يبدو الاهتمام الدولي المفاجئ بالشأن اليمني من خلال مؤتمر لندن الذي انعقد في 25 ديسمبر 2009م بمبادرة بريطانية من دون التشاور مع حكومة اليمن والتي حضرته شأنها شأن بقية المشاركين ولم تدع الصين إلى هذا المؤتمر، وتضمن البيان الصادر عن المؤتمر الاتفاق على دعم مبادرات الحكومة اليمنية لأجل تنمية قدراتها في مكافحة الإرهاب وتعزيز أمن طيرانها وحدودها, وهذا يتضمن بذل الجهود على الحدود البرية والبحرية بما في ذلك تعزيز قدرات خفر السواحل اليمنية وتبدو هذا القرارات بمثابة فرض الوصاية الدولية على اليمن. مثل الاهتمام الأمريكي باليمن تزامنا مع مؤتمر لندن ففي بداية العام 2010م زار الجنرال ديفيد بيتريوس قائد القيادة المركزية الأمريكية لليمن حيث تعهد بمساعدة اليمن ضد تنظيم القاعدة, ثم تصريح الرئيس الامريكي باراك أوباما آنذاك بأن الولاياتالمتحدة ستزيد من عمليات تبادل المعلومات مع اليمن وتدريب القوات اليمنية واجراء عمليات عسكرية مشتركة مع الحكومة ضد القاعدة، وتواكب هذه الاهتمام المفاجئ الامريكي باليمن مع مؤتمر لندن والذي عقد بشكل مستعجلاً ومفاجئ حيث اشار اليه وزير الدولة البريطاني ايفان لويس في اثناء زيارته لليمن بعد المؤتمر ان بريطانيا تتعاون مع اليمن منذ سنة 2009م لتدريب القوات اليمنية على مكافحة الارهاب. ولا يمكن فهم التحول الغربي للتدخل في الشأن اليمني في ضوء أن أحد الأشخاص الذي دربته القاعدة في اليمن حاول تفجير طائرة أمريكية, فقد اعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عن محاولة تفجير طائرة اميركية كانت متوجهة من امستردام الى ديترويت في 25 ديسمبر2009م، وذلك في بيان نشرته مواقع اسلامية, وحمل البيان الذي نقله المركز الاميركي لمراقبة المواقع الاسلامية (سايت) وارفقت به صورة لمنفذ العملية النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب. فالقاعدة موجودة في اليمن منذ الهجوم على السفينة الحربية الأمريكية (يو اس اس كول) سنة 2000م, ثم الهجوم على ناقلة النفط الفرنسية (ليمبورغ) سنة 2002م ولم يؤد ذلك إلى استنفار غربي على نحو ما هو حاصل بعد محاولة تفجير الطائرة الأمريكية أواخر 2009م ؟! ظهور الصين يعد اعلان الصين في عام 2009م عزمها على اقامة قاعدة بحرية في خليج عدن لحماية سفنها من القرصنة الصومالية جرس انذار للقوى الدولية وكانت الصين قد أرسلت مدمرات حربية إلى الخليج العربي في أكبر وجود بحري لها في المنطقة، وقد أتى الاعلان في سياق جهد صيني لتطوير القوة البحرية الصينية بما يمكنها لأول مرة في تاريخها من نشر أسطولها في المحيطات البعيدة بشكل يمكن معه حماية خطوط نقل النفط المستورد من افريقيا ومنطقة الخليج العربي، والمحيط الهندي أهم المحيطات التي يعبرها النفط الذي تستورده الصين هو المحيط الهندي حيث يتم نقل النفط من منطقة الخليج العربي وافريقيا إلى الصين وهو النفط الذي يعد عماد الصعود الاقتصادي الصيني بعد أن تحولت الصين عام 1993م لأول مرة إلى دولة مستوردة للنفط ومعظمه يمر عبر المحيط الهندي. فاعلان الصين عزمها على اقامة قاعدة عسكرية انذار مبكر بأنها تسعى إلى انشاء أول سلسلة نقاط الارتكاز البحرية لها في المحيط الهندي امتدادا من سواحل ميانمار إلى خليج عدن على طول سواحل المحيط الهندي، فقد أقامت الصين نقاط ارتكاز لأسطولها في المحيط الهندي في ميانمار وسريلانكا وباكستان، والنقاط الارتكاز ليست قواعد عسكرية دائمة ولكنها توفر للأسطول الصيني التسهيلات البحرية من خلال