في هذه الحلقة الثالثة والأخيرة... أردنا أن نطلق هذا العنوان: التفاوض من مصدر قوة.. لاعتبارات مهمة.. أولى هذه الاعتبارات أن العدوان السعودي هو من طلب التفاوض، بعد أن وجد الاعباء تتكالب عليه، وبعد أن وصلت النيران إلى ردائه.. وخاصة عندما تعطلت ماكنة النفط في أرامكو، وبدأ صراخ أوروبا وواشنطن، والبلدان التي تستورد النفط من السعودية. القيادة السياسية من مصدر قوة رحبت بالفكرة من حيث المبدأ.. لعل ذلك التحالف يفهم أن لا سبيل أمامه غير القبول بالجلوس على طاولة المفاوضات، لأن القوى والرموز التي ارتهنت لها لم تعد تملك قرارها، وعندما دفعت بوساطات الى القيادة السياسية، بل عزّزت موقفها ذلك بتصريح من محمد بن سلمان حول الرغبة السعودية لإيقاف الحرب العدوانية. ولكن بدأ التلكؤ، وأصبح الفتور هو سيد الموقف.. ولا نعلم ما الذي يريدونه بالضبط. مبادرة الرئيس مهدي المشاط وضعت الجميع أمام الحقيقة.. والتزام القيادة السياسية بضبط النفس وضبط الصواريخ البالستيه، والطائرات المسيرة.. وكان المفروض أن يسارعوا إلى اجراءات تعزز الثقة.. الأهم الآن رفع الحصار الجوي عن مطار صنعاء الدولي... وفق الآليات المقترحة من الأممالمتحدة .. وكان المفترض أن يتبع التصريحات الدالة على التفاؤل، التوقف العدواني عن التعسف للسفن التي تحمل المشتقات النفطية. أما المرتبات وصرفها فتبدو حكاية طويلة طغى عليها التبرير وكثر فيها تعدد التأويل.. وضاع الاجراء الواضح المناسب، رغم أن القيادة السياسية قد التزمت بما جرى التفاوض فيه والتباحث حوله.. ويبقى الآن أن يكون العدوان وتحالفه ومن يدير هذه الحرب والحصار على بينة أن القيادة والشعب والجيش واللجان الشعبية خياراتها مفتوحة وقدراتها متجددة ومتصاعدة ولا جدوى من الرهان على عامل الوقت ولا على حسابات القوة، فالذي وصل إلى "أرامكو".. قادر على الفعل الأشد قسوة، والأكثر ايلاماً، والأعظم ضرراً.. طاولة المفاوضات تنتظر اعمالاً ايجابية، وتبتغي سلامة النوايا، لأن ذلك سوف يوفر عوامل نجاح التفاوض الذي يبني علاقة ايجابية تبتعد عن المفاهيم السابقة، وتقبل الالتقاء على مساحة تتجاوز ما كان قائماً من التسلط والهيمنة والاستحواذ على القرار الوطني لليمن.. يجب أن يستوعب جيداً أن لا تتنازل عن سيادة القرار الوطني، ولا قبول بأن تكون اليمن فناءً خلفياً لأي كان وان إعمار اليمن مسؤولية العدوان وأن الاتكاء على مسميات وقوى فقدت كل صلتها بالأهداف الوطنية اليمنية، مسألة لا تحظى بأية مشروعية ولا أية قبول وطني بكل الداخل اليمني.