لقد تبادر إلى ذهني -وأنا ألاحظ ما ظهر على موقفي النظامين الكويتيوالإماراتي من زيارة الرئيس الأمريكي «جو بايدن» للمنطقة من تباين بيِّن- أن أعقد مقارنة بين طبيعة علاقة كلٍّ نظام من ذينك النظامين بالكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين والمتسبب بتشريد ملايين الفلسطينيين منذ عشرات السنين الذي يسعي إلى تهويد المقدسات الإسلامية بعزيمة لا تلين، لاسيما وأنَّ علاقتهما بذلك الكيان البغيض على طرفي نقيض. فبالتزامن مع إقدام كل من نظام الإمارات وسلطات دولة الكيان الصهيوني على توقيع ما سمي اتفاقية أبراهام التي عُدَّت ضربةً قاصمةً للقضية العربية الفلسطينية، أعلنت الكويت -قيادة وحكومةً وشعبًا -من منطلق بقائها وفية لقوميتها العربية ومبادئ شريعتها الإسلامية- استنكارها الشديد لتلك السقطة الإماراتية اللا إنسانية، وبقدر ما مضى نظام وأزلام «أبوظبيودبي» المنتهج سياسة المجون والتمييع يزين للجميع -وبكل ما يستطيع- رذيلة التمرغ في مستنقع التطبيع، سخَّرت الكويت العربية الشموخ والإباء الإسلامية الدين والمبدأ إمكاناتها المادية والمعنوية -من باب الامتثال لنهي المولى جلَّ وعلا- للحيلولة دونَ اتخاذِ (0لۡيَهُودِ وَ0لنَّصَٰارَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ). وبالتزامن -من ناحية أخرى- مع سعي سلطات أبوظبيودبي إلى افتتاح المراقص والملاهي الليلية وإقامة الفعاليات الماجنة التي تجذب أكبر عددٍ ممكن من الصهاينة، وإلى استحداث المطاعم والاستراحات التي تقدم الوجبات الخاصة باليهود، وكل ما لذَّ وطاب من الحلويات والمشروبات الخاصة بالكلاب، عمد جميع الكويتيين إلى كل أشكال التعبير عن مساندتهم الجادة لقضية فلسطين، وعن ديمومة نصرتهم لإخوانهم الفلسطينيين تأكيدًا على ما يجمع الشعبين الشقيقين من روابط الدم والدين. وبموازاة مسارعة نظام الإمارات إلى فتح مسجد الشيخ زايد الذي يفتخر الإماراتيون بكونه تحفةً معماريةً إمارية عصرية مزارًا لالتقاط الصور التذكارية لكل صهيونيةٍ نجسةٍ وكل صهيونيٍّ نجسِ، ومنبرًا لإشهار ما يقترفه المثليون والمثليات من شذوذ جنسي، سارع الكويتيون إلى إطلاق مبادرتهم الرائدة «مبادرون لأجل فلسطين» التي تعكس تعهد الكويت بتكريم كل كويتي وكل كويتية يعبر عن مناهضته لتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية في أيَّة فعالية رياضية أو أدبية، متحدين بتلك المبادرة الإيجابية عنجهية وصلف الصهيوصليبية والإمبريالية الغربية. ويجدر بنا أن نشير هنا -بالاستناد إلى بعض ما تناولته الصحافة الكويتية بتأريخ 13 يونيو الماضي- إلى بعض الشخصيات التي حُظيت بالتكريم على النحو التالي: - الأدباء: ناصر الدوسري، ومنى الشمري، وعلي جعفر، وأحمد الزمام الذين أعلنوا مقاطعتهم ل«مهرجان طيران الإمارات للآداب» في فبراير الماضي اعتراضًا على مشاركة كاتب صهيوني في أنشطة المهرجان. - المهندسة جنان الشهاب التي ألغت مشاركتها في معرض «إكسبو دبي 2020م» رفضًا للتطبيع مع دولة الكيان. - لاعب التنس محمد العوضي ذو ال«14 ربيعًا» الذي رفض اللعب أمام منافس صهيوني -خلال البطولة الدولية للناشئين بدبي- في يناير الماضي. - الرياضي عبد الرزاق البغلي الذي انسحب من سباق «الموتوسيرف» في بطولة أبوظبي الدولية في مارس الماضي رفضًا لمواجهة لاعب صهيوني. - لاعبا المنتخب للمبارزة محمد الفضلي وحسين النصار اللذان انسحبا من بطولة العالم للمبارزة في دبي في أبريل الماضي رفضًا لمواجهة لاعبين صهيونيين. - اللاعبة خلود المطيري التي انسحبت من بطولة تايلاند الدولية -في فئة سلاح المبارزة على الكراسي المتحركة- في مايو الماضي رافضةً مواجهة لاعبة صهيونية. - ناصر الفرج الذي انسحب من بطولة «الجوجيتسو» في هنغاريا مايو الماضي رفضًا لمواجهة لاعب صهيوني. - بدر الهاجري بطل لعبة الشطرنج الذي انسحب في مايو الماضي من منافسات بطولة «صنواي» الدولية للشطرنج في إسبانيا بعدما أوقعته القرعة في مواجهة أحد لاعبي دولة الاحتلال. وفي مقابل مغالاة محمد بن زايد في التملق والتودد للرئيس الأمريكي «جو بايدن» -طيلة فترة تواجده في مدينة جدة- حتى حظي بدعوته -بسبب شدة تملقه وكثرة تودده- إلى زيارةٍ رسميةٍ للولايات المتحدة، فتلقَّف تلك الدعوة بفرحةٍ غايةً في الشدة كاد -لشدتها- أن يخرج من جلده، خرج أبناء الشعب الكويتي -عقب أدائهم صلاة ثالثة جُمع ذي الحجة الحرام من العام 1443ه الوشيك الانصرام- إلى الشوارع تنديدًا بزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن -منذ اللحظة الأولى لوصوله- إلى فلسطينالمحتلة ومنها إلى السعودية مستنكرين حلوله ضيفًا على الأنظمة الصهيوعربية، ومعبرين -بحماسٍ جنوني- عن رفضهم القاطع للتطبيع مع الكيان الصهيوني. وبهذا يمكن لنا أن نتمثل في ما بدا لنا من تضادّ بين موقف الكويت الذي يضرب به المثل في الإيجابية وموقف أبوظبيودبي الذي يضرب به المثل في السلبية قول الشاعر العربي: سارتْ مشرِّقةً وسرتُ مغرِّبًا شتَّان بين مشرِّقٍ ومغرِّبِ