المنشآت البحرية التي انشأتها الصين في تلك الدول. صراع دولي فالتحرك الدولي الانجلو- أمريكي تجاه اليمن هو جزء من صراع عالمي أكبر وهو التنافس العالمي للسيطرة على المحيط الهندي واتجاه القوى الآسيوية الناشئة إلى التحول نحو امتلاك القوة البحرية التي تمكنها من تحقيق تلك السيطرة، ويدور التنافس بين امريكا مدعومة من الهند واليابان من ناحية والصين مدعومة من باكستان وميانمار من ناحية أخرى، ومن ذلك يظهر اهتمام الهند والصين وباكستان بتطوير قواتهم البحرية حيث نطاق عمل الأسطولين الهندي والصيني ليشملان المحيط الهندي بأكمله فالصراع الراهن انه صراع بحري أكثر منه صراعا بريا وأن الولاياتالمتحدة الأمريكية والصين هما اعمدة هذا الصراع. ولهذا جاء الاعلان الأنجلو- أمريكي تجاه اليمن عام 2009م لقطع الطريق أمام التحرك الصيني واحكام السيطرة الغربية على الممرات البحرية لنقل النفط بحيث يسهل قطعها في حالة حدوث تصادم بين القوى الجدولية والصين، وتسعى واشنطن لحرمان الصين من نقاط ارتكازها في المحيط الهندي وبالأخص جزيرة سقطرى. احتلال اليمن يبدو أن قرارات مؤتمر لندن سنة 2009م توازي مع قرارات طلب الولاياتالمتحدة الأمريكية في توفير قاعدة عسكرية في اليمن من خلال تحويل جزيرة سقطرى من مهبط للطائرات إلى قاعدة عسكرية كاملة تتيح للولايات المتحدة الأمريكية الانطلاق منها لمحاربة تنظيم القاعدة ظاهريا، ويبدوا أن المستهدف الحقيقي من التحرك الدولي هو الصين وليس تنظيم القاعدة فضلا عن ذلك لا تستطيع الولاياتالمتحدة أن تصارع الصين من دون ان تحتل اليمن. لذلك كانت السواحل الغربية والجنوبية لليمن هي ساحة الصراعات الكبرى الجديدة لتنفيذ المشروع الغربي في اليمن والذي بدا مخططات قبل سنوات من عدوان 2015م بدأ بمحاربة أمريكي للإرهاب في اليمن- بالرغم انه لم يكن هناك سياسة ذات أهداف واضحة تجاه التعامل مع خطر تنظيم القاعدة في اليمن وانما جزء من رغبة امريكا في قولبة شرق اوسط جديد- وبمؤتمر لندن أواخر 2009م، ولتنفيذ ذلك المشروع الانجلو- الامريكي- الصهيوني تم الاستعانة بأدوات امريكي وبريطانيا في المنطقة كأدوات لتحقيق المشروع الغربي باحتلال اليمن وتقسيمه والاستيلاء على سواحلها وجزرها ومنها جزيرة سقطرى. ظلت دول الخليج العربي وبالأخص السعودية بحسب النزاعات الحدودية بينها واليمن وتباين انظمة الحكم وتوجهات السياسة الخارجية تنظر إلى اليمن مصدر تهديد أمنها أو منافسا على الزعامة الاقليمية ومن خلال ذلك مارست الرياض اساليب عدة لأضعاف اليمن وتمزيق وحدته رغبة في خدمة المشروع الغربي لتحقيق تحت مظلته اهدافها في اليمن ومن اساليبها دعم القوى القبلية مما يؤدي إلى اضعاف سيطرة الحكومة المركزية على المناطق النائية وجزرها والمناطق الحدودية ومن ثم افساح المجال امام الهجرة غير الشرعية ومهربي الاسلحة والمخدرات وسهولة تنقل العناصر الارهابية وفسح المجال امام تنظيم القاعدة باللجوء إلى هذه المناطق واستخدامها قاعدة انطلاق لضرب مصالح يمنية وخليجية ومهاجمتها, وهذا يظهر أن وسيلة اضعاف سيطرة الحكومة اليمنية المركزية لم يخدم مصالح دول الخليج العربي بقدر ما يخدم مصالح اطراف دولية أخرى. عملت بعض دول الخليج على تدفق الاستثمارات الخليجية إلى اليمن وجزرها كجزيرة سقطرى كمحاولة قطر الاستثمار في جزيرة سقطرى وتطوير البنى التحتية وانشاء المشروعات السياحية وانشاء شركة للنفط والغاز عام 2010م والساحل الجنوبي ويأتي ذلك ضمن سياسة غربية ففي حال تطور الاحوال في اليمن