كاتب متميز للمقال السياسي والأدبي وصحفي متمكن في تحرير الأخبار ومذيع متألق بصوت جهوري ولسان يتقن قراءة الكلمة الفصيحة والجملة والعبارة العربية السليمة من خطأ النطق أو التركيب البنيوي أو الموقع الإعرابي النحوي .. ولن نبالغ إن قلنا أنه أيضا منتج ومخرج تلفزيوني رائع .. هكذا عرفنا الزميل الشهيد العزيز عبدالعزيز يحيى الشيخ نجمًا ساطعًا في سماء الصحافة والإعلام اليمني سخر حياته وبذل قصارى جهده في سبيل أداء واجبه الإعلامي الوطني المقدس والمكرس لإثراء الساحة الوطنية بالكثير من الكتابات والبرامج التلفزيونية والإذاعية والإيفاء الكامل بكافة المسؤوليات الملقاة على عاتقه والمهام المسندة إليه سواء من خلال عمله في صحيفتي "26 سبتمبر واليمن" أو في قطاع الإذاعة والتلفزيون . الزميل الشهيد عبد العزيزالشيخ -رحمه الله- خريج كلية الإعلام - الدفعة التاسعة جامعة صنعاء وأحد الزملاء الذين عرفتهم عن قرب. عملنا معاً سنوات طويلة كانت بدايتها نهاية العام 2006م عند التحاقنا للعمل في مجال الإعلام والتوجيه المعنوي وعرفت الزميل عبدالعزيز الشيخ وتعمّقت بيننا روابط الأخوة والصداقة بشكل أكبر من خلال تنفيذنا للمهام الإعلامية الميدانية المشتركة التي شملت العديد من المواقع والمناطق في مختلف محافظات الجمهورية في باب المندب وفي البيضاء وفي نهم بمحافظة صنعاء ومن صعدة إلى الحديدة وغيرها من المناطق التي طفنا وتنقلنا معًا ومن أجل تنفيذ مهامنا الإعلامية سويا بين جبال اليمن ووديانها وصحاريها ومياهها. مواقف أخلاقية وإنسانية كثيرة للزميل الشهيد عبدالعزيز لا تزال عالقة في ذهني ولا أستطيع أن أنساها أتطرق هنا إلى واحد منها وهو خلال نزولنا الميداني إلى جبهة نهم في منتصف سبتمبر من العام 2016م لغرض تنفيذ مهمة التغطية الإعلامية لأحداث المواجهات العسكرية التي كانت جارية هناك في ذلك الحين ومن أجل تنفيذ المهمة مكثنا هناك قرابة عشرة أيام تقريبًا. وقبل انتهاء المهمة كانت لنا زيارة لأحد المواقع في المجاوحة برفقة الزميل محمد عباس السياني ومعنا المصوران محمد النهمي ومروان دخان. وخلال المهمة تعرضنا للاستهداف من قبل العدو بصاروخ كورنيت ما أدى إلى استشهاد أربعة وجرح بقية طاقم الفريق فيما نجوت أنا والزميل عبدالعزيز والزميل محمد السياني والمصورين من الموت بأعجوبة وعقب الاستهداف تفرّقنا كلٌّ في اتجاه، لكن سرعان ما سمعت الزميل عبدالعزيز الشيخ ينادي بأعلى صوته بأسماء الزملاء الذين كانوا قد أُصيبوا ولم يتمكنوا من الابتعاد عن مكان الاستهداف وتحركنا معا للبحث عنهم . هذا الموقف جسّد شجاعة وإقدام الزميل عبدالعزيز الذي كان كل همه آنذاك رغم جراحه هو البحث عن الزملاء وإنقاذ المصورين اللذين كانت إصابتهما بالغة ولم يتمكنوا من الحركة. مرت الأيام والسنوات ونحن نعمل معًا ولا يكاد يمر يوم دون أن نلتقي أو نتواصل عبر الهاتف .. كانت أياما حافلة بالكثير من الذكريات والمواقف التي جمعتنا على مستوى مقر العمل أو خارجه. وعلى الرغم من طبيعة العمل الإعلامي الذي ارتبط به الزميل عبدالعزيز فقد كان له همته العالية وعزمه الكبير على مواصلة الدراسات العليا في جامعة صنعاء وكان على وشك مناقشة رسالة الماجستير في الإعلام إلا أن آلة الموت الصهيونية طالته مع عشرات الزملاء في ال 10 من سبتمبر الجاري باستهداف مقر صحيفتي 26 سبتمبر واليمن الذي دمر بشكل كامل بغارات وحشية تسببت بمذبحة غير مسبوقة في تاريخ الصحافة . قبل الفاجعة بساعات صباح يوم الأربعاء الدامي الذي حدثت فيه الجريمة كان أول اتصال تلقّيته هو من الزميل عبدالعزيز الشيخ الذي طلب مني الحضور إلى الصحيفة. وعند الوصول، قابلته وإذا به يطلب مني تسجيل لقاء تلفزيوني معي لقناة "الاتجاه"، التي كان قد تحدّث إليها قبلي حول عمليات القوات المسلحة اليمنية الأخيرة المساندة لفلسطين. دون سابق إنذار شاءت إرادة الله أن يرحل الزميل عبدالعزيز الشيخ الإعلامي والإنسان في كل مواقفه والشهم والكريم والعظيم بمواقف إحسانه إلى الناس ممن يستحقون مد يد العون والمساعدة .. ودّعنا الزميل عبدالعزيز الشيخ وهو في قمة العطاء الإعلامي ويقترب من نيل درجة الماجستير في الإعلام . فارقنا وهو لا يزال يحلم بتحقيق الكثير والكثير من الأماني والآمال التي راودته وكان يبوح بها بين الفينة والأخرى .. لكن كانت الشهادة هي من تنتظر عبدالعزيز ليلحق بركب شهداء الكلمة، وصنّاع الرأي والشهود على ما يحصل في فلسطينواليمن من جرائم مروّعة بحق المدنيين على أيدي العصابات الصهيونية المارقة. كثيرة هي المواقف والأدوار التي قدّمها الزميل عبدالعزيز خلال مسيرته العلمية والعملية حتى ارتقى شهيدًا خالدًا إثر الاستهداف الإرهابي الصهيوني الذي نسف مبنى الصحيفتين بعشرات الأطنان من القنابل الأمريكية الفتاكة. جراحات وآهات تعتصر القلوب لفقدان زملاء أعزاء غادروا مبكرًا دنيانا الفانية.. في العدد القادم سنتناول بعض من جوانب سيرة وعطاء شهيد وزميل آخر هو الباحث التاريخي والكاتب المتميّز الزميل الشهيد علي الشراعي. رحم الله الزملاء الشهداء وتغمّدهم بواسع الرحمة والمغفرة... على دربكم سائرون أيها العظماء .. ولا نامت أعين الجبناء.