحديث وتغيير للأفضل . وقد عمد الشهيد الحمدي لإنجاح ذلك المشروع الوطني لبناء الدولة اليمنية الحديثة إلى تحييد وإقصاء تلك الرموز والقوى الفوضوية القبلية التي صادرت الثورة والجمهورية واختزلتها في ذواتها وبدأ في قصقصة أجنحتها وتحرير الدولة من هيمنتها وسيطرتها عليها وهو ما ألب عليه تلك القوى التي تضررت مصالحها وجعلها تتحالف مع أعدائه في الداخل والخارج للإجهاز عليه والقضاء على مشروعه الوطني المؤسس لبناء دولة ذات سيادة واستقلال وهذا ماحدث بالفعل . ولم يهدأ أعداء الحمدي ومشروعه ويقر لهم قرار حتى اتفقوا واجمعوا على التخلص منه وإنهاء حياته في ضربة استباقية اعتمدوها للقضاء عليه وجاءت جريمة اغتياله يوم 11 أكتوبر 1977 م لتطوي صفحة من تاريخ اليمن الحديث .وتعلن التبرأ من الحمدي ومشروعه الذي كان قد شرع فيه والعودة باليمن واليمنيين إلى حضن ووصاية تلك القوى والرموز بطرق واشكال قديمة جديدة . ويموت الحمدي ومشروعه النهضوي الوطني ويقتل الرجل في جريمة غامضة مكتملة الأركان ومنفذوها معروفين بالإسم والصفة وتقيد الجريمة ضد مجهول والعزاء لليمن واليمنيين وتعود السعودية التي كانت ضالعة وشريك وداعم اساسي للمنفذين المحليين لجريمة اغتيال الحمدي الذي رفض توقيع اتفاقية ترسيم الحدود معها لتمارس دورها في الوصاية وابتزاز اليمن والتدخل في شؤونه الداخلية . ومهما حاولت السعودية التبرأ من دم الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي المسفوك خسة وغدرا من قبلها وشركائها المحليين والدوليين يوم الحادي عشر من اكتوبر 1977 م بصنعاء لا لذنب اقترفه الرجل سوى جهره بكلمة : كلا بوجهها وفي أوجه كل من يريد فرض وصايته على اليمن واليمنيين .وستظل السعودية بنظر اليمنيين وغيرهم المتهم الأساسي في تلك الجريمة التي شهدتها صنعاء قبل اربعة عقود واهتزت من هولها كل ارجاء اليمن بل إن جريمة اغتيال الرئيس اليمني ابراهيم الحمدي الذي تجرأ وأعلن التمرد على الرياض ليست أول ولا آخر جرائم مملكة آل سعود الوهابية بحق اليمن واليمنيين !