كان العلامة محمد بن محمد بن إسماعيل المنصور رضوان الله تعالى عليه إسلاماً وشريعة تمشي على الأرض تجسدت في سلوكه اليومي أخلاقاً فاضلة كثرة قل أن نجدها مجتمعة في إنسان واحد , ومن لطف الله تعالى بنا وبشعبنا اليمنى أن وفقنا للتزود من عطاء هذا العالم الرباني والفقيه المربي والمفكر الجليل الحجة فقد كان بحق أميناً على رسالة الإسلام المحمدية, وقائماً بمسؤوليات العالم المخلص لدين الله فمن أمثال هذا الحجة يتشكل موكب العلماء و الفقهاء الربانيون فهم الشهداء على مسيرة الأمة ووعيها للرسالة الإسلامية وتطبيقاتها في عصر تكالبت علينا فيه أمم الشرك,فقد اجتمعت في شخصيته شروط العالم الرباني تلك الشروط التي ورد ذكرها في القرآن الكريم. قال تعالى:(( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِك َهم الْكَافِرُونَ )) (المائدة:44). ولا يمكننا أن نفهم نيابة العلماء عن رسول لله صلوات ربى وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين في فهم الشريعة والإشراف على تطبيق الأمة لها دون أن تكون هناك شروط شديدة وحاسمة من الواجب توافرها في هؤلاء العلماء. وقد برز من علمائنا رجال أناروا الطريق لأبناء الجيل وشباب الإسلام حيث أدوا ما عليهم بكل أمانة حين انتشرت تيارات الانحراف في مختلف البلدان العربية و الإسلامية بسبب مصادرة مواطن القدوة من قبل المنحرفين باسم الفن والسياسية أو العلم والتقدم وكذلك جراء تصدي بعض وعلماء السلاطين وبعض الجهلاء غير المتخصصين لتبليغ الإسلام, وكذا انعدام وجود البيئة الملائمة للتربية الإيمانية مما سبب في انتشار ظواهر الانحراف التي حملت عدة مسميات منها أسماء مختلفة منها: التقدم بوجه الرجعية, أو العلم مقابل الجهل والخرافة, أوالسعادة والرفاهية بوجه الشقاء والبطالة, أوالوعي مقابل التخلف, وهكذا سهل على الباطل أن يحمل شعارات الحق ويجعل من نفسه مدافعاً عنها وساعياً إلى تحقيقها, كل هذا دفع ثلة من علماء الإسلام كما دفع غيرهم من شباب الأمة الإسلامية للوقوف في مواجهة هذه الانحرافات وكان في طليعة هؤلاء الأعلام أسماء لامعة كالسيد العلامة احمد زبارة والسيد العلامة حمود بن عباس المؤيد والسيد العلامة يحيى الدرة والسيد العلامة احمد الجرافى والسيد العلامة احمد الشامي والعلامة المرتضى والسيد العلامة عبدالله المؤيد والسيد العلامة مجد الدين المؤيدى والسيد العلامة بدر الدين الحوثي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ومن العلماء النشطين كان سماحة العلامة الحجة محمد بن محمد المنصور فقيدنا رضوان الله عليه،ولولا تلك الصفوة العاملة من العلماء الربانيين من العاملين في سبيل الله لكان للانحراف صولات وجولات ضد رسالة الإسلام, لقد أثبت هؤلاء جزاهم الله عنا وعن أبناء أمة الإسلام قاطبةً كل خير ,إن أبناء الإسلام حين يدرسون إسلامهم ويتمسكون بكتاب الله وسنة نبيه وعترته أهل بيته, يجدون في ذلك كل الحلول المجدية للمشاكل الفكرية والاقتصادية والسياسية التي تعج بها الساحة اليوم, ولولا وقوف العلماء في مواجهة تلك الموجات الانحرافية لما رأى النور نتاج ضخم تمثل في فلسفتنا واقتصادنا الإسلامي و ينابيعه ومناهجه و غاياته, من أشعة القرآن وسنة المختار صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ولما تسنى لنا التفريق بين السلب والإيجاب,فبفضل هؤلاء العلماء الحجج لم تفقد الساحة العلمية في يمن الإيمان والحكمة، أي من صفات البحث العلمي الموضوعي حين ناقشت الأفكار المنحرفة المتمثلة غالباً في أفكار المادية التاريخية والديالكتيكية.. وأذكر نموذجاً على ذلك ما فعله سماحة العلامة محمد بن إسماعيل المنصور حين تعرض لأفكار الشيوعيين فهو لم يقل أنهم شذاذ آفاق أو ذوو عاهات كما فعل بعض الباحثين خارج دائرة اليمن أو داخلها, بل كان أسلوبه الحواري رائعاً ومميزاً فقد وهبه الله سبحانه قدرة أدبية رائعة, وخلقاً علمياً رصيناً, وحباً شديداً للهداية, فلم تجده يتكلم أو يكتب بانفعال حتى في من ينتقده أو يحاربه بشدة العلامة الفقيد كان فريداً في اليمن من حيث الشفافية, وإن كان هذا لا يعني عدم وجود وأعلام و أقلام أخرى تميزت بجوانب أخرى من الكمال. كانت الحروف والكلمات تنساب على لسانه بيسر وطلاقة كما كانت تفعل حيث يجري كلامه وأنه ليأخذك من غير اختيار في موضوعاته لأن المضامين رائعة والأسلوب أروع.