إلى الاسوأ سيظهر لهؤلاء المستثمرين حكومات بحجة حماية مصالحها واستثماراتها وشركاتها. النفط وجود نوايا لدى دول مجلس التعاون الخليجي لتنويع خطوط نقل صادراتها النفطية إلى السوق العالمية عبر موانئ جديدة في مياه الخليج العربي لهدف تقليل الاعتماد على طريق مضيق هرمز الذي يمر عبره بحدود 88% من صادرات دول الخليج النفطية إلى اسيا واوروبا وامريكا والحد من المخاطر التي قد تواجه دول الخليج في حالة اغلاقه فمثلت الموانئ اليمنية البديل وبالأخص موانئ حضرموت من خلال انشاء خطين لنقل النفط الخليجي عبر اليمن. الخط الاول: يسمى خط انابيب الخليج يبدأ من الكويت ويمر بالأراضي السعودية والامارات وعمان ثم يتجه جنوبا إلى سواحل حضرموت. الخط الثاني: انبوب نقل النفط من اكبر محطة نفطية في العالم وهي (رأس تنورة) شرق السعودية إلى منشآت التصدير في سواحل حضرموت في البحر العربي. فاليمن ستحصل من وراء ذلك على مكاسب مالية من خلال رسوم عبور الانابيب على اراضيها فيما تحصل دول الخليج في المقابل على خط أمن لتصدير جزء من منتجاتها النفطية فضلا عن ذلك فأن مد الانبوب يعد مصلحة حيوية للقوى العالمية الكبرى امريكا واسيا واوروبا حيث يوفر لهذه الدول طرقا جديدة وأمنة للحصول على النفط الخليجي بتكلفة اقل وزمن اسرع لان المسافة بين الموانئ اليمنية والدول المستهلكة في اوروبا وشرق وجنوب اسيا وأمريكا اقصر نسبيا من المسافة بين الدول المستهلكة ومنشآت التصدير في الخليج العربي. وكلاء المشروع الغربي اتضح أن بعض دول الخليج كالسعودية ودويلة الامارات هدفت إلى بعد استراتيجي اكثر مما هو اقتصادي فهي ترفض ان تكون اليمن دولة موحدة وقوية وغنية في ظل مواردها النفطية والمعدنية في المستقبل المنظور فوجدت في شن عدوانه على اليمن في 26 مارس 2015م كأدوات للقوى الغربية ولتحقيق اهدافها ومطامعها القديمة مدخلا لها في حضرموت وجزيرة سقطرى ولدخولها المباشر إلى البحر العربي. ففي مستهل القرن التاسع الميلادي تعرضت جزيرة سقطرى لغزو جماعة الوهابيين خلال دولتهم السعودية الأولى غير أنهم لم يمكثوا فيها طويلا- لعلها مقاومة سكانها للغزاة فكما قاوموا البرتغاليين وطردوهم تصدوا للوهابيين- فقد قاموا بهدم الأضرحة والمقابر والكنائس.. وكان الوهابيون قد قاموا بحملة مكونة من عشرين سفينة إلى حضرموت سنة 1809م وحصلت مقاومة من الحضارم لهم حيث مكثوا في ميناء الشحر أربعين يوما لينسحبوا مهزومين فالتاريخ يشهد ببطولة سكان ميناء الشحر فقد قاوموا الغزاة البرتغاليين مطلع القرن السادس عشر الميلادي وطردوهم بعد تضحيات جسيمة ومقاومة عنيفة سجلها التاريخ بأنصع صفحاته. ثمن باهض أن أهمية جزيرة سقطرى الاستراتيجية تمتد إلى قرون قبل الميلاد حتى الوقت الحاضر لأنها حظيت باهتمام الدول الاستعمارية والتي كانت لها أطماع في منطقة اليمن وخليج عدن والبحر العربي وطرق الملاحة إلى المحيط الهندي بين قارتي اسيا وافريقيا فهذه الاهمية لازالت قائمة وتعمل الدول الكبرى على الاستفادة منها للولوج إلى عوالم المصالح المتداخلة والمتشابكة. لذلك تعرضت جزيرة سقطرى بسبب موقعها الاستراتيجي ومواردها الاقتصادية والطبيعية المتعددة لأطماع قوى استعمارية اقليمية ودولية وصراعهم على السيطرة عليها منذ التاريخ القديم بدأ باحتلالها من قبل الإسكندر المقدوني 334 قبل الميلاد ونهاية بعدوان 2015م واحتلالها من قبل دويلة الأمارات أحدى أدوات المشروع الغربي الانجلو- امريكي، والتي تسعى لإقامة قاعدة عسكرية فيها، خلافا