الكثير من المتابعين للخواطر السرية ممن يتواصلون معنا يفيدون أنها تتطرق إلى مواضيع قوية جداً، ويؤكدون أنهم يجدون أن كل مقال يترجم عنوان العمود "خواطر سرية"، لما تحمله المقالات من أبعاد ذات دلالات ومعاني عميقة، تعكس وجهة نظر من يحمل هموم شعبه وأمته. وبالإشارة إلى عنوان مقالنا هذا، فمما لا شك فيه أنه يشير بصورة ما إلى أسباب العدوان على الشعب اليمني العظيم، وهو السبب الذي حير الكثير من الدارسين والمتابعين في العالم، نتيجة غموض أهداف الحرب وأسبابها، لأن أي حرب في التاريخ لابد لها من عناصر وأسباب واضحة وأهداف بينّة، يتم اقناع السواد الأعظم من الرأي العام المحلي والدولي باستمرارها.. وهذا أمر طبيعي، لكن هذه الحرب الوحيدة في التاريخ المعاصر التي يخوضها المتحالفون الذين شنوا عدوانهم على بلادنا دون سابق إشارة أو أسباب أو أهداف، على الرغم أنهم يعلمون أنهم سيخسرونها.. أليس هذا يحير العقول؟.. فلماذا يستمرون في عدوانهم رغم علمهم المسبق بخسائرهم الفادحة؟ وقبل أن نجيب على هذا السؤال لابد من التذكير أن أي حرب لابد لها من أطماع.. وهنا يبرز سؤال آخر: هل كانت الاطماع السياسية والاقتصادية والعسكرية هي سبب وهدف شن هذه الحرب واستمرارها؟. إذا كان هذا صحيحاً فإن تحالف العدوان يعلم أن الشعب اليمني وقواته المسلحة ولجانه الشعبية نتيجة هذا العدوان العالمي قد زادوا قوةً وصلابة أكثر من أي وقت، وكذلك زادوا اتحاداً وتلاحماً شعبياً ومجتمعياً أكثر من أي وقت مضى.. وهذا ما يؤكد عليه أغلب الباحثين والمراقبين والمتابعين لهذه الحرب.. وليس في ذلك أية مزايدات. وبما ان المنطق والعقل والوقائع تقول إنه عندما يكون خصمك قادراً على الدفاع عن مقدراته وثرواته فليس أمامك إلا أن تفاوضه نداً لند لأخذ ما تريد بالقانون، وهو أفضل بكثير من خروجك مكسوراً من الحرب بخسارة كبيرة دون ان تستفيد شيئاً.. أليس المنطق والعقل والوقائع تقول هذا؟.. وهل بإمكان دول العدوان استدراك ذلك؟. اذاً كيف يستمر العدوان في إجرامه وبمباركة وتواطؤ دولي وأممي رغم خسائره الكبيرة كل يوم والتي تصل إلى مليارات الدولارات، هذا فضلاً عن خسائره السياسية والاجتماعية والنفسية. فما الذي يجبر تحالف العدوان على الاستمرار في حربه الخاسرة؟.. لا شك أن هذا السؤال يتردد في أذهان الكثيرين، وعلى وجه الخصوص في أذهان بعض ضباط وقادة العدوان الذين يحبون الخير لوطنهم وشعوبهم، علاوة على مرتزقتهم الذين يسعدهم استمرارية الحرب ليستمر تدفق الأموال القذرة التي يكسبونها. لاشك أن القارئ يتساءل ويقول حيرتنا، فما الذي لديك من خاطرة سرية في هذا الجانب؟ نقول، وبالله التوفيق، قبل ذكر السبب دعونا نفتح بيان الله، لقد بيّن لنا الله سبحانه وتعالى أن العدو الرئيسي للإنسانية والبشرية هو الشيطان الرجيم، وكذلك حلفه وأحزابه والموالين له.. قال تعالى: "لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين" "إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير". إن ما أكد عليه الله سبحانه وتعالى ليس لزمن معين، بل لكل الأزمان.. أليس تاريخ الرسل والأنبياء والأولياء والصالحين في حروبهم ومواجهاتهم مع المعاندين، لم يكن هدفه فقط السيطرة على المقدرات والمناصب والزعامة فحسب، بدليل أن قريش عرضت على النبي الأعظم صلى الله وعليه وآله وسلم المال والمنصب والجاه ليترك ما يدعو إليه.. وكذلك الأنبياء السابقين لم تكن مواجهتهم بسبب المنهج فحسب ولا المنصب أو الريادة والقيادة، بل هناك سبباً رئيسياً يجعل الحروب مستمرة في مثل هذه الظروف، لأن ابليس الشيطان وأعوانه وحزبه لا يقر لهم قرار، لأن صفتهم وسلوكهم وقدراتهم "لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين". أي بالمختصر المفيد يقول الشيطان لن أمكنهم من التمسك بحبلك المتين وإن تم فسأقيض لهم أوليائي وجنودي من الإنس والجن أجمعين. لذلك فإن هذه الحرب المجرمة على الشعب اليمني العظيم لها سبب رئيسي يجعل العدوان مستمراً، ألا وهو أن هذه الثلة المؤمنة من الجيش واللجان الشعبية وقيادتها ومنهجها لا يعتمد على أي دولة أو كيان أو حلف معين في العالم.. بمعنى أنهم يؤمنون أن ما يقومون به هو بحبل من الله وليس بحبل من الناس.. وبمعنى آخر هم ليسوا تابعين لأي قوى دولية على الاطلاق، وهذا يجعل اليهود والاستكبار العالمي وحلفاء مدرسة الشيطان لا يقر لهم قرار، فلو كانت هذه الثلة المجاهدة تابعين لايران استراتيجياً- مثلاً- لتوجهوا للتفاهم مع ايران، ولو كانوا تابعين لروسيا لتم التفاهم مع روسيا، وهكذا.. فهناك مصالح دولية يمكن التفاهم حولها.. كل ذلك لأن حلفاء الشيطان يدرسون بدقة استقلال القرار في هذه البلد ذات الموقع والشعب العجيب، وبهذه المقدرات والثروات الكبيرة لا شك أنها ستكون دولة ستفرض احترامها في المنطقة والعالم. لذلك زعزع كيانهم هذه الثلة المرتبطة بحبل الله فقط، ولديهم علم وقناعة أن أية قوة ترتبط برب السماء فقط، تعد خطراً على المنهج الشيطاني الخماسي.. وقد أشار الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي في إحدى محاضراته إلى ذلك بما معناه (نحن لسنا مضغوطين من أحد).. وهذا ما لم تخلُ منه خطابات قائد المسيرة القرآنية السيد العلم عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي يتحدث بخط مستقيم لا يخشى إلا الله فقط. كذلك اتضح جلياً عند من لهم عقل في مفاوضات الجانب الرسمي بقيادة ملهم المسيرة القرآنية محمد عبدالسلام الذي أجبر المعتدون في حديثه – بفضل الله – ان يعترفوا أنهم يقفون أمام رجال دولة لم يجدوهم في من سبق في اليمن العظيم. "والله غالب على أمره" "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".