زيارة المبعوث الأممي هانس غروندبرغ كانت الأولى منذ تعيينه ويبدو أنها ستكون الأخيرة إذا ما استمر على خطى من سبقوه من المبعوثين، ولقاءه برئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط وأعضاء المجلس ورئيس الحكومة ووزير الخارجية واضح أنها لم تكن لأجل تثبيت الهدنة وإنما لجس النبض ومعرفة مدى إسهام هذه الهدنة الهشة - كما قال- لكسب الوقت لبلورة مرحلة جديدة من التصعيد بعد نقل بريطانياوأمريكا والسعودية والإمارات الشرعية من الخائن عبدربه إلى مجلس مرتزقة العدوان الرئاسي. في هذا السياق لا نحتاج إلى إثبات أن هدنة غروندبرغ وليندركنغ تهدف إلى إحداث تحوير في السيناريوهات وأخذ فترة زمنية لتحديد مسارات استمرار العدوان على اليمن في ضوء الأحداث الدولية وانعكاساتها على أوضاع الأنظمة في هذا التحالف وبدرجة رئيسية رباعية أمريكاوبريطانيا والسعودية والإمارات ومعهم كيان العدو الإسرائيلي، وواضح أن هذه الهدنة ما كان لها أن تكون لولا أعاصير كسر الحصار واستهدافها للمنشآت النفطية السعودية وتطورها إلى ضربات موجعة ومؤثرة على إمدادات النفط وتوسعها باتجاه مشيخيات أولاد زايد. القوى المواجهة لهذا العدوان والمدافعة عن سيادة ووحدة واستقلال اليمن في صنعاء تدرك غايات دول العدوان والأممالمتحدة من هذه الهدنة والقبول بها مبني على قراءة احتمالات جديتها آخذين بالاعتبار ما يشهده العالم وخاصةً الدول الغربية المعادية لروسيا والتي تريد أن تحول العملية العسكرية الخاصة في اوكرانيا إلى حرب طويلة لاستنزاف روسيا وهذا يعني أنها محتاجة لإبقاء إمدادات الطاقة في ظل العقوبات الغير مسبوقة على روسيا والعاجزة حتى الآن عن استغنائها للغاز والنفط الروسي. هنا معطيات ومؤشرات كثيرة لعدم جدية هذه الهدنة، ومن بينها المماطلة والتسويف حتى الآن بفتح مطار صنعاء وعدم تنفيذ ما يخص إيصال المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، وبما يخفف من معاناة شعبنا من هذا الحصار الظالم والذي لا يستند إلى أي مشروعية قانونية دولية ويجري خارج الأعراف والقيم الاخلاقية الانسانية. لقد حاول المبعوث الأممي إعطاء نوع من التفاؤل بلقائه بنائب رئيس اللجنة الاقتصادية ومحافظ البنك المركزي هاشم إسماعيل ونقاشه حول إيجاد صيغة لتحييد الاقتصاد والجوانب المالية، لكن وكما هو واضح من إحاطته يوم الخميس الماضي في مجلس الأمن أن هذا بيع وهم خاصةً وأن بنود الاتفاق في نقاطه الرئيسية شبه مزمن ومع ذلك لم يلتزم تحالف العدوان ومرتزقته بذلك، إضافة إلى الخروقات وهذا كله لم يتحدث عنه المبعوث الأممي في إحاطته ولم يكن هناك تحميل مسؤولية عن أسباب عدم الالتزام واستمرار الخروقات وإذا ما أضفنا إلى هذه الاحاطة إشادة سلفه غريفيث بالنظامين السعودي والإماراتي والتي هي اكليشة طالما كانت مرتبطة بمبعوث الأمين العام البريطاني السابق لليمن ويواصلها اليوم من موقعه الجديد كمساعد للأمين العام للشؤون الإنسانية. قبول القيادة الشرعية الحقيقية للشعب اليمني في صنعاء بهذه الهدنة هو بمثابة أنها هي من تحمل إرادة السلام الذي لا علاقة له بالمعاني والدلالات التي تسعى إليها أنظمة العدوان ومن خلفها وأمامها أمريكاوبريطانيا وكيان العدو الإسرائيلي، وأحد الأسباب هو تخفيف الحصار مع الاستعداد لأي تصعيد ولن يعدم تحالف العدوان الذريعة للتنصل من اتفاق الهدنة متى ما رأى ذلك يصب في مصلحة أجندته. العالم يدرك أن العدوان على اليمن قد فشل وهزم ولم يبقى في يده إلا الاستمرار في استخدام الحصار كسلاح أخير لتحقيق أهدافه، ومحاولة خروج الدول المعتدية من مستنقع هزيمتها وتحويل حربها إلى صراع داخلي بين اليمنيين وهذا ما كانت تعمل على تصويره طوال سنوات العدوان السبع متصوراً النظام السعودي بدرجة رئيسية أنه بهذا التكتيك يمكن غسل يده من جرائمه التي ارتكبها طوال السنوات الماضية بحق اليمن وأطفاله ونسائه من جريمة الحصار الذي سيستمر رغم بشاعته. ميثاق الأممالمتحدة وصل إلى نهايته وظهر السقوط القانوني والأخلاقي بوضوح للعالم كله بفضل صبر وصمود وثبات الشعب اليمني في مواجهة هذا العدوان الغاشم. الشعب اليمني وقيادته وقواه الوطنية وفي طليعته أبطال الجيش واللجان الشعبية مستعدين لكل الاحتمالات وإذا لم يكن هناك نوايا حقيقية إلى الذهاب لسلام مشرف وشامل يسبقه وقف العدوان ورفع الحصار وانسحاب القوات الأجنبية فإن أعاصير اليمن ستنتقل إلى مستويات جديدة ستجعل تحالف العدوان يندم عدم وقف عدوانه ورفع حصاره قبل أن يخسر كل شيء ويذهب إلى مصير يتناسب مع وحشية جرائمه.. وما يقبل الشعب اليمني اليوم لن يقبل به غداً.