كشفت التقارير الإعلامية مؤخرًا أن دولة الإمارات تقف خلف ما يجري في مدينة الفاشر السودانية من مجازر دموية راح ضحيتها مئات المدنيين من أبناء المدينة، في تكرارٍ للجريمة التي ارتكبتها سابقًا في مدينة عدناليمنية وغيرها من المحافظاتالمحتلة. لقد اتضحت الصورة الآن لكل ذي بصيرة بأن ما تقوم به الإمارات في السودان ليس سوى جزء من مخطط خبيث يرمي إلى تفكيك هذا البلد العربي الكبير وتقسيمه إلى دويلات متناحرة، تمامًا كما فعلت في اليمن، حين عملت على تقسيمه وزرع الفتن بين أبنائه خدمةً للمصالح الأمريكية والصهيونية. فالإمارات لا تتحرك بدافعٍ ذاتي، وإنما تنفذ أجندات قوى الاستكبار العالمي، مستخدمةً أدواتها في المنطقة من ميليشيات ومجالس انفصالية لتدمير الدول العربية من الداخل..ما يجري في الفاشر اليوم من اقتتالٍ دموي وحصارٍ خانق للمدنيين ليس بعيدًا عن بصمات الإمارات، فهي الداعم الرئيس لقوات الدعم السريع، تمدّها بالمال والسلاح والإمدادات اللوجستية، وتوفر لها الغطاء السياسي والإعلامي لتبرير جرائمها ضد الإنسانية. إن دعمها لهذه الميليشيات لم يتوقف حتى بعد انكشاف أمرها للعالم، لأنها تعتبر نجاح هذه القوى الانفصالية ضمانًا لمصالحها الاقتصادية المرتبطة بالذهب السوداني وبالموانئ في البحر الأحمر. وما يثير الاستغراب أن الإمارات التي ترفع شعار "السلام" وتتباهى أمام العالم بمشاريعها الإنسانية، هي ذاتها التي تزرع الموت والدمار في اليمن والسودان وليبيا، وتشارك في جرائم حرب واضحة تخالف كل القوانين الدولية. بل إنها تجاوزت كل الحدود عندما استقدمت مرتزقة أجانب للقتال في صفوف ميليشياتها في اليمن والسودان، مستغلةً حاجة بعض الدول الإفريقية للمال لتجنيد أبنائها في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل. لقد أثبتت الأحداث أن الدور الإماراتي في المنطقة لم يكن يومًا من أجل الاستقرار أو التنمية، بل من أجل السيطرة والتوسع عبر أدوات خبيثة ظاهرها المساعدات وباطنها الاحتلال الناعم، مستخدمةً شركاتها ومؤسساتها كغطاء لأنشطة استخباراتية واقتصادية مشبوهة. وما وجودها في الموانئ اليمنية والسودانية إلا تأكيد على ذلك، إذ تحاول السيطرة على خطوط التجارة الدولية وممرات النفط والذهب لصالح الكيان الصهيوني والولايات المتحدة. إن ما يجري في الفاشر هو نسخة جديدة من السيناريو الذي نفذته في عدن، من تمويل للفوضى، وتجنيد لمرتزقة محليين، ودعم لمشاريع تقسيمية تهدف إلى ضرب النسيج الوطني. وما لم يتدارك السودانيون الموقف سريعًا فإن بلادهم ماضية نحو هاوية خطيرة، كما حدث في اليمن الذي ما زال يعاني من آثار الاحتلال الإماراتي والسعودي حتى اليوم. في المحصلة، يتكرر المشهد ذاته: الإمارات تزرع الفوضى، ثم تتظاهر بالوساطة والسلام، بينما الحقيقة أنها هي من أشعلت النار منذ البداية. وها هي اليوم تنقل تجربتها الإجرامية من عدن إلى الفاشر، غير آبهةٍ بدماء الأبرياء أو استقرار الشعوب. فإلى متى سيبقى العالم يتفرج على جرائمها دون محاسبة؟ ومتى يدرك العرب أن هذا الكيان الصغير أصبح خنجرًا مسمومًا في خاصرتهم، يتحرك بأوامر خارجية ليخدم أجندات استعمارية تستهدف الأمة بأسرها؟