وحتى بعد دخول جماعة أنصار الله صنعاء وإحكام سيطرة مسلحيها عليها وعلى جميع المعسكرات فيها , في أعقاب ما سموه ثورة 21 سبتمبر 2015 م , واستكمال فرض سيطرتهم بعدها على بقية المحافظات خلال عدة أيام , واتجاههم جنوبا وصولا إلى عدن , ظل الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح يكابر ويناور ويصول ويجول بمخططاته ويترقب بحذر مآلات الوضع الجديد الذي أسهم في رسمه وخلقه وفرضه , ويبحث له عن فرصة ومكان وسط كل هذه التطورات والأحداث العاصفة . وبعد خروج حزب الإصلاح وغيرهم من المنافسين والخصوم السياسيين من اللعبة والمشهد السياسي العام مع بروز قوة جديدة سارع صالح وبادر إلى ابرام اتفاقية تحالف بين حزبه المؤتمر الشعبي العام وحلفائه مع جماعة أنصار الله.وجاء التوقيع على هذه الإتفاقية بين صالح وأنصار الله , وسط ظروف الحرب العدوانية التي كانت السعودية قد بدأت تشنها بالتعاون مع عدد من الدول المتحالفة معها على اليمن بحجة محاربة النفوذ والتمدد الإيراني الفارسي ونصرة ما وصفته بالحكومة الشرعية ممثلة بجماعة هادي والإصلاح وغيرهم. ومع تأكد علي عبدالله صالح الذي كان يحلو له أن يخاطب وينادى بلقب الزعيم بعد خلعه من السلطة بموجب المبادرة الخليجية في أعقاب ثورة الشباب عام 2011 م , مع هذا اليقين الذي ترسخ لديه والقناعة أنه أصبح يعيش في ظل وضع جديد لم يعد فيه رئيسا للجمهورية , وأن هناك قوة سياسية وجماعة دينية عقائدية قوية قدمت بمظلوميتها من صعدة إلا أنه لم يقتنع ولم يتقبل تماما فكرة الإعتراف بوضع جديد يعيشه وان عليه التماهي معه بما يفرضه عليه منطق الواقع المعاش , وبدأ تحالفه مع جماعة أنصار الله على قاعدة “ مضطر أخاك لابطل” . وظل صالح في هذه الأثناء يزبد ويرغي ويطلق تصريحاته التي يوحي بها كرسائل موجهة للداخل والخارج بأنه لا يزال يمثل رقما صعبا , وأن الإستقرار في اليمن لن يتم بدونه . وكان صالح بين الفينة والأخرى يحشد جموع من أنصاره وأتباعه من المؤتمر الشعبي العام من جميع المحافظات والتي تصل أعدادهم مئات الآلاف يتجمعون في ميدان السبعين بصنعاء في استعراض للقوة والإيحاء بأنه مازال قادرا على تحريك الشارع اليمني والجماهير حوله في الوقت الذي كانت فيه مثل هذه الأساليب واللجوء إلى التحشدات الإستعراضية تبدو مجرد جعجعة على الفاضي ووسيلة ضغط وورقة محروقة فقدت جدواها وتأثيرها في الواقع اليمني الجديد المعاش الذي تمكن فيه أنصار الله من أن يفرضون سيطرتهم الكاملة على كل مفاصل الدولة ويمسكون بكل الخيوط والقوى التي أهلتهم لوراثة صالح وكل خصومه السياسيين الآخرين والقوى التي كانت بارزة من قبل على الساحة. حتى أن المزاعم التي كان يحلو لصالح وأتباعه يرددونها ويشيعونها في أثناء اشتداد المعارك والحرب العدوانية التي تشنها السعودية وحلفائها على اليمن في الثلاثة الأعوام الأولى منها , بأن القوات النخبوية التابعة لصالح من قوات خاصة وحرس جمهوري هي من.تتقدم وتخوض المعارك على الجبهات السعودية اليمنية ضمن شريط الحدود المشتركة , اتضح ان مثل تلك المزاعم مجرد ترهات والحقيقة ان صالح لم يعد يتحكم وتتبعه قوة في الأصل ماعدا مجرد أفراد لايتجاوزون بضع مئات من الضباط والقادة الذين كان يتواصل بهم او المتضوين ضمن لواء حراسته الشخصية ,. وكانت الحرب في كل الجبهات تدار من قبل أنصار الله وليس لصالح حتى مجرد الحق في ادعاء شرف له في تسطير هذه الملاحم الوطنية التي يسطرها رجال الرجال ممن لم يتربوا في مدرسته سيئة الذكر والصيت والتي علمت منتسبيها فنون التحايل وقنص الفرص واستغلالها والمتاجرة والتشدق بقضايا الوطن ومصالح الشعب العليا. ولعلكم تتذكرون اعلان صالح عن اكتشاف نفق سري تحت الأرض ممتد من منزله بحي الثنيه بحدة حتى شارع صخر المجاور واتهامه حميد الأحمر وحزب الإصلاح بقيامهم بحفر هذا النفق للولوج منه إلى منزله لتنفيذ عملية جديدة لإغتياله بعد فشل محاولة اغتياله السابقة في حادث تفجير جامع دار الرئاسة. وقد حول صالح قصة النفق المختلقة هذه المرة إلى قضية ورواية وحذر وهدد وأرغى وأزبد وكانت غايته الحقيقية من ورائها ايجاد الطريقة المناسبة للإلتقاء بأتباعه وأنصاره من كافة المحافظات للوقوف امام حادث النفق المفتعل لاسيما بعد تضييق الخناق عليه وبقائه وحيدا لفترة بمنزله , وأراد ان يختلق قضية ويجد وسيلة للإلتقاء بالجماهير , وصالح فيما يبدو كان يدبر خطة ما من خططه لتنفيذها قريبا وهو ماتأكد بالفعل فبعد أيام قام انصاره واتباعه بحرق اطارات السيارات والخروج بمظاهرات احتجاجية بشوارع صنعاء للتنديد بغلاء الأسعار وفساد حكومة باسندوة آنذاك. وبرغم فشل ماسعى إليه صالح بعد حادثة النفق ومحاولة اغتياله الجديدة المزعومة بصنعاء ظل الرجل يترصد ويتقنص الفرص المتاحة لعمل شيئ ما يقلق الأمن ويزعزع الوضع الجديد الذي لم يعد فيه رئيسا للجمهورية ولم يتنبه انه هذه المرة أمام قوة جديدة ممثلة بأنصار الله تختلف عن كل القوى التي تعامل معها من قبل وهي قوة قوية لايستهان بها وصعبة المراس وليست لقمة سائغة وسهلة ليلتهمها بيسر وقد خانته كل حساباته واعتقاداته وحتى ذكائه ليقع في شر أعماله ومساعيه ويجلب لنفسه الخسران من حيث لايدري ويحتسب!.