مما لاشك فيه بأن صلاح الرأس وفساده ينعكس ايجابياً او سلبياً على الجسد، وهذا يؤكد بصورة مستمرة بأن فساد اي شعب أساسه ومصدره هو فساد حكومته وقادته، والعكس فأن صلاح أولئك الذين يشكلون الرأس هو صلاح ذلك الشعب الذي يمثل الجسد ، ومن هذا المنطلق تتجلى أهمية وجود الحكومة والقيادة الحكيمة، التي يجب ان يكون اختيار رجالاتها وانتقائهم بدقة متناهية بعيداً عن المجاملات والوساطات والمصالح الشخصية والحزبية، بحيث يكون اختيار هذا الرأس الصالح العاقل المبصر الثقة الأمين العادل الشجاع الكريم مناسباً للجسد ومتلائماً مع سائر اعضائه، فيكون جل اهتمامه هو خدمة شعبه والعمل على الاهتمام بأبنائه وحل قضاياهم وسد حاجاتهم والسهر على حمايتهم والنظر في أمور حياتهم ورعاية مصالحهم والارتقاء بهم على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية ، وتحطيم كل الصعاب التي تحول دون تحقيق أهدافهم وسعادتهم ،، وايضاً فمن أهم الواجبات الدينية والإنسانية هي بذل كل الجهد لتطهير هذا الجسد من سوس الفساد والظلم التي تنخر فيه وعدم السماح بتأجيل او بقاء ووجود اي فاسد او ظالم يعمل على الاستهتار باعضائه او العبث والاستبداد بحقوقه ومقدراته او النهب لثرواته ، بحجة انه لا يمكن إزالة واستئصال هذا الداء المستعصي والمرض القاتل لعدم وجود الدواء ،، كما ان الاكتفاء بالكلام والوعيد بإزالة الفاسدين والأصنام التي لا فائدة من بقائها ووجودها سوى الظلم والفساد لا يداوي قلوب الناس الجريحة وخاصة في ظل العدوان والحصار وتردي الأوضاع وصعوبة المعيشة التي لا تسمح بوجود الفاسدين او حتى مجرد سماع ذكرهم ،، واذا لم يتم تغييرهم مع الأصنام التي لا تحل قضية ولا تحرك ساكناً ولا تهتم بشيء في الأوضاع الراهنة ، فما الفائدة اذاً من وجود وزارة العدل ومئات المحاكم وآلاف القضاة ولا يوجد في ذلك كله حتى محكمة واحدة او قاضي واحد يفصل بين الناس ويحل مشاكلهم وقضاياهم دون الحاجة لتطويل القضايا لعشرات السنوات وما يصاحبها من الاختلاسات والحالات النفسية ،، وكذلك ما الفائدة من وجود وزارة داخلية وعشرات الآلاف من القادة والضباط والافراد، ولا وجود فيهم لقسم واحد او قائد ومجموعة معه يضبطون اللصوص ويردعون الظلمة وينصرون المستضعف ويؤمنوا الناس على أنفسهم وحقوقهم ،، وما الفائدة من وزارة زراعة لا تزرع حتى شجرة ، ووزارة صناعة لا يستفاد من وجودها حتى بصناعة ابرة، ووزرات ومكاتب وهيئات ودوائر ،كلها عقيمة لا تقدم للشعب نفعاً سوى ما تسببه لهم من المتاعب والمصاعب والخسائر التي لايمكن حصرها ،،