لمحاولة البرتغاليين والهولنديين والفرنسيين والوهابيين على مر التاريخ وحتي احتلتها بريطانيا مع جنوباليمن سنة 1839م وظلت جزيرة سقطرى كبقية مناطق سواحل اليمنالجنوبية والشرقية تحت الاستعمار البريطاني اكثر من 129 سنه لتتحرر في 30 نوفمبر1967م، ولكن المطامع القديمة للاستعمار ظلت تعقد آمالها في اعادة احتلالها عبر أدواتهم في المنطقة. وكأن الرياض ومن خلفها ابو ظبي لم يتعلموا من دروس واحداث الماضي ويتعظوا فسوف يدقعون الثمن باهضا على المدي القريب جراء انخراطهم في المشروع الغربي الاستعماري في احتلال اليمن وتمزيقها, فالشريف حسين بن علي بعد انخراطه في المشروع الأنجلو- فرنسي ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى لتزول دولته وسلطته ونفوذه, وانخراط الرياض والعديد من الدول العربية في المشروع الأمريكي ضد السوفيت في افغانستان في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي. أكبر الجزر جزيرة سقطرى تعد اكبر الجزر العربية في خليج عدن والبحر العربي بعدد سكانها البالغ (441240 ألف نسمة) بحسب التعداد السكاني لعام 2004م فيما تبلغ مساحتها 3650 كم2 لتحتل المرتبة الأولى مقارنة بجزيرة سنغافورة التي لا تزيد مساحتها على 535كم وبعدد سكان 2,8 مليون نسمة, وجزيرة هونج كونج التي تبلغ مساحتها 1034كم2 وسكانها 5, 5مليون نسمة, والبحرين بمساحة 598كم2 بعدد سكانها قرابة 2 مليون نسمة, وجزيرة ديغوغارسيا في المحيط الهندي التي تبلغ مساحتها 45كم2 وجزر العذراء في البحر الكاريبي والتي تتقاسمها امريكاوبريطانيا والتي تبلغ مساحتها 497كم2، وهكذا نجد أن جزيرة سقطرى تتفوق في مساحتها على هذه الجزر مجتمعة (سنغافورة, هونج كونج, البحرين, ديغوغارسيا, جزر العذراء). الانتماء والسيادة (كانت سقطرى جزءا من الممالك اليمنية القديمة التي كانت تمثل الحضارة العربية القديمة وقد سيطرت تلك الممالك في فترات زمنية متتالية على شبه الجزيرة العربية وما حولها وكانت أول تلك الممالك مملكة معين التي عاشت ما بين 1500- 800 قبل الميلاد, وكانت عاصمتها (قرناو) وهي بالجوف اليمن وقد امتد نفوذ المعينيين إلى شواطئ الخليج العربي وجزر بحر العرب التي تعتبر جزيرة سقطرى من أشهرها.. وكانت جزيرة سقطرى الميناء الرئيسي للمعينيين كما كانت لغيرهم من الممالك اليمنية الأخرى.. السبئية والحضرمية والحميرية ومن أشهر تجارتهم اللبان الذي تعتبر جزيرة سقطرى موطنه الأصلي وقد وجد فيها بعض الآثار تعود للدولة الحميرية) (تاريخ جزيرة سقطرى, أحمد بن سعيد الأنبالي )، (وكانت جزيرة سقطرى خاضعة لمملكة حضرموت مع بداية ميلاد المسيح عليه السلام, وكانت من أهم الموانئ لحضرموت خصوصا وأنها تنتج مادة اللبان)، (تاريخ اليمن القديم, محمد عبدالقادر بافقيه)، كانت جزيرة سقطرى في العهود القديمة موقعا استراتيجيا تقام فيه أسواق عالمية حرة لتبادل السلع والصفقات التجارية بين الأمم فقد كان العرب والصينيون والهنود والأفارقة يجتمعون فيها في مواسم مختلفة يتبادلون السلع التجارية, حيث تأتي القوافل بسلعها لتتقاضى بها من منتجات الدول الأخرى والسقطرية منها بوجه خاص كالصبر واللبان وأنواع البخور والعود وغيرها من المنتجات النادرة التي كانت لا توجد إلا في جزيرة سقطرى. فجزيرة سقطرى منذ القديم مرتبطة باليمن من حيث الانتماء والسيادة فعلى الرغم من التنافس الاستعماري عليها والوجود الأجنبي فوق ترابها فترات من الزمان إلا أنها قد حافظت على هويتها اليمنية على اختلاف الدهور ومر العصور.